أكرم القصاص

هزيمة فيروس "سى" الكبد الوبائى.. نموذج يستحق التعميم

السبت، 20 يناير 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين الكثير من الخطوات التى تمت مؤخرا، أتوقف كثيرا عندما تحقق فى مصر تجاه فيروس الكبد الوبائى سى، والذى كان يمثل بالنسبة لى ولكثيرين تحديا بدا فى وقت من الأوقات مستعصيا على الحل.
 
كنت أحد الذين انشغلوا بملف الصحة، وتابعت بشكل خبرى وعلمى مسيرة مصر مع الوباء، منذ نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، فقدت مثل كل شخص فى مصر الكثير من الأصدقاء والأقارب، رحلوا بالمرض الذى حرمنا منهم.
 
فى يوليو 2011 نشرت مجلة «نيتشر ميدل إيست» العلمية، أن مصر صاحبة المعدل الأعلى لانتشار فيروس سى فى العالم، وقالت إن متوسط التقديرات العالمية يُشير إلى أن واحدا من بين 50 شخصًا مصابين بالفيروس. كانت التقديرات أن واحدا من بين 7 مُصابين بالفيروس، وواحد من بين كل عشرة مصابين إصابته مزمنة. وتصل الإحصائيات المرعبة بأرقام المصابين بالفيروس إلى 12 مليونا، وترتفع بها إلى مايقارب العشرين مليونا وكان الرقم يمثل ربع عدد السكان.
 
كتبت عشرات المرات عن الفيروس المرعب. واعتبرته يوما من مهددات الأمن القومى مثل أى وباء يهدد صحة المصريين وتستدعى العمل مع الكبد الوبائى مثل التعامل مع أى تهديد خارجى للمصريين.
 
ولما ظهر الدواء الجديد، بدا الأمر فى سياق الاستحالة، حتى بدا المشروع المهم لمواجهة وإنهاء فيروس سى، وهو مشروع بدا هو الآخر من ضروب الخيال. ومع الوقت بدأت عمليات تفاوض وتصنيع وإنتاج وتم توفير الدواء بأقل من واحد على عشرة من ثمنه العالمى وبدأت حملة للكشف عن فيروس الكبد البائى سى وعلاجه لغير القادرين. تجاوز عدد من تلقوا الدواء حوالى 10 ملايين، منهم حوالى 7ملايين على نفقة صندوق مصر. وبنسبة شفاء تصل إلى %90، وأكثر فى الكثير من الحالات التى يتم كشفها مبكرا.
 
وبشهادات منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية كثيرة فقد حققت مصر نجاحا كبيرا، بل إنها تحولت إلى أحد مراكز علاج الفيروس على مستوى العالم.
 
ويقول الدكتور جوتفريد هيرنيشال، مدير البرنامج العالمى لمكافحة التهاب الكبد الوبائى، أن مصر يتوقع أن تقضى على فيروس التهاب الكبد الوبائى سى بحلول عام 2030، مع دول مثل البرازيل وألمانيا واليابان وأيسلندا وهولندا وأستراليا. ووصفت مدير عام منظمة الصحة العالمية، مارجريت تشان عام 2016تجربة مصر فى مكافحة الفيروس بـ«الرائدة».
 
تحولت مصر إلى مركز لعلاج الفيروس عالميا، لكونها الأرخص والأكثر فاعلية فى تطبيق برنامج العلاج.و خلال 14 شهرا، تم إجراء مسح طبى لـ5 ملايين مواطن، والانتهاء من قوائم الانتظار لعلاج الفيروس.وهو برنامج مايزال مستمرا. وانتقلت مصر من أكثر الدول إصابة بالمرض إلى مركز علاج.
 
كل هذا يستدعى الامتنان، ويقدم نموذجا لتجربة ناجحة من كل الزوايا. التفاوض والعلاج والبرنامج الطبى المناسب والسريع. ويمكن فى حال دراسة هذا النموذج أن نمتلك تجربة يمكن تعميمها وتطبيقها مع كل الأمراض الخطيرة. وأيضا فى بناء المنظومة الصحية بما يخرجنا من دوائر التعثر. لأن صحة المواطن هى أصل القضايا، فإن برنامج الكشف والعلاج لفيروس سى، صان حياة ملايين، وغير حياتهم، ووفر الكثير من الخسائر البشرية والمادية. وهو نموذج لمشروع قومى حقيقى، ناجح، ويستحق التعميم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة