أغلب الظن أن القيادة السياسية حينما اختارت الدكتورة رانيا المشاط لوزارة السياحة، والدكتورة إيناس عبد الدايم لوزارة الثقافة، لم يكن فى تفكيرها رفع نسبة المرأة فى حكومة المهندس شريف إسماعيل من أربع إلى ست وزيرات، لأن الهدف لم ولن يكون تحديد كوتة للمرأة، وإنما جاء الاختيار بناء على معايير انطبقت على الوزيرتين فكان القرار، الذى كان من نتاجه رفع وجود المرأة فى الحكومة.
أهم ما فى هذا القرار أنه يرسخ لقاعدة الكفاءة فى الاختيار دون النظر إلى المرشح للمنصب كونه رجلا أو أمراة، وهو ما حدث مع الوزيرتين، فهما من أفضل الشخصيات التى يمكن الاعتماد عليهم كل فى تخصصه، فالدكتورة إيناس عبد الدايم، التى جاء اختيارها لتكون مسؤولة عن حقيبة وزارة الثقافة خلفا للوزير السابق، حلمى النمنم، تتمتع بتاريخ ملىء بالإنجازات والنجاح، حيث ترأست دار الأوبرا المصرية، وشغلت قبلها منصب عميدة معهد كونسرفتوار القاهرة سنة 2004، ومديرة أوركسترا القاهرة السيمفونى سنة 2003، ورئيسة قسم آلات النفخ والنقر بمعهد كونسرفتوار القاهرة، كما حصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية للفنون، وجائزة أحسن عازفة، وجائزة مهرجان كوريا الجنوبية للفنون وكوريا الجنوبية وجائزة الإبداع وغيرها، وفوق ذلك لديها خبرة طويلة فى التعامل مع الدولاب الحكومى، فضلاً عن قدرتها على العمل والتطوير.
الأمر نفسه ينطبق على الدكتورة رانيا المشاط، وكيل محافظ البنك المركزى للسياسة النقدية، والتى تولت حقيبة وزارة السياحة، خلفا لوزير السياحة السابق يحيى راشد لتكون بذلك أول سيدة تتولى وزارة السياحة منذ إنشاء الوزارة سنة 1966، وخلفها تاريخ يؤهلها لتولى المسؤولية، حيث عملت كاقتصادى أول فى صندوق النقد الدولى بواشنطن قبل انضمامها للبنك المركزى المصرى، كما كانت ضمن فريق التفاوض على برنامج الإصلاح المالى والاقتصادى بين عامى 2011 – 2013، كما عرضت مبادرات سياسية واقتصادية فى مؤتمرات عديدة بصندوق النقد الدولى، بما أتاح لها بناء قاعدة من العلاقات الدولية، التى نحن بحاجة لها خلال الفترة المقبلة، خاصة فى فتح أسواق جديدة للسياحة المصرية.
بالتأكيد جاء اختيار الوزيرتين كإشارة مهمة لدور المرأة المصرية حاليا الذى يمكنها من أن تتبوأ أعلى المناصب وتأكيد على رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تفعيل دور المرأة بشكل أقوى فى المجتمع المصرى، خاصة أنه خصص 2017 الماضى ليكون «عام المرأة»، لكن كما سبق وأشرت فإن الهدف الأساسى هو ترسيخ لمفهوم الكفاءة، لأنه ليس من مصلحة المرأة أن تتبوأ منصبا ليست جديرة به، فالمرأة المصرية لا تبحث عن مكتسبات بقدر سعيها الدائم لتكون موجودة بشكل يليق بها، وبمن وثق فى المرأة المصرية وقدرتها على العمل.
من واقع مشاركة المرأة المصرية فى العمل العام، نجد أنفسنا أمام نماذج ناجحة، استطاعت أن تخلق رأيا عاما بأنها قادرة على العمل والمنافسة، وهذا لم يكن ليأتى لولا الثقة التى منحتها القيادة السياسية للمرأة، فنحن على سبيل المثال أمام نموذج يتمثل فى الوزيرات الأربعة المستمرات فى الحكومة، وهن السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، والدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداى، فالأربعة أثبتن بالفعل أنه لا فرق بين رجل وامرأة، وأن الأساس هو الكفاءة والقدرة على العمل.
ولا ننسى النموذج الآخر، المهندسة نادية عبده التى تم تعيينها فى منصب محافظ البحيرة، وتعد المرة الأولى فى تاريخ مصر التى تتولى فيها امرأة هذا المنصب، ورغم تخوف البعض من هذه التجربة، فإنها استطاعت أن ترد على كل المتخوفين بنشاط وحركة دؤوبة ربما فاقت الكثير من زملائها فى محافظات أخرى.
وهناك الكثير من النماذج النسائية، التى تبوأت المناصب الحكومية، واشتغلت فى العمل العام، ومنهن نائبات فى مجلس النواب وصل عددهن إلى 90 نائبة، وهو رقم لم يسبق أن شهدته الحياة البرلمانية المصرية، والأهم أن النائبات لهن دور فاعل تحت قبة البرلمان، وقدمن خير نموذج لأداء المرأة، وربما يكون هذا الدور هو السبب فى فتح الباب أمام المرأة.
نعم كان عام 2017 هو عام المرأة كما أطلق عليه الرئيس السيسى، وخلاله تم تنفيذ عدد من التوصيات بهدف تمكين المرأة، لكن التمكين لم يقف عند 2017، بل كان هذا العام نقطة الانطلاق التى تبعتها العديد من القرارات، والتى لن تقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة