رغم انتقادى لأداء حكومة شريف إسماعيل عدة مرات، فإننى أراها حكومة قوية تضم عناصر رائعة، وما اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، والدكتور عمرو الجرحى وزير المالية، والدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان، والمهندس طارق الملا وزير البترول، سوى نماذج رائعة، سطرت نجاحات مدهشة، فى توقيت صعب، وانتقادى مبنيا على الفشل فى الترويج لنجاحاتها، وما حققته من إنجازات على الأرض.
المهندس شريف إسماعيل، الرجل القادم من قطاع البترول، مضحيا بما يتقاضاه من راتب خيالى، ليكتفى بالحد الأقصى للأجور، ويتولى رئاسة الحكومة، فى وقت كان يفر فيه الجميع من العمل فى الشأن العام، ورفض تولى أى مسؤولية خشية الأصوات العالية، ومرضى التثور اللإرادى، والمناضلين خلف الكيبورد، والنيل من سمعة الشرفاء.
ودشن الرجل حالة خاصة ومختلفة فى الأداء عن كل سابقيه من الذين كانوا يجلسون على نفس المقعد، مفضلا الاعتكاف فى مكتبه، وحضور الاجتماعات مع الرئيس عبدالفتاح السيسى لساعات طويلة، وبشكل يومى، والعمل فى صمت، رافعا شعار الأفعال أعلى صوتا من الأقوال، وظل يؤدى ويُعدل فى حقائب وزارته، حتى استقر على المجموعة الحالية، التى أظهرت تناغما فى الأداء والتنسيق، آثار إعجاب المواطن العادى قبل المثقف.
واستطاع الرجل أن يستوعب أفكار القيادة السياسية، ويتحمل بكل شجاعة وجسارة، إصدار القرارات الصعبة، وفاتورتها المكلفة للغاية أبرزها سخط وغضب الشارع، ومع ذلك فالرجل كان منفذا رائعا، ولم يخرج بتصريح منفلت أو غاضب، كما تحمل انتقادات من مجلس النواب والمعارضة والشارع، واتهامه بالفشل والعجز فى مواجهة الأزمات، وأنه لا ينزل الشارع، ويتابع بنفسه رقابة الأسواق.
شريف إسماعيل ينتمى للمدرسة الإدارية المنظمة والدقيقة، التى تؤمن بأن العمل الجماعى، وتحديد المهام بوضوح لكل فرد من أفراد المنظومة الإدارية، هو المعادلة السحرية للنجاح والتقدم، لذلك اختفى من الشارع واعتكف فى مكتبه يضع الخطط والمهام، ويكلف كل وزير فى وزارته بأن يؤدى الدور المنوط به، وهى المدرسة التى تختلف كلية عن مدرسة المهندس إبراهيم محلب، التى تعلى من شأن الجولات الميدانية والمكوكية فى المحافظات المختلفة، وهى مدرسة عشوائية غير منظمة، وتعتمد على الأداء والقدرات الفردية، وليس الأداء الجماعى وفق منظومة.
ومع مرور الوقت، وفى ظل العمل بتفانى شديد، وبهدوء أشد، حققت الحكومة الحالية إنجازات سيذكرها التاريخ، ويقف أمامها بكل إجلال، وخاضت معركة الإصلاح دون خوف، صحيح أن قوة الحكومة مستمدة من قوة وشجاعة القيادة السياسية، ولولا الإرادة السياسية القوية فى التغيير ما حققت الحكومة كل هذه النجاحات، لكن يظل شريف إسماعيل رقما صحيحا وقويا فى معادلة اجتياز مصر للإصلاحات الاقتصادية ذات الطعم المر، والتى تحملها الشعب المصرى بكل تفانى وإخلاص، ليثبت للعالم أنه شعب عظيم، فهناك شعوب حولنا لم تتحمل قرارا واحدا من حزمة القرارات الاقتصادية الصعبة.
ورغم معاناة الرجل من آلام المرض، فإنه ظل يؤدى عمله بنفس القوة والتفانى، وصار العمل فى مجلس الوزراء مثل خلية النحل، كل له دور واضح، لا يتأثر بغياب رئيس الحكومة، أو حتى وزير، وأن النجاح الإدارى الحقيقى أن تسير منظومة العمل بنفس الكفاءة والأداء فى حالة غياب المسؤول، وأن مقياس الفشل الإدارى أن ينتظم العمل فى وجود المسؤول، ويتراجع وينهار فى حالة غيابه!!
نعود ونؤكد أن المهندس شريف إسماعيل حفر اسمه من بين رؤساء الحكومات المصرية الكبار قيمة وقامة، وأن ما حدث فى عهده، من طفرات اقتصادية، وعلاج جذرى لكل الأمراض المزمنة والمتوطنة، التى استمرت أكثر من 50 عاما، بكل شجاعة وقوة يحسدان عليها، والدليل أننا كنا منزعجين من حكومة الدكتور أحمد نظيف، وكنا نرى فيها أنها حكومة أرهقت الشعب المصرى ولم تصنع شيئا، وبعد ثورة 25 يناير 2011، وما رأيناه من وجوه حملت الحقائب الوزارية المختلفة، أدركنا أن حكومة نظيف كانت رائعة وحققت إنجازات اقتصادية كبيرة، وأن المقارنة بينها وبين كل الحكومات التى أعقبتها، فى نفس المساحة الفاصلة بين السماء والأرض، حتى جاءت حكومة الدكتور شريف إسماعيل، وعادت الهيبة والقوة للحقائب الوزارية من جديد، وطبقت الأسلوب العلمى والعملى فى الإدارة، أثارت إعجاب كل المتابعين والمراقبين وكل مراكز البحوث الاقتصادية الدولية.
ولو عددنا وأحصينا ما حققته حكومة المهندس شريف إسماعيل، من إنجازات على الأرض، وقدرتها على تنفيذ قرارات القيادة السياسية، فإننا لن نستطيع حصرها على وجه الدقة.
ولو كنت ممن يحملون مرارة وعدم قبول حكومة المهندس شريف إسماعيل، أو من مؤيديها، فلا تملك سوى أن تحترمها، وتعترف بأنها حكومة إنجازات ضخمة، وقدرات شجاعة على مواجهة وحل المشاكل من جذورها، وليس بالمسكنات.
نعم، المهندس شريف إسماعيل، رئيس وزراء بدرجة فارس شجاع، ومحترم، واستطاع مواجهة آلام المرض، وتحدى الأزمات!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة