كريم عبد السلام

خيال المآتة مرشحاً محتملاً فى انتخابات الرئاسة

الأربعاء، 24 يناير 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع كل انتخابات رئاسية نتابع مجموعة من الظواهر الغريبة والطريفة والمأساوية، بعضها يجلب الضحك وبعضها لا يجلب إلا الأسى والغضب معا، منها مثلا ظاهرة المواطنين الذين يعتبرون أنفسهم مرشحين فى انتخابات الرئاسة، ماداموا قد وقفوا أمام مقر الهيئة الوطنية للانتخابات وقالوا للمارة إنهم سيرشحون أنفسهم فى الانتخابات، أو إنهم يرون فى أنفسهم الكفاءة لقيادة البلد، أو لمجرد اقتناعهم بأن إدارة البلاد لا تقتضى سوى بعض الهمة والقرارات التى تحتاج إلى قلب شجاع لإرضاء الغالبية العظمى، مثل منح كل مواطن مليون جنيه. 
 
لا تسأل عما إذا كان هؤلاء المواطنون خفيفو الظل قد كلفوا أنفسهم عناء السؤال أو الاستفسار عن معنى الضوابط والمعايير التى تضعها الهيئة الوطنية للانتخابات للراغبين فى الترشح لرئاسة الجمهورية، وكيف أن هذه الضوابط مستمدة من الدستور ولازمة للترشح، ولا تسأل أيضا عن كيفية تنفيذهم وعودهم الانتخابية البراقة والحالمة والفانتازية، إذا افترضنا جدلا أنهم وصلوا إلى كرسى الحكم، فموضوع الانتخابات الرئاسية أصبح فى جانب منه «مولد شعبى» له طقوسه ومراجيحه وأرزقيته وأراجوزاته، وفى جانب آخر استعراض سياسى وإعلامى للفاشلين وغير الفاعلين وأذناب السفارات والمنظمات إياها،  لكنها ظواهر كما قلنا طريفة وغريبة ومأسوية، وعزاؤنا أنها طارئة زائلة مع إعلان اسم المرشح الفائز فى الانتخابات.
 
المواطنون المتقمصون دور المرشح الرئاسى، أخف الظواهر فى الانتخابات الرئاسية وأقلها ضررا، لأن هؤلاء المواطنين المتقمصين لدور المرشح المحتمل، إنما يعبرون عن أحلام وتمنيات أغلبية مطحونة فقيرة محدودة الدخل تعيش تحت قصف فضائيات استهلاكية وحاجات مستجدة تغذيها مسلسلات تلفزيونية لا تعترف إلا بسيادة طبقة واحدة غنية ومصابة بهوس الاستهلاك المستمر، أما ظاهرة المرشحين خيال المآتة الذين يرتبطون بشرايين خفية وصلات بجماعات إرهابية أو منظمات استخباراتية أو قوى خارجية لديها تصور لتحجيم مصر وإبقائها فى حالة غيبوبة دائمة، فهؤلاء هم الظواهر الأسخف والأكثر ثقلا وغباء فى موسم انتخابات الرئاسة.
 
المصريون يتعاملون بخبرتهم ووعيهم مع كل ظاهرة من المشار إليها بطريقة مختلفة، فالمواطنون المتقمصون دور المرشحين مننا وعلينا وكلامهم يدخل فى باب الفتوى الشعبية حينا وتيار الفلاح الفصيح حينا آخر أو حتى النكتة بمذاقها المصرى اللاذع والحريف، وإجمالا لا بأس بهم أو عليهم ماداموا ينقلون طريقة تفكير وأحلام البعض من بسطاء المواطنين إلى القيادة السياسية والجهات التنفيذية.
 
أما المرشحون خيالات المآتة الموصولين بشرايين خارجية الذين يحملون أجندة عمل لا تخص أحلام مواطنى هذا البلد وتطلعاتهم لإنقاذ بلدهم وإعادة بنائها لتكون فى المكانة اللائقة بها، فهؤلاء مهما اشتطوا فى التصريحات ومهما أقاموا من جسور مع جماعات الإرهاب أو مع قوى أجنبية عدوة ومهما استندوا على إثارة الفتن للوصول إلى كرسى الحكم، لن يلقوا من المصريين إلا طريقة واحدة فى التعامل والتفاعل، التجاهل التام واعتبارهم هم والعدم سواء.
 
هل يأخذ الفلاحون فى غيطان مصر رأى خيال المآتة قبل جنى محاصيلهم؟ هل يلتفتون إلى وجودهم أصلا وهم يخططون لشتى أمورهم الحياتية؟ حالة واحدة يلتفت فيها الفلاحون إلى خيالات المآتة، عندما يحصدون أرضهم وتنتهى مهمة هذه الكيانات الشائهة، عندئذ ينزعها الفلاحون من الأرض ويلقون بها جانبا غير مأسوف عليها!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة