وسط شارع فؤاد، أقدم شوارع الإسكندرية، يقع على مساحة نحو 2400 متر، مبنى مركز الحرية للإبداع، الذى احتفظ بتراثية معماره الإيطالى، منذ إنشائه عام 1886 ليكون ناديًا للأسرة المالكة باسم "كلوب محمد على"، ولكن بعد مرور سنوات طوال، تحول إلى ملتقى للمثقفين والأدباء، يلتفون حول ساحة للإبداع الفنى فى كافة المجالات، فتحول إلى بورصة طوسون، نسبة إلى طوسون باشا، أحد أبناء محمد على وبعد ثورة 1952، تحول مرة أخرى إلى قصر ثقافة الحرية نسبة إلى وجوده فى 1 طريق الحرية، وفى نهاية القرن العشرين، تم إعادة تأهيل المبنى بالكامل، بمعرفة صندوق التنمية الثقافية، ليعاد افتتاحه عام 2001 بحضور سوزان مبارك زوجة الرئيس المتنحى، وفاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، تحت مسمى مركز الإسكندرية للإبداع، ونقلت تبعيتها من الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى صندوق التنمية الثقافية.
وبعد ثورة 25 يناير 2011 تم تغيير الاسم مرة أخرى ليصبح مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية، ومنذ ذلك التاريخ يقوم المركز بتقديم خدمات ثقافية متنوعة فى كافة المجالات الإبداعية، كالمسرح، والموسيقى، والاستعراض، والفنون التشكيلية، والندوات الثقافية، والأنشطة الأدبية والشعرية.
ويعتبر المركز بما يحتويه من قاعات وتجهيزات، منارة ثقافية متميزة تلعب دورًا هامًا فى مركز الثقافة السكندرية، إذ تتركز أنشطته فى قوامها الأساسى على دعم التجارب الناجحة، وكذلك المساهمة فى إعداد المبدعين من الشباب والنشء فضلًا عن تقديم رموز العمل الإبداعى والثقافى والاجتماعى كنماذج فاعلة فى مركز الثقافة المصرية.
ويتميز المركز عن غيره من المراكز العاملة بالإسكندرية، بأنه يركز على ابداعات الشباب فى كل المجالات ويعتبر حلقة وصل أساسية بين المؤسسة الرسمية والمؤسسات الثقافية الأجنبية، وكذلك المبادرات والمراكز الثقافية الخاصة، وللمركز عدد من الأنشطة التابعة سنويًا منها على سبيل المثال، " مهرجان الحرية للمسرح" وينفذ فى ديسمبر من كل عام، وكذلك مهرجان الحرية للمسرح العربى، ومسابقة الفنون العصرية للشباب، وتنفذ فى إبريل من كل عام، ومجموعة من المنتديات الثقافية تغطى كافة مجالات الابداع مثل منتدى الأدب العربى، ومنتدى الشعر، ومنتدى الشباب، ومنتدى العلوم والتكنولوجيا، ومنتدى العلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى برامج خاصة بابداعات الطفل سنة أولى ثقافة، وسينما الأطفال، وورشة المسرح للأطفال، وورش تعليم الالآت الموسيقية، وورش الفنون التشكيلية، وورش الشعر والأدب للطفل، بالإضافة للعديد والعديد من الأنشطة الموجهة للشباب، وكذلك دعم المركز للمبادرات الثقافية التى ينظمها شباب مثل نماذج المحاكاة أو المشروعات التنموية وغيرها بالإضافة إلى التعاون المستمر مع المراكز الثقافية الأجنبية فى استضافة وإدارة العديد من الأنشطة الفنية والموسيقية كذلك فى مجال السينما.
وبالمركز مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية أبرزها عدد 20 صورة شخصية لرموز الفن والثقافة فى مصر فى القرن العشرين من تنفيذ الفنان الراحل مصطفى حسين منهم توفيق الحكيم، ومحمود سعيد، وسيد درويش، ومحمد ناجى، ويوسف عز الدين عيسى، كذلك تزيين حوائط القاعات والطرقات بعدد 63 عملاقًا لكبار الفنانين المصريين من مقتنيات متحف الفن الحديث بالقاهرة.
يتحدث عن المركز عدد من المثقفين والمترددين عليه، فيقول الأديب منير عتيبة، مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، أن أداء المركز جيد جدًا سواء من أعضاء مجلس إدارته أو مديره، الذى يرغبون فى تنظيم شئ جيد تستحقه عروس البحر، ولكن يحتاج إلى إعطاء صلاحيات أكثر لمجلس الإدارة، حتى لا يكبلهم الروتين، الذى يثنيهم عن الإبداع الحقيقى، بالإضافة إلى دعم أكثر لتنفيذ الأنشطة الخاصة بالمركز.
من جانبها قالت هناء عبد الهادى، عضو اتحاد كتاب مصر، أن المركز يتميز بالأداء المتنوع بين الشعر والسرد بأنواعه والمسرح والسينما أيضًا ويقوم بعمل ورش لتدريب الموسيقى والفنى وتخصيص قاعات للمعارض الفنية يسهم فى اطلاع الرواد عليها وتوصيل المبدع بالمتلقى دور رائع بالإضافة إلى مكتبته الثرية، لتدريب الموسيقى والرسم وجميع انواع الفنون بالإضافة إلى اللقاءات المتنوعة التى تضم اهتمامات مختلفة قانونية، وصحية، تاريخية، تنمية بشرية.
من جانبه قال الدكتور أشرف خوخة، أستاذ الإعلام بجامعة دمنهور، أن مركز الإبداع يمثل صرح ثقافى كبير لمدينة الإسكندرية، تكلف إعادة افتتاحه وترميمه ملايين الجنيهات فى عهد فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، وكان يمثل ملتقى ثقافى للأدباء والفنانين والعلماء فى الأعمال الأدبية والإبداعية للفنانين والمبدعين، ولكنه يفتقد إتاحة الفرصة للطلاب للتدريب الإعلامى على عكس قصور الثقافة التى تسمح للطلاب بالتدريب وممارسة الأنشطة المختلفة.
وأكد خوخة، أن مراكز الإبداع ليس دورها محصورا فى عمل الصالونات الثقافية والملتقيات الثقافية ولكن ينبغى أن تقوم بالتدريب أيضا للشباب، ومن طلاب الإعلام وغيرها من الأقسام، ومن المفترض أن تجتذب تلك المراكز الطلاب والشباب المبدعين، وإتاحة الفرصة لإبداعاتهم.