أكرم القصاص

صناع الحياة تجار الكلام.. بـ«اللايكات والشيرات»

الأربعاء، 06 سبتمبر 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عصر المعلومات، ليس كل ما يباع فيه معلومات، هناك الكثير من الأكاذيب، والبضائع المزيفة والكلام الفارغ، وفى التسويق لا يفرق البعض بين تسويق وجبات وسيارات وأسلحة وأشخاص وأفكار، ينطبق عليها ما ينطبق على أى سلعة. 
 
ومثلما تسهل أدوات التواصل من فيسبوك وتويتر وأخواتها عرض منتجات وسلع طبيعية، تقدم أيضا أشخاصا وأفكارا وسلعا مضروبة ومزيفة، ويصعب على كل الناس التفرقة بين الحقيقى والمزيف فى السلع، هناك أيضا ضحايا لمن يبيعون الهواء ومن يدهنون الهوا دوكو، أو يعبئون الشمس فى زجاجات، فعلا وليس مجازا.
 
وقد تكون الصدفة وراء كشف وتعرية الداعية الممثل، وربما يرى البعض أن عمرو فشل هذه المرة فى أداء مشهد تمثيلى من أمام الكعبة، وأنه كان يريد استعمال أدوات التواصل فى تسويق مشروعه إلى جمهور فيس بوك وتويتر، يعرف أنه يخاطب جمهورا منهم من يصدق التمثيل الردىء. 
 
كان عمرو يخاطب صناع اللايكات والشير وسكان التايم لاين، وعابرى الإنبوكس، فإذا كان عمرو انكشف هذه المرة، فقد نجح عشرات ومئات المرات فى كسب عقول وقلوب ملايين الشباب، وظل نجما لسنوات حتى لو كان البعض يراه مفتقدا للأدوات اللازمة، أو أنه يقدم بضاعة مستهلكة.
 
القصة هنا لا تتعلق بعمرو أو زيد وإنما تتعلق بنوع من البيزنيس راج لعقود وما يزال، يقوم على تجارة الكلام، ويتعلق بالعقيدة والدين والأخلاق، وبالتالى فهى بضاعة تجد زبائنها، وهناك دائما من ينتظرها ويبحث عنها. 
 
كان عمرو خالد واحدا من أوسع ظاهرة الدعاة، وهم قطاع ليس لديهم الكثير ليقدموه، غير عدد من القصص والحكايات، ليس لأغلبها أصل ولا فصل، ولكنها حكايات منقولة ومن كثرة التكرار أصبحت واقعا يتصور من يسمعها أنها حقائق، وبعضها يفتقد إلى المنطق والعقل، أو هى قصص منقولة من كتب لما يسمى التنمية البشرية، وهى مناهج تمثل المقابل الاجتماعى للمنتجات الدينية. 
 
وتكفى نظرة واحدة على أعداد القنوات الفضائية التى تقدم الدين كسلعة، بينما هى فى الواقع تقدم مواد مغشوشة، بهدف تحقيق كسب مادى، وبشكل لا يختلف عن قنوات الطبخ أو الأفلام، بل إن بعضها يسهم فى نشر الطائفية والكراهية بين أصحاب الديانات المختلفة، وبين المذاهب. 
 
جولة واحدة على التايم لاين لفيس بوك أو يوتيوب تكفى لمعرفة حجم الجرائم التى يرتكبها تجار العقائد، فى نشر الكراهية والطائفية والتلاعب بعقول العامة ودفعهم لكراهية إخوتهم فى الإنسانية، بل وربما فى الدين. 
 
ومن المدهش أن يطلق هؤلاء على أنفسهم لقب العالِم، وهم ليسوا أكثر من ماكينات تطلق حكايات وأحكاما فيما يعلم هؤلاء ولا يعلمون، ولا يحق لهم أن يسموا أنفسهم علماء، وهم مجرد تجار كلام جمعوا الملايين من تجارتهم الفاسدة وفى الطريق لهذه الملايين قتلوا ملايين آخرين بسلاح الطائفية والكراهية.
 
وبقدر ما يمكن لتجار الكذب ترويج بضائعهم على مواقع التواصل، فإن نفس الأدوات تسهم فى كشف أكاذيبهم وبضاعتهم المزيفة، ولهذا فقد بدأ هؤلاء بتحريم استعمال الإنترنت، لكنهم سرعان ما وجدوا فيه ضالتهم لتسويق أى سلع حتى لو كانت فاسدة ومزورة، ولا يعنى أن تكون هناك حملات ومنتجات تزعم صناعة الحياة، بينما هدفها صناعة المال باللايكات والمشاركة والعنعنات، وقد يكون عمرو مجرد حالة من كثيرين لا يقدمون أدوارهم بغرض التسلية وإنما بيع الوهم لمن يدفع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة