تمكنت الأجهزة الأمنية خلال الفترة الماضية من ضبط عشرات القضايا الجنائية متهم فيها موظفين عموميين، وانحصرت هذه الجرائم فى قضايا اختلاس وتلقى رشاوى والتزوير فى أوراق رسمية والإضرار بالمال العام، ما يجعل الموظف المخالف يواجه الحبس والعزل من الوظيفة جنائيا، والفصل من الوظيفة تأديبيا.
قضايا الرشوة
فى مطلع يونيو من العام الجارى، تمكنت الأجهزة الأمنية، من ضبط مدير عام الحجر البيطرى بمطار القاهرة لطلب وتقاضى 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة من إحدى شركات القطاع الخاص، مقابل تسهيل إجراءات الإفراج البيطرى، عن رسائل اللقاحات والأمصال البيطرية الواردة للشركة من الخارج.
وفى نهاية شهر مايو الماضى، تمكنت الجهزة الرقابية من ضبط وكيل كلية التربية الرياضية ومدرس مساعد بجامعة بنها بتهمة تلقى رشوة من طلاب الدرسات العياب بالكلية، لتمكينهم من الحصول على درجة الدكتوراة، وتبين أن المتهمين تقاضوا رشوة من 3 طلاب عبارة عن مبالغ مالية تتراوح ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه من كل طالب، مقابل سرقة محتوى علمى من احد الأبحاث العلمية السابقة، وعلى أن يقوم الطالب بمناقشته والحصول على درجة الدكتوراه.
من بنها إلى القاهرة، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على خبير محكمة شمال القاهرة، بتهمة تقاضى رشوة، نظير تقديره تعويضا ماليا لمتقاضين فى إحدى القضايا المتداولة بالمحكمة.
وعن عقوبة الرشوة يقول الدكتور وليد وهبة المحامى، إن الباب الثالث من الكتاب الثانى فى قانون العقوبات أشتمل على جريمة الرشوة والجرائم الأخرى المحلقة بها اعتباراً من المادة 103 وحتى المادة 111، وقد وضعت المادة 103 الإطار العام لجريمة الرشوة وصدرت مفهوم المرتشى بقولها "كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا".
وأضاف "وهبة" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن جريمة الرشوة فى حال ثبوتها تصل عقوبتها إلى السجن المشدد كما جاء بالمادة 104 من ذات القانون.
جرائم الاختلاس
الاختلاس فى أبسط صورة هو فعل من أفعال الاستيلاء غير الشريف أو الاحتيال، وقيام الموظف بالاستيلاء على أموال جهة عمله بشكل سريع، ففى حلوان ضبطت شرطة البريد موظفا اختلس 361 ألف جنيه من أموال العملاء عن طريق التلاعب بالأوراق، والتوقيع بدلا من العملاء لصرف مبالغ مالية لنفسه دون وجه حق.
وفى أغسطس الماضى، ألقى ضباط مباحث البريد بأسيوط، القبض على متهم متورط بالاشتراك مع موظف بريد معاشات أسيوط فى الاستيلاء على 25 مليون جنيه من حسابات المودعين، وتوصلت اللجنة المكلفة بفحص ومراجعة المستندات بمكتب بريد أسيوط "المعاشات" إلى تورط المتهم "أحمد.ك.أ" موظف بمكتب بريد أسيوط وآخر بالاستيلاء على الأموال.
وعن جريمة الاختلاس، يقول سيد الأصيل المحامى بالنقض، إن الاختلاس هو صورة مشددة من جريمة خيانة الأمانة، والتى تصل عقوبتها للسجن.
وأضاف "الأصيل" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أنه توجد 3 شروط إذا أقرنت بالاختلاس ترفع العقوبة للسجن المؤبد، وهى إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة، وإذا كان الجانى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له، أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة، وسلم إليه المال بهذه الصفة، أو إذا ارتكبت جريمة الاختلاس فى زمن حرب، وترتب عليه الإضرار بمراكز البلاد الاقتصادى.
التزوير فى الأوراق الرسمية
ففى محافظة الفيوم، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على أمين مخزن بمديرية التربية والتعليم، لاتهامه باستخراج محررات رسمية مزورة منسوب صدورها للمديرية وبيعها لراغبيها.
وفى طلخا، تباشر النيابة العامة التحقيق مع أمين الحفظ بقسم القلم الشرعى بمحكمة طلخا، لتزويره فى أوراق رسمية مقابل مبالغ مالية، وقيامة بتحويل الزواج العرفى إلى رسمى.
وعن عقوبة تزوير الأوراق الرسمية، يقول الدكتور وليد وهبة، إن جرائم تزوير الموظف العام لأحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية سواء بوضع الأختام أو أمضاءات مزورة أو بزيادة كلمات، يوقع بالموظف تحت طائلة القانون، ويواجه عقوبة السجن.
جرائم أخرى
كما توجد مجموعة من الجرائم قد يرتكبها أصحاب النفوس الضعيفة من الموظفين العموميين، منها جريمة التعدى على العقارات العامة، والتى تصل عقوبتها للسجن طبقا للمادة 119 عقوبات، وجريمة إتلاف المال العام، والتى تصل عقوبتها للسجن المشدد، وجريمة تسخير العمال، والتى تصل عقوبتها للسجن المشدد كما جاء بالمادة 117 عقوبات.
ومن جانبه، يقول المستشار الدكتور إسلام إحسان نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، إن المحاكم الجنائية لا تغنى عن المحاكم التأديبية فى معاقبة الموظف العام الذى يرتكب جرما، فالموظف العام يسأل تأديبيا بالإضافة إلى المسائلة الجنائية، وتتولى النيابة الإدارية التحقيق معه وإحالته إلى المحكمة التأديبية التى تتقيد فى حكمها بالحكم الجنائى الصادر ضد الموظف فى أحوال معينة.
وأضاف "إحسان"، أنه فى حال إدانة الموظف جنائيا، فإن حكم الإدانة يقيد المحكمة التأديبية فلا يجوز معاودة البحث عن ثبوت الجريمة ومسئولية الموظف عن ارتكابها من عدمه بعد أن أثبت الحكم الجنائى بالإدانة، ويقتصر دور المحكمة التأديبية على توقيع العقوبة التأديبية، والتى قد تصل إلى الفصل من الخدمة، وحكم الفصل التأديبى لا يتعارض مع الحكم الجنائى بالعزل، ففى حال إلغاء الحكم بالعزل الجنائى من محكمة النقض أو عند إعادة المحاكمة الجنائية، فلا يؤثر ذلك على حكم الفصل التأديبى المستقل عنه تماما.
ونوه نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية عن أن الحكم التأديبى بالفصل يختلف عن حكم العزل الجنائى من حيث مدى جواز إعادة تعيين الموظف مرة أخرى فى الوظائف العامة، إذ لا يجوز شغل الموظف المفصول بحكم تأديبى فى وظيفة عامة، إلا بمضى 4 سنوات من تاريخ الحكم التأديبى، وهو ما لا يتوفر فى حكم العزل الجنائى.
وأكد أن الحكم الجنائى ببراءة الموظف يقيد المحكمة التأديبية فى حالتين، إذا كان سبب البراءة الجنائية انتفاء مسئولية المتهم يقينا عن الجريمة أو ثبوت أن غيره ارتكب الجريمة، ففى هاتين الحالتين لا يجوز للمحكمة التأديبية إدانة الموظف المتهم عن هذه الجريمة التى نفى وقوعها أو نفى الحكم الجنائى مسئوليته عنها، ومن ثم يلتزم الحكم التأديبى بالبراءة الجنائية، أما إذا كان الحكم الجنائى بالبراءة بسبب عدم كفاية الأدلة، أو عدم اطمئنان المحكمة الجنائية بالأدلة، أو عدم اكتمال أركان الجريمة الجنائية، ففى هذه الحالة لا يتقيد القاضى التأديبى بحكم البراءة الجنائية، إنما يملك إدانة الموظف تأديبيا ومجازاته عن ذات الجريمة بجزاء تأديبيى رغم صدور حكم جنائى ببراءته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة