عقب ثورة يناير تداولت اتهامات لمدير مكتبة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سراج الدين فى تلك الفترة عن وجود فساد واستغلال للسلطة فى المكتبة وخرج العشرات من الموظفين فى وقفات احتجاجية كباقى مؤسسات الدولة فى تلك الفترة للمطالبة بحقوقهم واستمرت القضية فى المحاكم حتى حكمت ببراءته وجميع المتهمين فى القضية لتكون ناصفاً له ولتاريخه العلمى وتكريما لما قدمه فى خدمه مكتبة الإسكندرية منذ افتتاحها وحتى نهاية عمله فيها.
وأصدرت محكمة جنح مستأنف باب شرق فى الدائرة 20، حكمها فى القضية برئاسة المستشار طاهر الخراشى رئيس المحكمة، وعضوية المستشار عمر فؤاد الرئيس بالمحكمة، المستشار محمد جودة، القاضى بالمحكمة، مريم أمين وكيل النيابة، وأمين سر وليد جادو، بصدور الحكم فى القضية رقم 8411 لسنة 2012 جنح باب شرقى والمستأنفة برقم 34000 لسنة 2017 مستأنف شرق ضد محمد إسماعيل أنيس سراج الدين، يحيى محمد صبحى، أشرف محمد على مهدى، محمد يوسف أحمد السماك.
اتهامات النيابة
وكانت قد أسندت النيابة العامة إلى المتهمين انهم فى غضون الفترة من عام 2001 حتى عام 2010 بدائرة قسم باب شرق محافظة الإسكندرية قيام المتهم الأول بصفته موظفاً عاماً " مدير مكتبة الإسكندرية" تسبب بخطئه فى الحاق جسيماً بأموال ومصالح جهة عمله بأن أساء استعمال السلطة المخولة له وخالف القوانين واللوائح بعدم إسناده ثمة واجبات وظيفية لعدد مائة عشر موظفه دائما بالمكتب تتوافر لديهم الخبرات الفنية اللازمة للعمل بها رغم صرفهم لكافة مستحقاتهم المالية خلال الفترة سالفة البيان بمقدار عشرين مليونا وسبعمائة وستة وثلاثين ألفا وستمائة وثلاثين جنيها وسبعة وأربعين قرشا، ولإصداره عدة قرارات للعاملين الدائمين بالمكتبة دون مسوغ قانونى من شأنها تقديم عدد أربعة وأربعين موظفا دائماً بالمكتبة استقالتهم وإعادة تعيينهم بطريق التعاقد وصرفهم لمرتبات بذات الصفة لمبالغ مالية تزيد عما كان يتعين صرفه لهم بمبلغ اثنى عشر مليونا ومائتى وثلاثة وأربعين ألفا وستة جنيهات وخمسة وعشرين قرشا، مما ترتب على ذلك ضرر جسيما بأموال المكتبة بمقدار المبلغين سالفى البيان على النحو المبين بالتحقيقات.
مكتبة الإسكندرية
بينما المتهمان الأول والثانى بصفتهما موظفان عموميان وهو مدير مكتبة الإسكندرية والثانى رئيس القطاع المالى والإدارى بمكتبة الإسكندرية تسببا بخطئهما فى الحاق ضررا جسيما بأموال ومصالح جهة عملهما بإساءة استعمالهما السلطة والإهمال فى أداء واجباتهما الوظيفية بان خالف المتهم الثانى وثيقة التأمين الخاصة بالعاملين بالمكتبة المبرمة مع شركة المهندس للتأمين مما ترتب عليه الإخلال ببنود الوثيقة من قبل المكتبة وإيقافهما وتصفيتها قبل انتهاء مدتها رغم سداد ثلاثة ملايين وثلاثمائة وخمسة وتسعين ألفا وثلاثمائة وإحدى وسبعين جنيهاً وستة وعشرين قرشاً، وأساء المتهم الأول استعمال السلطة بعدم عرض الواقعة آنفة البيان على مجلس أمناء المكتبة بما يتفق وواقع الحال مما ترتب عليه استصداره قرارا من مجلس الأمناء برد ما تم استقطاعه من مرتبات العاملين لصالح شركة المهندس للتأمين من أموال المكتبة مما ترتب عليه ضررا جسيما بأموالها بقدره مليون وتسعمائة وسبعه وعشرون ألفا وستة وسبعون جنيها وستة وعشرون قرشا، على النحو المبينين بالتحقيقات.
تفاصيل المحاكمات
وتم تقديم المتهمين للمحاكمة وبجلسة 31 يوليو 2017 حكمت محكمة أول درجة حضورى للمتهم الأول بحبسه سنتين مع الشغل وغرامة خمسمائة جنيه وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ مع الحكم بالمصاريف، بالنسبة للاتهام الثالث بعاقبته المتهمين من الأول حتى الرابع بحبس كل متهم ستة أشهر مع الشغل وغرامة خمسمائة جنيه لكل منهم وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ والمصاريف، ومعاقبة المتهمين من الثانى إلى الرابع بعزلهم من الوظيفة لمدة سنة تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة أو انقضائها لأى سبب مع نشر منطوق الحكم على نفقتهم، واستأنف المتهم الأول على الحكم لوكيل عنه بموجب تقرير استئناف.
مصطفى محمد مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية
شهادة مصطفى الفقى
وجاء فى حيثيات حكم القضية أنه فى جلسة 21 نوفمبر 2017 حضر جميع المتهمين بشخصهم كما حضر وكلاؤهم، وحضر من تلقاء نفسه مصطفى محمد مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية وطلب الإدلاء بشهادته فى تلك الواقعة، حيث شهد بأن المتهمين لم يرتكبوا تلك الواقعة ولم يثبت ثمة مخالفات قد قام المتهمون بارتكابها حال مباشرة أعمال وظيفتهم مقرر بأن تلك الاتهامات كيدية حيث أن الشكاوى قد جاءت فى مرحلة معينة بعد أحداث ثورة 25 يناير حيث كانت البلاد تمر بحالة من الفوضى، وأضاف بأنه قد قام باستدعاء الأجهزة الرقابية ممثلة فى الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية عقب توليه المسئولية وكانت النتيجة فى صالح المتهمين، وأردف قائلا: إن مكتبة الإسكندرية تخضع لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات وأن الأخير لم يقدم ثمة تقارير تفيد مخالفة المتهمين للقوانين المعمول بها.
مذكرة الدفاع مطابقة لنص الحكم
كما جاءت مذكرة الدفاع التى اعدها محامى إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية السابق هشام عبد ربه التى جاءت حيثيات الحكم مطابقة لمذكره الدفاع التى قدمها لهيئة المحكمة والتى جاءت فيها أن الدكتور محمد إسماعيل سراج الدين لم يدخر جهداً للنهوض بالمكتبة من وقت ومال منذ أن تشرف بتوليه مسئولية إدارة المكتبة بما يتفق ويحترم القانون رقم 1 لسنة 2001، بإنشاء مكتبة الإسكندرية وطبيعتها القانونية والقرار الجمهورى رقم 76 لسنة 2001 والذى حدد أساليب الإشراف على المكتبة وإدارتها وتصريف شئونها على النحو الذى يتفق مع طبيعتها حيث قدم اسهامات وتطوير فى العديد من مجالات المكتبة ومنها المجال الرقمى والمعلوماتى، المجال العلمى، مجال المشاركة المجتمعية، مجال النشر والبحث، المجال التعلمى، التميز فى عدد المقتنيات، فضلا عن ابرز مشروعات تقوم وتشارك فى تنفيذ المكتبة ومنها مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، مشروع لعة التواصل العاملية UNL، مشروع المائة الف مخطوط، مشروع مصر الخالدة، مشروع الأصول الرقمية DAR، مشروع المليون كتاب، مشروع إعادة اصدار كتب التراث الإسلامى، مشروع موسوعه الحياه العربية، مشروع ذاكرة مصر قناة السويس، مشروع المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط، مشروع قاعدة بيانات منارة حرية التعبير، مشروع الحاسب الآلى الفائق السرعة، مشروع محاضرات فى العلوم، مشروع مرض تضخم عضلة القلب، فضلا عن العشرات من المشروعات الطموحة التى تضطلع بها مكتبة الإسكندرية وحدها أو مشاركة مع جهات أخرى.
وقام الدكتور محمد إسماعيل سراج الدين بتقديم تبرعات مالية مقدمة منه شخصيا إلى مكتبة الإسكندرية منذ تاريخ تعيينه وحتى مايو 2017 بمبلغ مالى قدرة ثلاثة ملايين وستمائة ألف وأربعمائة وثلاثة وخمسين جنيها، ومنها تبرعات من راتبه الشخصى للموظفين ذوى الرواتب الضعيفة، ومنها ما هو مقابل إلقائه محاضرات علمية بمؤسسات وجامعات ومجلات دولية ومحلية ساهم بها فى إنماء دور المكتبة العالمى والمحلى ثقافياً وعلمياً كونها مركز إشعاع حضارى مصرى.
حيثيات الحكم بالبراءة من جميع الاتهامات
ونوهت المحكمة فى بداية قضاءها أن المادة الأولى من القانون رقم 1 لسنة 2001 تنص على أن مكتبة الإسكندرية شخص اعتبارى عام مقره مدينة الإسكندرية يتبع ريس الجمهورية وهى مركز إشعاع حضارى مصرى ومنارة للفكر والثقافة والعلوم وتضم ما انتجه العقل البشرى فى الحضارات القديمة والحديثة بجميع اللغات.
وتنص المادة الرابعة من القانون أن يحدد رئيس الجمهورية رقم 523 لسنة 1988 بإنشاء الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون لحين صدور قرار رئيس الجمهورية المنصوص عليه فى المادة الرابعة من القانون. وأكدت المحكمة فى حكمها عن الاتهام الأول الخاص استعمال المتهم الأول وهو مدير المكتبة السابق السلطة المخولة له وخالف القوانين بعدم إسناده ثمة واجبات وظيفية لعدد مائة موظف دائم بالمكتبة رغم ما توافر لديهم الخبرات الفنية اللازمة للعمل بها رغم صرفهم لكافة مستحقاتهم المالية خلال الفترة محل الاتهام، فقد قام مدير المكتبة باستعمال سلطته الممنوحة له قانونا وبدأ توفيق أوضاع العاملين لديه وتم استبقائهم بالمكتبة على وضعهم الحالى باعتبارهم عماله دائمة إلى أن يتم توفيق أوضاعهم حتى لا يتم الخلط بيم النظامين وبدأ بتدريبهم وإسناد مهام وظيفية لهم وهم مثبت بالقرارات حتى يتم الاستفادة منهم وبخبراتهم، ومن ثم يكون الاتهام قد أسند دون سند من الواقع والقانون وتقضى معه المحكمة براءته من هذا الشق من الاتهام المسند إليه.
بينما الشق الثانى من الاتهام المسند إلى المتهم الأول بعدم عرضه الواقعة على مجلس الأمناء بما يتفق وواقع الحال مما ترتب عليه استصداره قرارات من مجلس الأمناء برد ما تم استقطاعه من متربات العاملين لصالح شركة المهندس للتأمين مما تترتب عليه أضرار جسيم بالأموال، حيث أكدت المحكمة فى حيثياتها أن كان الثابت من قرار مجلس الأمناء رقم 383 لسنة 2011 والمرفق أن مجلس الأمناء أعرب عن دعمه لمقترح الإدارة للتعامل مع الأمور المتعلقة ببوليصة التأمين على الحياة والإعاقة، ونقرر رسميا أن تعيد المكتبة للعاملين المبالغ المدفوعة سابقا وأن تبقى المكتبة على الوثيقة مع عدم دفع المزيد من الأقساط على أن يضاف العائد من الوثيقة إلى صندوق مكافأة نهاية الخدمة، وثبت من المذكرة المحررة حول قرار مجلس الأمناء سالف الذكر الخاص بوثيقة التأمين على الحياة والإعاقة تضمن طرحا كاملا لملابسات القرار الخاص برد مبالغ التأمين وان القرار قد صدر فى حدود صلاحيات مجلس الأمناء وأن العاملين استفادوا من الوثيقة مدة عامين، وأنه قد صدر ذلك القرار فى ظل التوترات فى أحداث يناير، ومن ثم يكون الاتهام قد أقيم على غير ذى سند الأمر الذى تقضى معه المحكمة بالبراءة من ذلك الاتهام.
وعن الاتهام الثالث المسند إلى جميع المتهمين وهو بصفه المتهمين موظفين عموميين تسببوا فى إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح جهة عملهم بأن أهملوا فى أداء وظيفتهم باتخاذهم إجراءات تأجير المحلات المملوكة للمكتبة للشركات المستأجرة بالأمر المباشر ودون توافر شروطه الواردة بلائحة تعاقدات المكتبة، وبقيمة إيجارية تقل عن القيمة العادلة مما ترتب عليه ضرر جسيم بأموالها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة