منذ سنوات كثيرة مضت، كان لدى كتاب معد للأطفال عن أمير الشعراء أحمد شوقى، هذا الكتاب يقول: إن أول شعر قاله أحمد شوقى فى حياته عندما طلب منه معلمه أن يصف قارة أفريقيا فقال: «أفريقيا قسم من الوجـودِ/ فى شكلها أشبه بالعنقـودِ» ومن بعدها انطلق الشعر على لسانه ولم يوقفه سوى الموت، وهكذا هو الحال مع أفريقيا دائما، فمن عندها تبدأ الأشياء ولا تنتهى.
وبعد أيام قليلة سيفتح معرض القاهرة للكتاب أبوابه، وهناك سنجد ثقافات مختلفة ومتنوعة، لكننا لن نجد تمثيلا أفريقيا يليق بمكانتنا فى هذه القارة المهمة، مع أن المسؤولين فى الدولة، خاصة وزير الثقافة ورئيس هيئة الكتاب ورئيس قطاع الثقافة الخارجية، يعرفون جيدا أن العمق الأفريقى لنا مهم جدا، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد حدد مدينة أسوان فى العام الماضى عاصمة ثقافية واقتصادية لأفريقيا.
توقعت من معرض القاهرة الدولى للكتاب أن يضم محورا كاملا عن أفريقيا طوال أيام المعرض، على أن يشارك فى كل يوم ممثل لدولة مختلفة، يناقش ما يمكن لمصر ولدولته أن يتشاركا فيه، ولسنا فى حاجة لاستدعاء شخصيات من الخارج، بل كان يمكن أن يتم ذلك بالتنسيق مع السفارات الأفريقية الموجودة فى مصر.
علاقتنا بأفريقيا يجب أن تكون أقوى مما هى عليه الآن، وعلى الأمر أن يرتفع أكثر من العاطفة، وألا نكتفى بالحب والأخوة فقط، بل إن الثقافة والاقتصاد هما من يصنعان هذه القوة ويقيمان أشكالا عديدة للتكامل المطلوب، وعلينا أن ندرك أنهم فى حاجة إلينا وأننا فى حاجة إليهم، وأن ندرك أيضا أننا مع الدول الأفريقية نقيم نهضة حقيقية تفيد الجميع.
كثيرون فى مصر يعتقدون أن أفريقيا ليس لديها شىء لتقدمه لنا، وأنها دول فقيرة لا تملك شيئا، وأن علاقتنا بها ستكون عبئا ثقيلا لكن ذلك غير حقيقى، فأفريقيا بدولها المختلفة، تملك الكثير الذى تقدمه لنا، فلا تزال أرضها بكرا والأوروبيون يعرفون ذلك جيدا لذا سعوا هم لإقامة العلاقات القوية، ومن يتابع سياسة فرنسا الخارجية يعرف جيدا أثرها الكبير فى منطقة وسط أفريقيا.
الآن أو بعد سنوات سوف ندرك جيدا أنه لا حل لنا سوى أفريقيا، فنحن وهم تاريخنا واحد ومستقبلنا واحد ولا سبيل سوى التكامل معا.