أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فتره الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016»، وهو البحث الذى أعدته الباحثة أمينة محمد محمود خليل، المركز الديمقراطى العربى، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز الديمقراطى العربى فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول الباحثة: ربحت الدبلوماسية الإسرائيلية فى السنوات القليلة الماضية، بحيث أصبحت الآن فى تحالف استراتيجى مع المملكة السعودية، موضحًة بذلك أن التهديد الإيرانى غير موجود، ومفسرة بذلك «نعومة» أو «ليونة» سياسة واشنطن، الأمر الذى جلب- أخيرًا- للولايات المتحدة حليفين رئيسيين فى المنطقة.
وهكذا وُلد المحور الأمريكى- الإسرائيلى- السعودى القوى، على الرغم من العديد من المشاحنات التى حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، إلا أن جوهر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لم يتغير، بل هما أقرب من أى وقت مضى، فالجانبان مستمران فى اتباع الرؤية نفسها حول «الشرق الأوسط الجديد»، وربما لهذا السبب يبتعدان عن بعضهما استراتيجيًا، ولكن ظهرت بعض الاختلافات فى الآراء بينهما حول بعض قضايا الشرق الأوسط، ومن أهمها قضية الملف النووى الإيرانى، والقضية السورية، وبذلك حدثت تغييرات فى السياسات المتبعة بين الدولتين.
ثم تنتقل الباحثة إلى علاقات داعش بالأمريكان، حيث قالت فى تعريفها لـ«داعش»: هو اختصار للحروف الأولى من كلمات الدولة الإسلامية فى العراق والشام، ويتم إطلاق صفة الدولة على التنظيم فى المناطق التى تسيطر عليها فى سوريا والعراق، وهو تنظيم مسلح إرهابى يدّعى أنه يتبنى الفكر السلفى الجهادى «التكفيرى»، ويدّعى المنضمون إليه أنه يهدف إلى إعادة ما يسمونه «الخلافة الإسلامية»، وتطبيق الشريعة، ويتخذ من العراق وسوريا مسرحًا لعملياته وجرائمه.
نبت تنظيم «داعش» عبر السجون الأمريكية فى العراق، حيث حدث تواطؤ كبير بين إيران ونظام «المالكى» مع أمريكا، من أجل إطلاق هذا الوحش الجديد.
تشكّل تنظيم «داعش» الإرهابى فى إبريل عام 2013، وقدم فى البدء على أنه اندماج بين ما يسمى بـ«دولة العراق الإسلامية»، التابع لتنظيم «القاعدة» الذى تشكّل فى أكتوبر 2006 على يد أبوبكر البغدادى، بعد اجتماع للفصائل المسلحة ضمن معاهدة «حلف المطيبين»، واختار «أبوعمر» قائدًا للتنظيم، وأخذ فى التطور وحصد الأسلحة والأموال والاستيلاء على المدن فى العراق وسوريا وآبار النفط، بالإضافة إلى العمليات النوعية والتفجيرات الذى تبناها التنظيم، والمجموعة التكفيرية المسلحة فى سوريا المعروفة بـ«جبهة النصرة»، إلا أن هذا الاندماج الذى أعلن عنه أبوبكر البغدادى، رفضته «النصرة» على الفور.
وبعد ذلك بشهرين أمر زعيم «القاعدة» أيمن الظواهرى بإلغاء الاندماج، إلا أن «البغدادى» أكمل العملية ليصبح تنظيم «داعش» واحدًا من أكبر الجماعات الإرهابية الرئيسية، التى تقوم بالقتل والدمار فى سوريا والعراق، وينتشر بشكل رئيسى فى العراق وسوريا، وله فروع أخرى فى جنوب اليمن وليبيا وسيناء والصومال ونيجيريا وباكستان.
وعن تنظيم «القاعدة» قالت الباحثة: نشأ التنظيم عام 1987 على يد عبدالله يوسف عزام، على أنقاض «المجاهدين»، الذين حاربوا الوجود السوفيتى فى ثمانينيات القرن الماضى بأفغانستان، وتشير بعض المصادر إلى أن عدة جهات كانت تدعم هذا التنظيم، أبرزها وكالة الاستخبارات الأمريكية، قاعدة الجهاد، أو القاعدة حركة جهادية إسلامية، التى يتزعمها حاليًا أيمن الظواهرى الذى خلف أسامة بن لادن بعد مقتله على يد قوات أمريكية خاصة فى عام 2011.
يتبنى التنظيم فكرة الجهاد ضد «الحكومات الكافرة»، وتحرير بلاد المسلمين من الوجود الأجنبى أيًا كان، وتصنفه الولايات المتحدة وأغلب الدول الغربية كأبرز تنظيم إرهابى عالمى فى تعريفها لتنظيم «القاعدة».
تستخدم الدراسة منهج النظام الدولى، أو تحليل النظم لمورتون كابلان، الذى استطاع أن يستفيد من اقتراب تحليل النظم ليجعل منه اقترابًا صالحًا لدراسة وتحليل النظام الدولى، حيث إن اقتراب تحليل النظم صالح فقط لدراسة النظام السياسى الداخلى، فقد استطاع «كابلان» أن يجعل الاقتراب يتلاءم مع طبيعة العلاقات الدولية داخل النظام الدولى .
فاقتراب النظام الدولى يقسم العالم إلى نظام دولى، ونظم إقليمية أو نظم فرعية «وحدات كبرى، ووحدات صغرى، ووحدات متوسطة»، وبينها نوع من علاقات التأثير والتأثر، والتفاعل بينها يخلق أنماطًا من السلوك داخل النظام الدولى أو النظم الفرعية.
فالنظام الدولى يتكون من مجموعة من المتغيرات التى تترابط وتتداخل علاقتها، وتنتج عن تفاعل تلك المتغيرات، سواء داخلية أو خارجية، أنماط متمايزة من السلوك الدولى، ومن خلال تحليل علاقات التأثير والتأثر التى تربط بين هذه المتغيرات التى يعتمد عليها النظام الدولى فى استقراره، يمكن التعرف على جوانب الانتظام وعدم الانتظام فى أنشطته وعملياته.
فعندما تتسبب أحد عوامل التأثير والمدخلات فى إحداث نوع من التغير فى العلاقات التبادلية للمتغيرات التى يتألف منها النظام الدولى، أو الخصائص الذاتية لبعض تلك المتغيرات نفسها، فينتج هذا التغير تحولًا أساسيًا فى سلوكيات هذا النظام.
«يتبع»