د. عبد المنعم فؤاد

خزعبلات يوسف زيدان حول المسجد الأقصى

الإثنين، 15 يناير 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

معلوم أن الخزعبل أوالخزعبلات فى معاجم اللغة هى الأراجيف والأباطيل والأوهام المضحكة التى ينطق بها البعض، ظانا أنها الحق، فتضحك القوم لما فيها من أوهام وبطلان، ولقد تتبعت كغيرى والألم يعصر قلبى ما أثاره د يوسف زيدان عبر الفضائيات، بل والصحف والمجلات عن المسجد الأقصى الشريف، من خزعبلات مضحكات لما تشمله من بلوى فكرية "وشر البلية ما يضحك" – كما يقال - حيث استعرض سيادته بعضلات كلامية غير سوية عدة مغالطات، حول هذا المسجد الذى لا نعرفه إلا بالقدس الشريف على أرض فلسطين العربية ، وإليه أسرى المولى جل وعلى بالنبى  صلى الله عليه وسلم، ومنه عرج به إلى السماء حيث سدرة المنتهى وكلمه ربه وأعطاه هدية الصلاة لأمته ، وعلى هذا أجمعت الأمة ،وصدقت  وأكد القرآن على هذا التصديق.

 

غير أن الأستاذ يوسف زيدان حسب زعمه قرأ وتدبر وفكر وقدّر ثم خرج للأمة فى برنامج معروف  على إحدى الفضائيات ليقلب هذه الحقيقة ويدعى أن المسجد الأقصى لا يوجد فى فلسطين بل فى واد بين الطائف ومكة يسمى:  ( الجِعِرَّانة ) وإليه كان الإسراء، أما المعراج عنده لا أصل له !!.

 

ولكي يشرعن ما قال استند إلى رواية نزعها من الواقدى فى كتابه المغازي ثم قال: والطبري قال ذلك أيضا وكثير من الباحثين !.

 

وبعد إعلان زيدان لهذا الزعم نشرت الصحف برقية شكر له من الكيان الصهيونى بسبب معلوماته التي رآها هذا الكيان بأنها قيمة، وبغض النظر عن خطاب الشكر هذا لرجل تخدم أقواله ما يسعى إليه الصهاينة، وما ينشده ترامب الذى أعلن أن القدس عاصمة لإسرائيل: فإن الذى يعنينا هنا هو الحفاظ على عقلية القارئ والسامع والمشاهد، لما يردده زيدان، فالرجل بتصريحاته اللاعلمية  تلك  أثار بلبلة، وفتنة ثقافية عارمة فى أمور تاريخية وعقدية ثابتة، لا مجال فيها للتفلسف أو التمنطق الزائف والذى لا يعرفه القارئ ويخفيه المتحدث الذى يقال عنه مفكر وباحث كبير، فهذا الكلام الذى تفوه به ليس كلامه، والألفاظ ليست ألفاظه بل هى حرفا حرفا وعبارة عبارة وسطرا سطرا كلام نطق به يهودي صهيوني قبله هو أستاذ فى إحدى الجامعات الإسرائيلية اسمه "مردخاي كيدار" حيث قال بالنص في يوليو 2009 م بالكنيست الإسرائيلي: "إن القدس يهودية، والمسجد الأقصى مكانه "الجِعِرَّانة"، والطائف وليس فلسطين أو القدس".

 

 ولم يكتف هذا الصهيونى بهذا الكلام فى الكنيست الصهيونى بل خرج على فضائية الجزيرة  القطرية ليردد ذلك على العرب والمسلمين والعالم صوتا وصورة فى برنامج الاتجاه المعاكس يوم 12-12- 2017م .

 

أين هو الجديد من البحث والتفكير الذي قدمه د. زيدان للأمة فى هذا الشأن- ونتحدى أن يكذبنا فيما نقول هنا.  إن الرجل وهو يرهف بما قال إن هو إلا بمثابة مقلد فحسب ( ببغان)-  للأسف-  يقول ما قاله (مردخاي كيدار)  ومن قبله مستشرقوا اليهود ومنهم جولد تسيهر وغيره، .

ثم نفاجأ أيضا أن سيادته دلس وكذب على الطبري والواقدي إذ ادعى أنهما قالا ذلك!!.

 

بالرجوع للطبري في تاريخه (ج 2 ص 524) لم يقل هذه الخزعبلات مطلقا، إنما كان حديثه عن فتح بيت المقدس سلما على يد عمر رضى الله عنه وإعطائه الآمان لنصارى القدس.

 

أما الواقدى فهذا نص كلامه فى هذه القضية فى المغازي: ( وانتهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الجِعِرَّنة ليلة الخميس لخمس خلون من ذي القعدة فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج من الجعرانة ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة ليلا فأحرم من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى، وكان مصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا كان بالجعرانة، فأما هذا المسجد فبناه رجل من قريش، واتخذ ذلك الحائط (البستان) عنده ولم يجز رسول الله صلى الله عليه وسلم الوادي إلا محرما فلم يزل يلبى حتى استلم الركن) انتهى.

 

هذا كلام الواقدي بنصه وفيه يتحدث عن مسجدين فى واد الجعرانة، أحدهما قريب ووصفه بالأدنى، والآخر بعيد ووصفه بالأقصى، على ما هو معروف ومستعمل عند العلماء، ولم يقصد أن هذا هو المسجد الأقصى الذى يقدمه لنا د يوسف زيدان، والآخر الأدنى، ولا يخفى هذا على العلماء إنما يخفى على من لا يعرف الفرق بين الاسم والصفة ،وهذا هو ما وقع فيه زيدان سواء بقصد أو من غير قصد.

 

بقى أن نقول لو كان المسجد الأقصى الذى عرفه المسلمون بفلسطين قد اكتشف حقيقة وجوده د. زيدان في أرض الحجاز الآن فقط بعد ( 14) قرنا من الزمن وهو على بعد خطوات من مكة فكيف يكون الإسراء إليه معجزة وآية ؟

 

ولماذا ذهل المشركون وأسرعوا إلى التكذيب والتهويل، وأصيبوا بالدهشة والعجب وتنزل سورة كاملة باسم الإسراء لتثبته وتزيل العجب ويقف النبى، ليتحدى المشركين بصدقه وينزل جبريل ويضع صورة القدس والمسجد أمام النبي ويصفه صلى الله عليه وسلم للمشركين سارية سارية وقطعة قطعة، ويمتحن أبوبكر من المشركين فى تصديق ذلك ويعلن لهم أن النبي لو كان قال هذا لهو صادق فيعطيه النبى وسام الصديقية، ومن يومها ينادى فى العالمين بالصديق ؟

لو كانت واقعة الإسراء يا د. زيدان قد وقعت على بعد أمتار من مكة فلما كل ذلك؟

·        أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية الوافدين غير الناطقين بالعربية جامعة الأزهر.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة