"كل من ينظر إليه يحس فيه بالسكينة والوقار، ولا يشك فى صلاحه، وأنه صاحب عقل وتدبير، وفروسية وشجاعة، خاصة أنه صاحب مبدأ، فضلا عن أنه كان محبوب الصورة عند الكل، وذلك بناء على التقدير لسيرته على مدى القرون"، هكذا وصف الدكتور عبد المنعم ماجد، أستاذ التاريخ الإسلامى رئيس قسم التاريخ الأسبق بجامعة عين شمس، السلطان طومان باى، آخر سلاطين المماليك فى مصر.
ومع ذكر سيرة طومان باى، والتى تحل اليوم الذكرى الـ501، على هزيمته على أيد الجيش العثمانى بقيادة السلطان سليم الأول، فى معركة الريدانية، والتى كانت بداية سقوط دولة المماليك فى مصر، تظل سيرته مخلدة، فى العديد من المجلدات والكتب التاريخية على إنه كان محبوبا من المصريين، ويعتبر ضمن عدد صغير من المماليك الذين تم اختيارهم بواسطة ممثلى الشعب.
وبحسب كتاب "طومان باى آخر سلاطين المماليك فى مصر" للدكتور عبد المنعم ماجد، فإن طومان باى، كان يشغل منصب نائب السلطان قنصوه الغورى، وكانت معظم أعمال القصر والسلطة بين يديه، حتى أن "الغورى" نفسه كان يوصى بأن يتولى "طومان باى"، وما أن توفى الأول أثناء إحدى معارك مع العثمانيين، حتى انهالت الترشيحات على طومان باى، لكى يتولى الحكم، والذى ظل يرفضه لمدة 50 يوما، إلا أن رجال الدين فى مصر، ظلوا يضغطون عليه من أجل موافقته، ليكون ثانى سلطان مملوكى بعد قنصوه الغورى، يتم اختياره من قبل المصريين عن طريق زعماء الدين.
ويرجع المؤلف ذلك لعدة أسباب منها أن "طومان باى" لم يكن متكبرا أو متجبرا مثل باقى سلاطين المماليك، واستند الكاتب إلى مقولة لابن إياس "إنه خلال نيابة السلطنة ساس الناس أحسن سياسة، وإنها كانت راضية عنه، فقد كان متدينا صالحا، خيرا فاضلا، زائد الأدب والسكون والخشوع والخضوع، ملازما لزيارة المشايخ الأحياء منهم والأموات، فكان الذى عمره ما رآه إذا رآه، لا يشك فى أنه عبد صالح، وأن الصلاح والأنس والخيرية، كان ظاهرة عليه، وعلى وجهه".
ويتابع المؤلف الحديث عن طومان باى، بأنه على عكس جميع السلاطين أو المماليك عموما، لم يظهر عنه فى حياته شىء من الأفعال الردية، فلم يشرب الخمر ولا زنا، ولا قارب الفواحش أبدا، وإنما كان يقتصرا على زوجة واحدة "خوند" وهى ابنه أمير مملوكى مثله، على عكس أغلب الممالك الذين ما كانوا غالبا يتزوجون من أربعة نساء، فضلا عن أعداد كبيرة من الجوارى، مثل الملك السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذى كانت له ألف ومائتا جارية، بحسب تأكيد الكاتب.
وأتم المؤلف حديثه فى هذا السياق، عن أن طومان باى كان مثل قنصوه الغورى، يملك ناصية اللغة العربية وشديد الولع بالآداب والعلوم، وله فيها خوض ونظر، ويقرض الشعر، ومغرم بقراءة التاريخ والسير، على عكس طبقة المماليك التى كانت تتكلم التركية، قبل أن يتحولوا للعربية فى أواخر أيامهم فى الحكم، وتكلموا بالعامية المصرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة