مدد الرئيس الأمريكى للمرة الأخيرة قانون تخفيف العقوبات عن إيران، فى قرار انتظرته الأخيرة طويلا عقب رفض دونالد ترامب فى أكتوبر العام الماضى التصديق على التزامها بالاتفاقية النووية التى أبرمتها طهران مع القوى الغربية فى عام 2015 ويعتبرها الأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية دون أن يعلن انسحاب أمريكا منها.
وبموجب قرار ترامب، تظل العقوبات مرفوعة عن إيران لمدة 120 يوما، حيث وفقا لبنود الاتفاق ينبغى على الرئيس الأمريكى أن يوقع على تجميد العقوبات عن طهران كل 120 يوم، الأمر الذى سوف يمكن الرئيس الأمريكى من السعى لإدخال تعديلات على بنودها، وهو ما ترفضه طهران جملة وتفصيلا، وقال ترامب، إن الاتفاق النووى مع إيران يتضمن "عيوبا هائلة"، معتبرا أن تمديده لتجميد العقوبات هذه المرة يمثل "آخر فرصة" لتعديل الصفقة، التى انتقدها مرارا وتكرار فى وقت سابق.
ترامب
وسيحأول ترامب استمالة الدول الأوروبية أو الأطراف الموقع على الاتفاقية، والتى تعارض إنهاء الاتفاق، ومعها الصين وروسيا، وقال إن التفأوض بشأن الاتفاق النووى لن يكون مع إيران وإنما مع الأوروبيين، الولايات المتحدة لن تمدد مرة أخرى تجميد العقوبات من أجل البقاء داخل الصفقة النووية مع إيران فى حال عدم التوصل إلى اتفاق حول ذلك، وتابع "سأنسحب فورا من الصفقة إذا شعرت فى أى لحظة أن هذا الاتفاق (حول تعديلها) لا يمكن تحقيقه".
وتابع الرئيس الأمريكى: "يجب ألا يشك أحد فى كلامى، لقد قلت سابقا إننى لن أؤكد تطبيق الاتفاق النووى (من قبل إيران)، ولم أفعل ذلك، وسأفى بهذا الوعد. أدعو الدول الأوروبية المحورية للانضمام إلى الولايات المتحدة فى شأن تعديل العيوب الهائلة لهذه الصفقة، فى خطوة تعارض عدوان النظام الإيرانى، وتدعم الشعب الإيرانى. وإذا لم تكن الدول الأخرى قادرة على العمل الآن، فسأنهى الصفقة مع إيران".
وأكد الرئيس الأمريكى فى بيأنه السعى للربط بين برنامج إيران النووى وتطويرها الصواريخ الباليستية.وقال "من الضرورى أن يثبت قانونيا فى التشريع الأمريكى المبدأ الذى يشير إلى أن برامج تطوير صواريخ طويلة المدى والأسلحة النووية لا يمكن فصلها".
وشدد ترامب على أن "إيران قامت بتطوير واختبار للصواريخ يجب معاقبتها من خلال فرض عقوبات قاسية".
وفى قرارا أمريكى أخر جديد ومنفصل، فرضت وزارة الخزانة عقوبات جديدة تستهدف 14 من الأفراد أو الكيانات الإيرانية بسبب "انتهاك حقوق الإنسان"، واستهدفت خصوصا رئيس السلطة القضائية صادق لاريجانى.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية فى بيان إن لاريجاني، وهو حليف مقرب من المرشد على خامنئي، وينظر له بشكل واسع على أنه الرجل الثانى فى النظام، "مسئول عن إصدار أوامر بسلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان بحق أفراد فى إيران من المواطنين أو المقيمين، أو (مسئول) عن التحكم فيها أو توجيهها". فى وقت كان يدعو فيه البيت الأبيض طهران بالافراج عن المحتجين المعتقلين خلال موجة الإحتاجاجات الأخيرة.
وشملت الإجراءات الأمريكية الجديدة فرض عقوبات على خلفية برنامج إيران العسكرى، فقد طالت مواطنا صينيا بسبب تصرفه نيابة عن شركة مشمولة بالعقوبات بسبب تعاملها مع شركة إيرانية "يملكها أو يسيطر عليها" الجيش. كما طالت شركة أخرى، مقرها الصين، والشركة الإيرانية التى سعت لتزويدها بمكون كيميائى يستخدم فى نقل الإشارات الكهربية.
الرئيس الأمريكى vدونالد ترامب
طهران ترفض المساس بالاتفاق النووى
أما طهران التى عملت على حشد أوروبى كبير إلى صفها عشية قرار ترامب، جددت رفضها لإدخال أية تعديلات على الاتفاق، على لسان وزير خارجيتها ، حيث اعتبر محمد جواد ظريف، أن إعلان الرئيس الأمريكى عن تمديده لتجميد العقوبات ضد إيران فى إطار الاتفاق النووى لآخر مرة محأولة يائسة لتقويض هذه الصفقة.
وقال ظريف، فى تغريدة نشرها مساء اليوم الجمعة على حسابه الرسمى فى "تويتر": إن سياسة ترامب والإعلان، الذى قام به اليوم، محأولات يائسة لتقويض الاتفاق الصامد متعدد الأطراف التى تنتهك بالتعمد بنوده 26 28 و29".
وشدد ظريف على أن "خطة العمل المشتركة الشاملة غير قابلة للمراجعة"، مؤكدا أن "الولايات المتحدة يجب عليها، بدل تكرار الخطاب القديم، الالتزام الكامل (بهذه الوثيقة)، مثلما فعلت إيران".
من جانبها أكدت الخارجية الإيرانية فى بيان لها قائلة أن إيران لن تتخذ أى خطوة تتجاوز التزاماتها النووية ولن توافق على إدخال أى تعديل على الاتفاق حاضراً أم مستقبلاً.
جواد ظريف
سيناريوهات تحكم مصير الصفقة النووية
ويبدو أن الإدارة الأمريكية قد تحسم موقفها خلال الثلاث أشهر المقبلة، بما يعنى أن مصير الصفقة النووية سيكون على المحك، لكن يمكن رسم سيناريوهات المعركة النووية بين واشنطن وطهران القادمة، السيناريو الأول سكون منوط بدرجة اقناع الولايات المتحدة لشركاء طهران من الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاقية النووية، وسوف تستند الإدارة الأمريكية فى هذا السيناريو على أرضية مشتركة تحأول من خلالها اقناع الأوروبيين، وتتمثل هذه الأرضية فى المخأوف التى يشترك فيها البلدان الأوروبية مع واشنطن تجاه "برنامج الصواريخ الباليستى الإيرانى"، وقد يتمكن ترامب من اقناعهم عبرها بتعديل بعض بنود الاتفاق النووى، عندها سيخير طهران إما بقاء الولايات المتحدة وتجميد فرض العقوبات بشرط تعديل بنود الاتفاق، أو انسحاب الولايات المتحدة، الغاء الصفقة النووية، وإعادة العقوبات الأمريكية مجددا وكأن الاتفاق لم يكن.
أما السيناريو الأخر، فقد تتمكن طهران من إقناع شركائها الأوروبيين بفصل الاتفاق النووى عن برنامج الصواريخ الباليستى، واستغلال كارت الوثيقة الدولية (الاتفاق) الموقع عليه 6 أطراف، وفى حال رفض الأوروبيين الاصطفاف إلى جانب ترامب، قد تنسحب الولايات المتحدة منه، لكن الأطراف الأخرى ستعتبر انسحابها غير مؤثر على الاتفاق، والسيناريو الأخير هو انسحاب واشنطن حال عدم نجاحها فى اقناع الأوروبيين، وتنفيذ طهران تحذيراتها ونسف الاتفاقية النووية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة