كل إنسان يحلُم بالتقدم، ويسعى جاهدًا لاجتياز خُطوة للأمام، ولكن البعض رغم محاولاتهم لإحراز أكبر تقدم مُمكن، وبالرغم من إمكانياتهم، وبرغم الخُطوات التى اجتازوها بالفعل، إلا أنهم لا يصلون إلى أهدافهم، وتسرقهم الحياة، وقد يتعثروا فى نهاية الطريق، أو رُبما يصلوا ولكن بعد أن يسبقهم الكثيرون، رغم أنهم قد يكونوا قد بدأوا معهم أو حتى قبلهم، ولكنهم يصلوا بعدهم، والسبب ببساطة شديدة أنهم دائمًا ما يلتفوا إلى الوراء إلى ماضيهم وآلامهم، إلى إخفاقاتهم وتعثراتهم وكأنها شبح يُطاردهم يخشون أن يلحق بهم ويقضى عليهم، قبل أن يصلوا إلى نهاية المطاف.
فكُلنا نعلم أن سُرعة الغزال تفوق سُرعة الأسد بكثير، بل أن رشاقته تجعله قادرًا على المراوغة والمُناورة وتغيير وجهة سيره بطريقة لا يستطيع الأسد مُجاراته بها، فسُرعة الغزال تبلغ حوالى 90 كم / ساعة، بينما سُرعة الأسد حوالى 58 كم / ساعة، وفى أغلب المُطاردات يسقط الغزال فريسة للأسد؛ لأن الغزال عندما يهرب من الأسد بعد رُؤيته، يُدرك أن الأسد مُفترسه لا محالة، وأنه ضعيف مقارنة بالأسد، وخوفه من عدم النجاة يجعله يُكثر من الالتفات دومًا إلى الوراء؛ من أجل تحديد المسافة التى تفصل بينه وبين الأسد، هذه الالتفاتة القاتلة هى التى تُؤثر سلبًا على سرعة الغزال، فتُقلل المسافة بين سُرعة الأسد والغزال، وبالتالى تُمكن الأسد من اللحاق بالغزال، ومن ثم افتراسه.
فلو لم يلتفت الغزال إلى الوراء، لما تمكن الأسد من افتراسه، ولو عرف الغزال أن قوته تكمُن فى سُرعته، مثلما تكمُن قُوة الأسد فى حجمه وعضلاته، لنجا منه.
يا ليتنا نُدرك أن قُوتنا تكمُن فى إرادتنا ورغبتنا فى تخطى الصعاب، والتقدم للأمام، وأن ما يُعثرنا ويُبطئ من خُطانا، هو الماضي، الذى نظل ننظر إليه، وكأنه أسد يخشى أن يفترسنا، فقُوة الماضى تكمُن فى قُدرته على الاستيلاء على عُقولنا وأعصابنا، عندما نلتفت إليه، فنجد أنفسنا عاجزين عن مُواصلة المشوار، وهنا يفترسنا الماضى ويعوقنا عن الوصول لأهدافنا، لذا علينا ألا نتساءل لماذا لم نصل، رغم كل مجهوداتنا وإمكانياتنا؟! ولماذا سبقنا من هم أقل منا فى كل شيء؟! والاجابة باختصار أننا أثناء سيرنا التفتنا الالتفاتة القاتلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة