فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق فى حوار المفاجآت والذكريات لـ"اليوم السابع": حجاب البنات سبب وصول الإخوان للحكم.. فساد النخبة الاقتصادية أدى إلى تدهور الحالة الثقافية فى مصر.. ومعجب بنجيب ساويرس

الخميس، 18 يناير 2018 11:00 ص
فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق فى حوار المفاجآت والذكريات لـ"اليوم السابع": حجاب البنات سبب وصول الإخوان للحكم.. فساد النخبة الاقتصادية أدى إلى تدهور الحالة الثقافية فى مصر.. ومعجب بنجيب ساويرس فاروق حسنى
حاوره - وائل السمرى تصوير - حسين طلال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

- عندما اقترحت إنشاء لجنة دينية بالمجلس الأعلى للثقافة هاجمنى المثقفون والمشايخ.. وفساد النخبة الاقتصادية أدى إلى تدهور الحالة الثقافية ومعجب بنجيب ساويرس

- وقفت بضراوة أمام هدم مشيخة الأزهر وقلت للشيخ« طنطاوى » ولإبراهيم سليمان « هى مضيقاكو فى حاجة؟ » 

- أكره فلسفة «الكومباوند» لأنها تفصل بين طبقات المجتمع.. والجهل قضى على المدن العظيمة مثل القاهرة والإسكندرية

 
- يحزننى الشكل المعمارى فى الأحياء الجديدة وأكره فلسفة «الكومباوند» لأنها تفصل بين طبقات المجتمع المصرى وبلدوزر الجهل قضى على المدن العظيمة مثل القاهرة والإسكندرية

- الفساد الأب الروحى لكل الأزمات التى نعيشها والجهل أساس كل الشرور.. وأنا ضد إجبار البنت على ارتداء أو خلع الحجاب بالقوة.. وإنجازات إيناس عبدالدايم فى الأوبرا خير دليل على نجاحها فى منصب وزير الثقافة الجديد

- السياحة ليست آثارًا ولا شواطئ.. والسائحون لا يأتون إلى المدن ليروا معالمها فقط لكن لرؤية المدن وناسها وشكلها ورقيها

- لابد من وجود أساتذة أجانب فى أكاديمية الفنون.. والدين ليس الحجاب ولا النقاب ولا اللحية ولا الجلابية

 

 
 
طوال فترة تولى فاروق حسنى الملقب بالوزير الفنان وزارة الثقافة، كنا نقول إن أفضل وزراء ثقافة مصر فى التاريخ هو «ثروت عكاشة» وفى أواخر عهده، كنا نضيف اسمه على استحياء، لكن بعد أن ترك كرسى الوزارة فى أعقاب يناير 2011، وتعاقب الوزراء على هذا الكرسى، بدأ الكثيرون يعيدون النظر، ويضعون اسم فاروق حسنى قبل أى من هؤلاء الوزراء، فهو لم يكن وزيرا فحسب، ولم يكن فنانا فحسب، ولم يكن سياسيا فحسب، ولم يكن واجهة مشرفة فحسب، ولم يكن تنويرا فحسب، بل كان إنسانا مصريا يعرف قيمة الإنسانية التى تتجلى فى أبهى صورها فى الفن، ويعرف قيمة التاريخ الذى صنع الحضارة، وفعل الكثير فى ظل نظام لم يكن يقدر الثقافة حق قدرها.
 
التقينا به فوجدناه على حاله، مبتسما، مضيافا، متأنقا، منسجما فى عالم من الألوان، هذه ألوانه المشرقة على لوحاته، وألوان أقرانه من رواد الفن التشكيلى، وهذه ألوان من الألفة تسمعها من موسيقى حنون، وهذه ألوان من المعرفة ممتدة على طاولة عريضة تزدحم بالكتب، هذا يسرد حياة باولو بيكاسو، وهذا يعرض لأهم لوحات أمادو موديليانى، وهذا يرصد حياة محمود سعيد، وهذا يشرح الأبعاد الجمالية للعمارة، وفى يده، كتاب عن التعليم فى مصر قديما، يتصفحه ويتحسر على زمن كان فيه التعليم «تعليم» ولهذا كان المصريون وقتها «عالمين» و«متعلمين» و«علماء».
فى هذا الحوار حاولنا أن نبتعد عن الصورة الذهنية التى تصاحب «الوزير الفنان» باعتباره من أكثر وزراء الثقافة إثارة للمعارك، وحاورناه عن الثقافة، ومن الكتاب الذى يمسكه بين يديه بدأنا.
 

كثيرا ما كنت ترى أن التعليم له الدور الأكبر فى التنمية الثقافية وكان لك فى بعض الأحيان تعاون مع وزارة التعليم، وهو ما فسره البعض بأنه محاولة لزحزحة مسؤولية تثقيف الشعب من «الثقافة» إلى «التعليم» فما الحقيقة وراء هذا؟

- الحقيقة أن المناهج التعليمية أهم شىء فى معادلة بناء الإنسان، أنا رجل عملى، أفضل حسم الأمور، ولذلك حينما أنظر إلى مشكلة أضع يدى على الحل الذى ينهيها تماما، وحل أزمة الثقافة والتنمية فى مصر فى كلمة واحدة هى «التعليم»، وهذا الكتاب الذى أتصفحه الآن يتحدث عن مناهج التعليم سنة 1937، للمدارس الأولية للبنين، القرآن الكريم فى السنة الأولى 3 حصص، الثانية 6 حصص، الثالثة 7 حصص، اللغة العربية 13 حصة وبعدها 11، الخط العربى 3 و3، الرياضيات 6 و6، الهندسة والجغرافيا والتاريخ ومبادى العلوم، والرسم والرياضة المدنية، هذه التوليفة من المواد هى التى أخرجت لمصر «جهابذة» أداروا مصر فى الأربعينيات والخمسينيات، بالإضافة إلى كونهم أسوياء وعلى درجة كبيرة من الوعى، لأن الطالب فى هذا الوقت كان يتعلم «الحياة» بجميع مجالاتها وليس القراءة والكتابة فحسب، وهذا كله فى «المناهج الأولية».

هذا عن التعليم الأساسى فكيف نرتقى بالتعليم فى الجامعات والأكاديميات خاصة الأكاديميات الثقافية مثل أكاديمية الفنون؟

- الحل فى كلمة واحدة هى الحرية، حرية الرؤية الإبداعية هى التى تستطيع فتح كل شىء أمامنا، حرية رؤية المسؤول عن الأكاديمية والأساتذة ورؤساء الأقسام، حرية وضع التصورات الجديدة، وفتح التخصصات الجديدة، وقد كنت آمل حينما كنت وزير أن نؤسس ثلاثة معاهد «معهد فنون البيئة» و«معهد فنون الطفل» و«معهد عالى للفنون والترميم» وللأسف لم يتم تفعيل هذه المعاهد، برغم أنها على قدر كبير من الأهمية، لأنها تزيد من تخصص المتخصصين، وتضع يدها على بعض الجراح المزمنة فى حياتنا مثل أزمة الترميم التى نعيش فى ظلها، وكذلك بناء أطفال على قدر من الوعى والفهم والاستفادة القصوى مكونات البيئة فنيا.

وهل تم وضع استراتيجيات من أجل هذه الصورة المتهالكة لفنون مصر وآثارها؟

- منذ اليوم الأول لوزارتى وضعت لنفسى منهجا، وقلت لابد أن أضع سياسة ثقافية لمصر، ولهذا أتيت بكبار الكتاب والمثقفين آنذاك واستفدت من أحلامهم ورؤاهم من أجل تطوير العمل الثقافى، وكانت هذه السياسة على قدر كبير من المرونة لأتمكن من الاستجابة للمتغيرات المختلفة.

ماذا كنت تفعل فيما يستجد من أمور؟

- كنت أستجيب لأى متغير بمجرد أن يقفز من خانة الهامش إلى خانة المتن، وفى الحقيقة فقد احتلت هذه الهوامش حيزا أكبر من السياسة التى وضعتها، لكن الاستجابة للمتغيرات حتمية، ومع هذا سعيت بكل قوة من أجل إضافة الجديد للثقافة المصرية، لأن المجتمعات فى الغالب ترفض الجديد فى البداية، لكنها سرعان ما تكتشف أن الذهاب نحو التجديد، أمر حتمى، وليس اختيارى.

ماذا لو كنت فى الوزارة الآن، وفجأة وأنت تسير فى سياساتك، وجدت مشكلة مثل الاعتداء على تراثنا المعمارى مثلما حدث فى مشكلة الشروع فى هدم عمارة راقودة بالإسكندرية؟

- نحن لدينا قوائم بالمنشآت المعمارية ذات الطابع المتميز بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى، ولحل هذه المشكلة لابد من وضع هذه المنشآت تحت قانون حماية الآثار، لأن قانون التنسيق الحضارى غير ملزم، لكن قانون الآثار ملزم وأكثر قوة، أما حل أزمة تهالك هذه العمائر فأنا أعتقد أن مسؤولية حماية هذه المنشآت يجب أن تلزم سكان هذه المنشآت، بعمل ترميم للواجهات، والداخل، مثلما يتم فى روما وباريس وباقى مدن أوروبا، وتحصيل غرامات على من لا يقومون بالترميم، فصحيح أن هذه المنشآت ملك لساكنيها لكنها فى الوقت ذاته ملك المجتمع.

البعض لا يفهم أسباب حرص المثقفين على هذه المنشآت، والأهم من وجهة نظرهم الأموال التى يتحصلون عليها من هدمها وبناء أبراج مكانها، فكيف نقلل الفجوة بين رؤية المثقفين ورؤية رجل الشارع فى هذه المسألة؟

- لابد أن يفهم الجميع أن المدينة تبنى الإنسان، والإنسان الذى لم يعش فى مدينة جميلة سيكون قبيحا بلا شك والقيم الجمالية فى العمارة تؤثر فى الرؤية البصرية وبالتالى الوجدانية، ولكل مدينة حوار مستمر مع البشر، ولابد من الحفاظ على هذا الحوار الدائم، لأن آثاره فى النهاية تعود علينا وعلى سلوكنا وعلى أفكارنا وعلى رؤانا وعلى المجد الذى نريده، فالمجد لا يأتى إلا من مدينة ماجدة.

وهل تحققت «معادلة المجد» فى المدن الجديدة؟

- فى الحقيقة أصاب بالحزن حينما أزور الأحياء الجديدة مثل التجمع الخامس وأكتوبر، فهناك بعض المبانى التى يدعون أنها جميلة لكنها ليست جميلة على الإطلاق، لأنها تنتمى لطرز معمارية «فات زمنها» ولابد أن تأخذ العمارة شكل الزمن، كما يجب أن يكون لكل منطقة خيالها، فالعمارة اليوم فى العالم كله رقيقة جدا ومن الممكن أن تشكل الخرسانة بأى شكل تريده، وليس هذه الكتل الصماء التى نراها فى هذه المدن.

لكننا برغم هذا عجزنا فى السنين الماضية عن ابتكار شكل معمارى مصرى ينتمى إلى هويتنا فما هو السبب؟

- قبل إنشاء هذه المدن كان لدينا نموذج عصرى للعمارة الإسلامية أنتجه المعمارى الفنان حسن فتحى الذى يعد من أشهر المعماريين فى العالم والذى حصل على العديد من الجوائز العالمية فى مجال «العمارة البيئية»، ولذلك كنت أريد أن أنشئ فى أكاديمية الفنون «معهد العمارة البيئية» وبالمناسبة المبنى مازال موجودا فقط هو بحاجة للتفعيل، ومن خلال هذا المعهد من الممكن أن نخرج أجيالا من المعماريين الفنانين الذين يستطيعون الحفاظ على هويتنا بشكل عصرى، لأن المدن لها روح ولها حديث، وهذا الحديث يعرفه الناس، الذى يزورون بلدانا مختلفة، فحديث باريس يختلف عن حديث روما، عن حديث إسكندرية.

وماذا عن حديث القاهرة؟

- القاهرة تحتوى على مبان عظيمة، مثل عمارات وسط البلد وما حولها مثل مناطق المنيرة والسكاكينى وحتى حلمية الزيتون والمطرية والزمالك وكل هذه المناطق لها سمة مميزة، حقيقى ضاع منها الكثير، لكن مازالت تحتفظ ببعض الملامح لما يفترض أن يكون، لكنى أشعر ببالغ الاستياء من تشويهنا لمبانينا، ولا أعرف كيف لم نجد حتى الآن حلا معماريا لمشكلة وضع التكييف الذى يشوه بيوتنا وعمارتنا، فمثل هذه التشويهات وغيرها تؤثر فى الإنسان بشكل لا نتخيله، وفى اعتقادى أن هناك بعض الأحياء تصيب سكانها بأمراض نفسية لا يعلم بها إلا الله، ولذلك فأنا أعتبر العمارة أساس المدينة، ولابد أن ننظر إلى هذا الأمر نظرة أخرى ونبحث فى أفضل الحلول لإزالة التشوهات من حياتنا، بأن يكون هناك كود لشكل الأرصفة وحجمها ولونها، ونوع الأشجار التى توضع فى كل مدينة مع مراعاة أن تكون مختلفة فى كل منطقة عن الأخرى.

هل تقصد أن تكون هناك «هوية نباتية» لكل مدينة؟

- نعم، فمثلا فى القاهرة لدينا النيل واسع والشوارع واسعة فنزرع فيها شجر الكافور ليغطى الشارع كله فى الحر، أما فى الشوارع الضيقة أو فى المناطق السكنية فمن الممكن أن نزرع شجر البونسيانه، أو الأكسيا، باختصار لابد أن يكون لدينا تصور جمالى عن الحياة، لأن الحياة ليس معناها أن نجلس فى منطقة «تأوينا وخلاص» لأن هذا معناه العودة إلى عصر الإنسان الحجرى الذى كان يعيش فى الكهف.

اللافت فى الأمر أن حديثك الناقد عن المدن الجديدة يخالف ما يقال حول جمال هذه المدن وكومباونداتها التى نرى صورها المبهرة فى الإعلانات فكيف هذا؟

- نعم أنا ضد الكومباوند، لأنه يفصل ما بين طبقات المجتمع المصرى تماما، مجتمعنا طول عمره نسيج واحد متنوع يجمع المقتدرين ماديا والمتوسطين والبسطاء، كنت قديما ترى كل هؤلاء يقطنون عمارة واحدة يتفاعلون يوميا مع بعضهم البعض، ويؤثرون فى بعضهم البعض، مكونين «حالة إنسانية» من التفاعل الإنسانى اليومى، فكان المقتدر يعطى غير المقتدر، والمثقف «يعدى» غير المثقف فيحدث ارتقاء بالمجتمع كله، لكن الكومباوند الآن ليس سوى سجن للأغنياء يضعهم فى مناطق محصورة تبعدهم عن الآخرين، فلا ترى فى الشوراع سوى البسطاء فتزداد العشوائية وينحط السلوك العام، لأن الأغنياء إما فى سياراتهم أو فى كومباونداتهم، وهذا يضر بالشكل العام للمدينة كما يضر بالعديد من المجالات الأخرى مثل مجال السياحة مثلا، فالسائحون لا يأتون إلى المدن ليروا معالمها فقط، لكنهم يأتون لرؤية المدن نفسها، بناسها وشكلها ونظافتها ورقيها، والسياحة ليست آثارا وشواطئ، ولكنها أيضا مدينة، وقد تزور باريس أو لندن أو روما أو حتى نيويورك ولا تمر على أى من متاحفها أو آثارها لكنك تستمتع بالمدينة، فالمدينة كما قلت تتكلم مع زائريها تقول لهم وتدعوهم للتأمل فيها، القاهرة كانت كذلك، والإسكندرية كانت أكثر، إنما للأسف بلدوزر الجهل هو الذى قضى على المدن العظيمة، ولهذا يجب أن نضع فى حسباننا أن مهمة تحديث مصر أو تطويرها لابد أن تبدأ من المحليات، ولهذا أتساءل: لماذا لا نضع مهندس تخطيط عمرانى فى منصب المحافظ مثلا؟

- كان هناك اقتراحات بأن يكون جهاز التنسيق الحضارى تابعا للمحليات وليس وزارة الثقافة لنتجنب فكرة عرقلة قرارات التنسيق الحضارى؟

- لا أوافق على هذه الفكرة لسبب واحد، هو أنه لو كانت «المحليات» تقوم بدورها لما احتجنا أصلا لجهاز التنسيق الحضارى، فمن المفترض ألا يحصل أحد على رخصة مبانٍ إلا بعد الموافقة على الشكل المعمارى للمبنى المراد ترخيصه، لكننا للأسف نرى الآن عمارة واطية وعمارة عالية ودور فيه شبابيك وبلكونات وآخر بدون، وهذا هو التشويه بالجهل.

جهل أم فساد؟

- الفساد هو الأب الروحى لكل الأزمات التى نعيشها، لكن الجهل أيضا أساس متين لكل الشرور، فالوعى مناعة ضد الفساد والجهل، ومن الصعب أن تجد إنسانا واعيا ومثقفا ومحترما فاسدا، لأنه سيشعر أنه يبدع فيما يفعل فيتحقق لديه فضيلة الرضا ويشعر بالاكتفاء، ولهذا أتمنى أن يتولى مسؤولية المحليات شباب غير ملوث، كما أتمنى أن نقسم المحافظات الكبيرة فى مصر إلى أقسام كبيرة، فالقاهرة مثلا تقسم إلى 5 محافظات، وكل محافظة من محافظات القاهرة تقدم أفضل ما لديها، فيحدث تنافس بين القطاعات ومن هذا التنافس يبرز الجمال الحقيقى، ولك أن تعرف أننى منذ اليوم الأول لى فى الوزارة وأنا أضع هذه المهمة أمام عينى، صحيح أنى أنشأت جهاز التنسيق الحضارى لاحقا، لكنى منذ اليوم الأول كنت أريد تغيير اسم «وزير الثقافة» إلى «وزير الثقافة والتنسيق الحضارى» وفى الاجتماعات الأولى لمجلس الوزراء وضعت أمام مجلسى فى مجلس الوزراء لافتة تقول: «وزير الثقافة والتنسيق الحضارى».

هل هذا حصل فعلا؟

- نعم، لكن للأسف ألغيت بعد قليل ولم يصدر بها قرار رسمى، برغم أنى كنت أحلم بتنفيذ هذه المهمة منذ وجودى فى إيطاليا حينما كنت أشرف على الأكاديمية المصرية بروما، لأن التنسيق الحضارى هو المعنى للحفاظ على روح مصر، وروح مصر عظيمة ومتنوعة ومتناغمة، تجمع فيما بينها بين عظمة الآثار وروعة المتاحف وجمال الطقس، وأتمنى أن تهتم الدولة بالمشاريع الثقافية باعتبارها مشاريع حياة أو موت، وأتمنى بشكل خاص أن يولى الرئيس اهتماما خاصا بالمتحف المصرى الكبير، لأنه من المفترض أن يكون افتتاحه حدثا عالميا يجذب الجميع إلى مصر ويعدل من صورتها الذهنية التى شوهها الإرهاب والإرهابيون.

ولماذا ترى أن الافتتاح الجزئى للمتحف سيضر به؟

- لأنه سيضيع رونق الاحتفال، وسيجعل الجميع يعتقد أنه لو أتى فسيرى شيئا ناقصا، هذه هى نفسية المتابعين فى العالم ويجب علينا أن نحترمها، ولابد أن ننتبه هنا إلى أننى حينما فكرت فى إنشاء المتحف المصرى الكبير كان من أسباب الإنشاء أن أجبر من زار مصر واستمتع بآثارها مرة واثنتين وثلاثا أن يأتى إليها مرة رابعة، لأن الجميع سيدرك بعد افتتاح المتحف أنه إن لم يزر المتحف المصرى الكبير فكأنه لم يزر مصر، ويجب علينا أن نخطط لتكون الزيارة لهذا المتحف نقلة عاطفية تجعل هذه الزيارة من أحب الذكريات للسائح، وأتخيل أن يتم العرض بتنويعات فى الإضاءة ومراعاة للتناسق العام، مع أجواء من الموسيقى، فقيمة الفن الفرعونى ليست فى تاريخه فحسب، وإنما قيمته فى فنه، ولذلك حينما نحسب القيمة الفنية للتمثال سنعرف كيفية وضعه داخل سيناريو العرض المتحفى، ولهذا يجب أن نعى جيدا خطورة المتحف المصرى الكبير وأهميته، فهذا المتحف هو أكبر متحف فى العالم من حيث المساحة، وأكبر متحف فى العالم كقيمة أثرية نظرا لما يحتويه من آثار فرعونية فريدة، وقد كنا قد انتهينا من ثلثيه حينما كنت فى الوزارة، وأقصد بهذا المراكز العلمية، ومعامل الترميم والمخازن التى صنعناها على مستوى دولى، بكل ما تعنيه كلمة دولى من مقاييس.

وماذا عن التصميم؟

- التصميم اخترناه بالفعل، ونظمنا مسابقة تقدم لها 1557 بيتًا معماريًا فى العالم بـ1557 مشروعًا، لنختار منها مشروعًا واحدًا، وأشركنا منظمة اليونسكو وشالجمعية المعمارية الدولية فى الاختيار، واخترنا التصميم المناسب للمنطقة والذى يحترم أثريتها، ولذلك سترى أن الهرم الأكبر دخل ضمن البانوراما المعمارية للمتحف، ثم اخترنا عنصر الضوء الذى يعتبر حلقة الوصل بين الأرض والسماء.

كيف إذن ننجح فى خلق سيناريو عرض متحفى مبهر فى داخل المتحف؟

- أعتقد أن إسناد هذه المهمة لمكتب دولى متخصص أمر حتمى، وقد سمعت أن وزارة الآثار أتت بمكتب خبرة ألمانى هو الذى سيقيم سيناريو العرض.

هل ستغضب حينما أقول إن عصر فاروق حسنى كان عصرًا ذهبيًا للمؤسسة الثقافية، بينما لم يكن كذلك بالنسبة للثقافة المصرية بوجه عام؟

- لا بالطبع هذا أمر لا يغضبنى على الإطلاق، لأن الثقافة مسؤولية المثقفين، أما مسؤولية الوزير فهى أن يمهد لهم السبل وينشىء لهم المؤسسات التى تحتويهم، وهو الأمر الذى أعتقد أننى لم أقصر فيه.
 
 
كما يجب أن ننتبه إلى أن المبدعين الكبار هبة من الله.. ربنا وهب لنا نجيب محفوظ، ومحمد عبدالوهاب، وأم كلثوم، والعقاد، وطه حسين، وغيرهم عشرات فى عصر واحد، كل هؤلاء قامات شكلوا الفكر المصرى والعربى فى وقت من الأوقات، وكانت إسهامات مصر تتنوع فى كل المجالات، فى الأدب وفى الموسيقى والعمارة والفن، وبالمناسبة كل هؤلاء نتاج الأربعينيات والثلاثينيات والعشرينيات من القرن الماضى، وليس بعد هذا التاريخ.

ولماذا فشلنا فى أن نعيد الظروف التى أدت إلى ظهور كل هذه العبقريات؟

- لأننا لم نؤمن بالتخصص الدقيق حتى الآن، فنحن لا نحتاج إلى مثقف لكى يدير الثقافة المصرية، نحن نحتاج إلى محرك ثقافى، وهذا المحرك الثقافى له مواصفات تختلف اختلافًا كبيرًا عن مواصفات المثقف، المثقف مثل أستاذ القانون، أما المحرك الثقافى فمثل المحامى.

أما ما يتعلق بسؤالك حول عجزنا عن إنجاب قامات كبيرة كالسابق، فأقول لك إن إنتاج القامات لا يحتاج إلى ثقافة، بقدر ما يحتاج إلى اكتمال فى كل فروع الإبداع، أدب وفن وسينما ومسرح وموسيقى وعمارة، ولهذا حينما أتيت إلى وزارة الثقافة كان شعارى «تحديث الرؤى الثقافية.. مفهوم جديد للثقافة».

مفهوم جديد للرؤى وليس للثقافة؟

- نعم، ولهذا أنشأنا سمبوزيوم أسوان الدولى للنحت، وصالون الشباب، ومراكز الإبداع، وأدخلنا مفهوم الرقص الحديث، والمسرح التجريبى، وحافظنا على بينالى القاهرة وطورناه، كما نظمنا مؤتمرات الثقافة الجماهيرية التى تهتم بأدباء الأقاليم، فخرجت منها مواهب حقيقية، فأقاليم مصر هى الحاضنة الأولى للرموز التى تتحدث عنها.

نحن نعانى الآن من نقص الكوادر الثقافية الحقيقية، فما الذى يجب علينا فعله؟

- أولًا يجب أن تكون لدينا رؤية لما نفعله، وهذه الرؤية تتضمن إعداد الكوادر التى تتحدث عنها، مثل سمير سرحان، وفوزى فهمى، وجابر عصفور، وزاهى حواس، وسامح مهران، وأحمد مجاهد، وعماد أبوغازى، فحينما تعمل على عمل عظيم لابد أن تأتى معك بمن هم على قدر المسؤولية، «لكن لو عاوز متنجحش هات معاك الفاشلين».

ألم تكن تخشى أن ينافسك أحدهم أو يزيحك ليحتل مكانك؟

- «ولو.. ما ينافس يا أخى.. أنا اللى هكسب برضة».. أنا لا تهمنى مثل هذه الأشياء، لأننى لم أولد وزيرًا، والوزارة «خبطت فيا»، لكننى ولدت لأكون فنانا وخلاص كده، فالفن هو الأساس، ولكى تظهر لدينا كوادر ثقافية مهمة يجب علينا أن نعمل خطة لهذا، فعلى سبيل المثال هناك مكان فى سقارة يتبع وزارة التنمية المحلية، لكن هذا المكان من الممكن أن يتحول إلى مركز لإعداد رواد الثقافة، بأن نختار 30 أو 40 شخصًا للإقامة فى هذا المركز إقامة كاملة لمدة 3 أشهر، يدرسون خلالها المسرح والسينما والفن التشكيلى والموسيقى والعمارة، بشرط أن نأتى لهم بأهم الخبرات من مصر والعالم لتصبح الفائدة أكبر وأحدث.

هل تريد صنع مدينة فاضلة جديدة؟

- نعم.. تلك المدينة سيتم إعداد الكوادر الثقافية فيها، وتفاعلهم الإنسانى سيجعل منهم «بنى آدمين تانيين»، ومن هؤلاء نختار القادة فى المستقبل، بعد أن تتلاقح تجاربهم وتنمو، ويتحول هذا المكان إلى بؤرة للعدوى بالجمال والإبداع، «فالشاعر يتعدى من الموسيقى»، والفنان التشكيلى يفهم الموسيقى ويتذوقها.

هل أفهم من هذا أنك تحب الموسيقى مثل حبك للفن التشكيلى؟

- طبعًا، «زمان كنت بعزف على الفلوت».

نعود إلى فكرة إعداد الكادر الثقافى، و لماذا تدهور حال بعض الفنون فى مصر، ولم يحدث الأمر ذاته فى الفن التشكيلى؟

- غياب النقد سبب أساسى فى انحدار الفنون، الناقد الحقيقى «طبيب جراح» لتخصصه، بمقدوره أن ينزع المزيفين ويثبت الأصلاء، لكن لابد للناقد أن يكون أكثر تخصصًا مما نحن عليه، ففى أوروبا مثلًا هناك نقاد للفن السريالى، وآخرون للتجريدى، وهكذا فى بقية أنواع الفنون، فى الأدب والموسيقى والمسرح وكل أنواع الإبداع، ولا يجوز مثلًا أن يكون ناقد الباليه هو ناقد المسرح أو العكس، لأن هذه التخصصات تحتاج إلى معايشة ومذاكرة ومشاهدة واحتكاك، وحينما كنت فى الوزارة كنت أعمل على أساس التحفيز، التحفيز لأى موهبة، وكنت حريصًا على استقدام المبدعين الأجانب، لأننى كنت أرى أن مصر ليست أقل من أى دولة أوروبية لكى يقام فيها حفل عالمى، كما أننى كنت حريصًا على أن يشاهد المبدعون المصريون أقرانهم الأجانب، لكى تتلاقح التجارب وتنمو، وحينما رأيت المسارح الصغيرة فى أوروبا قلت أريد مسارح كهذه فى مصر، وبالفعل حينما رجعت تحدثت إلى خالد جلال، وقلت له إننى رأيت كذا وكذا فى أوروبا، وأريدك أن تؤسس لنا فى مصر مكانًا شبيهًا به.

وكيف اخترت خالد جلال؟

- رأيته فى مسرح الهناجر مخرجًا وممثلًا فى عرض مسرحى، فتأثرت بما قدمه، وبعدها طلبته ليدخل امتحان جائزة الإبداع ويذهب إلى الأكاديمية المصرية بروما، والحمد لله كان ناجحًا بشكل كبير، وكذلك اخترت وليد عونى، الذى يذوب فى مصر عشقًا، لأنها اهتمت به ومنحته فرصة ليثبت جدارته ويظهر موهبته.

أنت ترجع مسألة انحدار بعض الفنون إلى غياب النقد، فى حين أن الفن التشكيلى ازدهر فى الفترة الأخيرة، وهو أيضًا يفتقر إلى النقاد.. فكيف هذا؟

- لأن الفن التشكيلى حقل إبداعى وأكاديمى فى الوقت ذاته، ولدينا فى مصر أساتذة كبار جدًا، وهؤلاء الأساتذة على تواصل دائم بالفنانين الشباب، وبالمناسبة حينما أُسس صالون الشباب الذى أفرز العديد من المواهب الشابة، شددت على أن نترك كامل الحرية للشباب، لأن المواهب لا تتقيد إطلاقًا، ووقتها هاجمنى النقاد الموجودون آنذاك، لأننى تركت للأولاد الحرية الكاملة للتعبير.

ألم تخشَ من أن تتحول هذه الحرية إلى ضوضاء؟

- سأقول لك قصة.. ذات مرة قالى لى وزير ثقافة عربى ماذا أفعل لكى أظل وزيرًا والحكومات لدينا تقدم استقالتها كل فترة، فقلت له «اعمل ضجيج»، والضجيج فى الثقافة لا يكون إلا بالمشروعات الكبيرة والبرامج الطموحة، وأنا هنا أقصد الضجيج بمعناه الإيجابى، وليس بمعناه السلبى، فالفرح ضجيج، والحفل الموسيقى ضجيج، و«الخناقة» أيضًا ضجيج، وشتان بين هذا وذاك وتلك، هى ملحمة «كاملة فى بعضها».

ما رأيك فيمن يقول إن وزراء الثقافة من بعدك لم يحققوا نفس الذى حققته لقلة الاعتمادات المالية؟

- «الثقافة ملهاش دعوة بالفلوس»، بقدر ما لها علاقة بالمعرفة والخيال والرؤية، وإذا رجعنا إلى رواد الثقافة فى مصر الذين أشرت إليهم فيما سبق، ستجد أنهم كانوا يعملون بأقل الإمكانيات، برغم أنهم «طلعوا فى فقر واحتلال، لهذا أقول لك إن الثقافة والإبداع ملهاش دعوة بالفلوس، ليها دعوة بالخيال».

رئيس جامعة القاهرة اقترح منذ فترة استقدام أساتذة أجانب فى جامعة القاهرة.. هل أنت مع هذه الخطوة؟

- نعم معها تمامًا، وسبق أن قلت للدكتور فوزى فهمى وقت أن كان رئيسًا لأكاديمية الفنون لابد أن تأتى بأساتذة أجانب. 

ولماذا لم يحدث هذا الأمر؟

- لأنه كان يتطلب العديد من الإجراءات اللوجستية الأخرى، مما يخرج عن طبيعة عمل الأكاديمية.

لكن ألا تعترف بأن جزءًا كبيرًا من نهضة مصر الثقافية فى الماضى كان يعود لانتشار الكثير من الأساتذة والخبراء الأجانب فى مصر؟

- نعم وهذا ما أؤكد عليه دائمًا، فوجود العديد من الخبرات والثقافات فى مكان واحد كفيل بخلق حالة إبداعية خلاقة، ولذلك كنا نرى فى السينما والأدب والشعر والموسيقى والمسرح عشرات الأجانب الذى مكثوا فى مصر، وأصبح من الصعب أن تكتشف أصولهم غير المصرية.

ووفقًا لنظرية «الضجيج الثقافى» لماذا لا تفتتح مصر قاعة مزادات عالمية، لتتوجه أنظار العالم إلى مصر مثلما توجهت إلى نيويورك أثناء بيع لوحة ليوناردو دافنشى الأخيرة؟

- لأن قاعات المزادات الشهيرة تذهب إلى حيث تذهب الأموال، ولذلك يفتتحون قاعات لهم فى البلاد التى يضمنون أنها ستعيد إليهم أموالهم، فحينما أذهب إلى دبى مثلًا لأحضر جلسة مزادات، أرى رجال الأعمال الأتراك والإيرانيين واللبنانيين والهنود يشترون لوحات مواطنيهم بمبالغ فلكية، تشجيعًا لهم واستثمارًا لأموالهم، لذلك تذهب قاعات المزادات إليهم، لأنه سيكون هناك مردود مادى كبير، لكن للأسف رجال الأعمال المصريون غير مهتمين بهذه المسألة.

هل نستطيع بناء على هذه النظرية القول إن فساد ذوق النخبة الاقتصادية أدى إلى تدهور الحالة الثقافية فى مصر؟

- طبعًا، فالذى يشترى اللوحات يشجع الفن، والذى يشترى تذكرة مسرح يشجع التمثيل، والذى يشترى كتابًا يشجع الكتابة، وفى الحقيقة أنا سعيد برجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس، لأنه على وعى كبير بالاهتمام بهذه الأشياء، وإن كنت تريد أن تستكشف عوامل النهضة الثقافية فى مصر فى أوائل القرن الماضى، فيجب أن تنظر إلى سلوك النخب الاقتصادية والسياسية فى هذا الوقت، الذى كنت ترى فيه طلعت حرب يؤسس السينما وينشئ المسرح القومى، والأميرة فاطمة إسماعيل تؤسس الجامعة المصرية، والأمير يوسف كمال يؤسس مدرسة الفنون الجميلة، والملك فؤاد يؤسس معهد الموسيقى العربية على طراز عربى أصيل، وبالمناسبة قد وقفت بضراوة أمام هدم مشيخة الأزهر، لأنها كانت مبنية على الطراز ذاته.

الكثيرون يجهلون تفاصيل هذه القصة، فما تفاصيل تلك الواقعة؟

- هذه الواقعة تعود إلى فترة الشيخ محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر السابق، رحمه الله، وإبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، ووقتها اتفق الشيخ والوزير مع محافظ القاهرة على هدم مشيخة الأزهر القديمة، فقلت لهم «هو المبنى مضايقكم فى حاجة»، وبعد أن أدلى كل واحد بدلوه قال لى الرئيس مبارك «وانت رأيك إيه من الآخر؟»، فقلت له إن هذا المبنى يحمل قيمة إسلامية وتاريخية ومعمارية كبيرة، ولا يجوز لنا أن نرث قيمة ثم نهدمها، فاتفق معى وتم إلغاء قرار الهدم.

أليس غريبًا أن تقف هذه الوقفة دفاعًا عن التاريخ الإسلامى الذى تجسده تلك المشيخة فيتهمك خصومك دائمًا أنك ضد الدين؟

- «أنا عمرى ما كنت ضد الدين الإسلامى، هو فيه حد يبقى ضد نفسه»، أنا فقط كنت ضد مظاهر التدين المبالغ فيها، فالدين ليس الحجاب ولا النقاب ولا اللحية ولا «الجلابية»، الدين أسمى وأرفع من كل هذا، وفى الحقيقة كل أديان العالم سواء السماوية أو حتى الأرضية سامية وراقية، وتأمرنا بالخير والعدل والحق، وقد كنت ضد مظاهر التدين الشكلى، لأننى كنت أعلم أن الإخوان يستخدمون هذه المظاهر كـ «عداد» لعدد أتباعهم، وحينما اكتست رؤوس البنات فى المدارس بالحجاب قفز الإخوان على حكم مصر، وهذا الذى كنت أراه وأواجهه.

حينما كنت وزيرًا أسهم الإخوان فى عمل «بروباجندا» سلبية ضدك، ثم اكتشف الناس بعد ذلك أن تلك الدعاية ظالمة، فكيف ترى هذا؟

- أنا لا يهمنى ما أصابنى بالسلب أو بالإيجاب، لأننى أولًا وأخيرًا كنت أفعل ما أؤمن به، لكن ما يهمنى حقًا هو أن يصل الناس إلى الحقيقة، صحيح أننا وصلنا متأخرين بعض الشىء، وصحيح أننا دفعنا ضريبة كبيرة من أجل هذا الوصول، لكننى أحمد الله على اكتشاف آفة التجارة بالدين قبل أن تضيع مصر كلية، وبالمناسبة أنا لم أكن ضد الحجاب أو معه، أنا كنت ضد إجبار البنات الصغيرات على الحجاب بشكل مباشر أو غير مباشر، وكما كنت ضد أن ترتدى البنت الحجاب بالقوة، فأنا أيضًا ضد أن تخلع البنت الحجاب بالقوة.

لكن البعض لا يفهم الفارق بين أن تهاجم الدين وأن تهاجم مظاهر الدين، فكيف نفرق بين الأمرين؟

- حدث هذا حينما اجتمع معى بعض النواب خارج البرلمان بعد أزمة الحجاب، فقلت لهم «هو أنا لما أشوف مصحف مطبوع بطريقة سيئة وأقول إن الطباعة سيئة يبقى بشتم المصحف؟.. فقالوا لا»، فقلت لهم هذا هو الفرق بين أن أهاجم الدين وأن أهاجم المظاهر التى تفسد الدين.

أنت من الذين يؤكدون دائمًا أن الدين جزء من ثقافة الإنسان، فلماذا لم تنشئ لجنة دينية بالمجلس الأعلى للثقافة؟

- اقترحت هذا الأمر ذات مرة وهوجمت بشدة، «لأن المثقفين مفهموش الغرض منها ولا حتى رجال الدين فهموا»، فهاجمنى الطرفان، وقد كان أملى أن يجلس أهل الأديان المختلفة مع بعضهم البعض ليتناقشوا ويتحاوروا ويقيموا علاقات إنسانية، فيفهم كل واحد الآخر، ويسود الود ويتجدد الخطاب الدينى من تلقاء نفسه، لكن للأسف تراجعت عن هذه الفكرة بعد الهجوم الشديد الذى تعرضت ليس خوفًا من الهجوم، ولكن لتقديرى أن الفكرة مازالت عصية على الاستيعاب.

وهل ترى أن هذه الفكرة تصلح للتطبيق الآن؟

- طبعًا، على أن تشكل من رجال الأزهر والكنيسة، ومن المثقفين المهتمين بالتراث الدينى.
ولماذا لم تفكر فى عمل مؤسسة ثقافية دينية على غرار ما فعلته فى المسرح والفن التشكيلى؟
- يضحك.. «مكنتش هسلم من المثقفين.. وخوفهم من الإخوان كان هيقولوا عليه إخوانجى».

أخيرا.. كيف ترى اختيار الفنانة إيناس عبدالدايم لمنصب وزير الثقافة؟

أنا أعتبره اختيارا فى غاية التوفيق، كما أنه يدل على أن آلية الاختيار كانت سليمة مائة فى المائة، نظرا لما تتمتع به «عبدالدايم» من إمكانيات متعددة ومؤهلات عالية تؤهلها لهذا المنصب منذ فترة طويلة، وقد عملت «عبدالدايم» فى دار الأوبرا، وكانت مسؤولة عن النشاط الفنى، وكنت ألمح فيها تميزا وحسن إدارة، كما أنها بنت وزارة الثقافة، لذلك فهى قادرة على فهم تحديات المنصب وأعبائه، بالإضافة إلى أنها تتمتع بالموهبة والإبداع، وتعد من أمهر العازفين وأكثرهم تخصصا، إضافة إلى تمتعها بالمعرفة والثقافة، مكللة كل هذا بحسن الإدارة، ولهذا كله فإنى أتمنى لها التوفيق من كل قلبى، وأثق فى قدراتها على الإدارة.
 
 
اليوم السابع
 
اليوم السابع
 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة