فى تصعيد متبادل بين فصائل المقاومة الفلسطينية ومن بينها حركة حماس، وإسرائيل، كشف جيش الاحتلال عن تدميره نفقا حدوديا يمر عبر حدود قطاع غزة مع إسرائيل ومصر، فى الوقت الذى تحاول فيه الدولة المصرية تثبيت أركان المصالحة التاريخية، التى استطاعت من خلالها طى صفحة الخلافات بين حركتى فتح وحماس ليبدأ الجانب الفلسطينى منذ نهاية العام الماضى بناء مؤسساته الوطنية تحت إدارة سياسية موحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفى الوقت الذى أعلنت فيه حركة حماس التزامها بالتهدئة، وبعد قرابة شهرين على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وما تبعه من احتجاجات فى الضفة والقطاع، أقدم جيش الاحتلال على إعلان تفاصيل هدم النفق المزعوم صباح اليوم الأحد، دون تعليق من جانب الحركة أو الحكومة الفلسطينية.
اتهامات إسرائيلية والتصعيد يهدد المصالحة
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، كولونيل جوناثان كونريكوس إنه تم تدمير نفقا يستخدم فى هجمات عبر حدود غزة مع إسرائيل ومصر، حفرته حركة المقاومة الفلسطينية، حماس، التى تدير القطاع.
وأضاف جوناثان كوريكوس فى تصريحات صحيفة: "ندرك أن هذا نفق إرهاب لأنه يمر تحت منشآت استراتيجية"، فى إشارة إلى أحد المواقع العسكرية للجيش، محاولا إلصاق الأمر بالتعرض إلى خطوط أنابيب الغاز والوقود، قائلا: "ربما يكون أسهم أيضًا فى نقل إرهابيين من قطاع غزة إلى مصر".
بينما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فى تقرير لها كتبه "رون بن ياشى" محرر الشئون العسكرية، إن أى تصعيد عسكرى من قبل إسرائيل تجاه حماس سيمثل ضربة مباشرة للمصالحة الفلسطينية التى ترعاها القاهرة، والتى اجتمعت بالفصائل الفلسطينية على مدار شهور فى القاهرة وقطاع غزة، مشيرا إلى أن النفق الذى تم تدميره كان يستخدم ـ على حد زعمه ـ لنقل الصواريخ من إيران إلى قطاع غزة لتوجيه ضربات ضد إسرائيل.
أنفاق غزة
الأنفاق.. تاريخ طويل لممرات الفصائل السرية
وتشكل الأنفاق الحدودية مصدر قلق كبير لمصر وإسرائيل على حد سواء، وتحديدا تلك المنطقة من داخل قطاع غزة، حيث تستخدمها حركة حماس فى التحرك بحرية تحت الأرض ومن ثم الظهور على الأطراف الأخرى للأنفاق، واستهداف مدن الدولة العبرية بالصواريخ، وعلى الصعيد ذاته، يهدد الأمن القومى للقاهرة، إذ تستغل العناصر الإرهابية لذات الأنفاق، فى التسلل إلى داخل الأراضى المصرية، ومن ثم تنفيذ العمليات الإرهابية فى شمال سيناء، وهو ما واجهته قوات إنفاذ القانون المصرية بخطة متكاملة لتدميرها وهو ما أسهم فى الحد من تسلل العناصر الإرهابية.
وفى الوقت الذى تنفذ فيه الدولة المصرية، حملة قوية لتدمير الأنفاق النافذة من داخل الأراضى الفلسطينية، وصولا إلى سيناء، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار على الحدود الشرقية، تعهدت حركة حماس فى مناسبات عدة بالسيطرة على هذا الملف مؤكدة حرصها على الأمن القومى المصرى فى ظل ما تواجهه الدولة المصرية من تحديات.
ومنذ منتصف عام 2015، بدأت السلطات المصرية فى وضع خطة شاملة للسيطرة على شبكة الأنفاق المنتشرة أسفل حدودها مع قطاع غزة، وفى أكتوبر بدأت فى إقامة المنطقة الحدودية العازلة بعمق يزيد على 1500 متر على طول الشريط الحدودى.
وشكلت الأنفاق الحدودية أحد أخطر الثغرات التى مكنت العناصر الإرهابية من التسلل إلى داخل سيناء فى الفترة التى تلت ثورة 25 يناير، وما تبعها من انفلات أمنى وارتباك على جبهات عدة واضطرار قوات إنفاذ القانون للتدخل فى عمليات حفظ الأمن داخل الحدود.
أنفاق
ثغرة للتصعيد الإسرائيلى
وطالما اتخذت سلطات الاحتلال الأنفاق ذريعة للتصعيد ضد الفلسطينيين، ففى أكتوبر الماضى، فجرت سلطات الاحتلال نفقا يمتد على الشريط الحدودى جنوب قطاع غزة، ما أسفر عنت مقتل 3 قياديين فى حركتى حماس والجهاد الإسلامى، بخلاف إصابة 11 فلسطينيا.
وتحقق إسرائيل، نتائج دقيقة فى استخدام الأنفاق وتدميرها، بسبب اعتمادها على نظام جديد يجمع ما بين الاستشعار الذكى، وخوارزميات متطورة، لتحليل البيانات، للوصول إلى مواقع الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة، وإسرائيل.
وتوصل الاحتلال الإسرائيلى، إلى تلك التقنية الحديثة من تحليل البيانات ورصد مواقع الأنفاق – وفق صحيفة يديعوت أحرونوت – بعدما استثمرت مليارات الشواكل، وأجرت تجارب لا تحصى ضد الأنفاق، وإلى جانب الأساليب المتطورة والحديثة التى تمتلكها قوات الاحتلال الإسرائيلية، تعتمد أيضا دولة الاحتلال، بنسبة كبيرة على جهودها للانتهاء من بناء الجدار الخرسانى فى عمق الأرض، وفوقها، على الحدود بين قطاع غزة، وإسرائيل، بدعوى مواجهة خطر الأنفاق، فرغم التطور الكبير للنظام الحديث، إلا أن نسبة نجاحه لازالت غير مضمونة بنسبة 100%.
أنفاق
وفيما يتعلق بالنظام الإسرائيلى الحديث لاكتشاف وتدمير الأنفاق، فإنه طور من قبل شركة إسرائيلية، ويعتمد أساسا على الاستشعار الدقيق، وتحليل المعلومات، وصولا إلى القرار "بوجود نفق أم لا"، واللافت فى هذا النظام أنه نجح فى تجاوز واحدة من أهم نقاط الضعف فى الأنظمة التى استخدمت سابقا، وهى مصداقية إشارات الإنذار، وهنا توضح الصحيفة الإسرائيلية، أنه نظرا لكون المنطقة الحدودية تعج بحركة الآليات الثقيلة يوميا، من حاملات الجنود ودبابات الجيش إلى تراكتورات المزارعين، فإن أجهزة الاستشعار التى تم استخدامها فى الماضى لم تكن قادرة على تحديد الحركة تحت الأرض، وهو ما أدى فى الكثير من الأحيان إلى عمليات تفتيش تستند إلى إنذارات كاذبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة