نحن فعلا مبتلون بالنخب الفاشلة والمعارضة السياسية التافهة التى لا تمتلك كيانات قوية ولا حضورا فى الشارع، ولا قدرة على مخاطبة الجماهير ولا رؤية لترتيب أولويات القضايا التى تتبناها، ولذا غالبا ما نراها متشنجة مزايدة متطرفة فى مواقفها، وتابعة فى الوقت نفسه للنظام السياسى الذى تعارضه، سواء كانت مجرد رد فعل سلبى لتوجهاته وقراراته أو مقاطعة للفعاليات والاستحقاقات السياسية.
أسهل حاجة ممكن تعملها المعارضة بكل أطيافها أنها تقاطع ، الأساس عندها هو المقاطعة وليس النضال من أجل المشاركة والبناء على ما تحققه من مكاسب ولو طفيفة عاما بعد عام، لأنها فى المجمل لا تضم بين صفوفها سوى أغلبية من المنتفعين الأرزقية والمصلحجية والسبوبجية وسماسرة السفارات والمنظمات الدولية وذيول أجهزة الاستخبارات.
فى الماضى القريب أيام مبارك، كانت عملية الاستقطاب من الخارج تجرى تحت سمع وبصر الدولة وبعلمها، وكانت الدولة وأجهزتها تسمح لوكلاء الأحزاب المعارضة وعرابى المنظمات الحقوقية بتلقى التمويلات وحقائب الأموال الداعرة تحت شعار «مدامت تدخل عندنا خلاص»، فمن ناحية كانت الدولة فى أوج تماسكها وقوتها، ومن ناحية أخرى كان على وكلاء هذه الدكاكين الحزبية والحقوقية أن يمارسوا انتحارا سياسيا وتجريفا للكوادر، وتجميدا للعمل السياسى فى المحافظات حتى وصل الأمر برؤساء أحزاب إلى الإبلاغ عن قواعدهم النشطة مقابل استمرار المنافع الشخصية، وكذا كم دبج عرابو المنظمات الحقوقية التقارير فى مديح نظام مبارك وروعته واتجاهه نحو الديمقراطية، وإجمالا كانت الأمور بالنسبة للدولة تحت السيطرة وكله شغال وكله بيكسب.
ومع نهايات 2008 بدأت التحلل الجزئى مع توجه الاتحاد الأوروبى والإدارة الأمريكية إلى اللعب مع السماسرة الجدد وبعض القدامى من وراء ظهر الدولة، بل إن المنح والمساعدات الرسمية جرى تخفيضها لصالح بناء جيل جديد من العملاء وأصحاب منصات الشائعات والقصف الذهنى، وهؤلاء هم من جرى الاعتماد عليهم بشكل كامل مع نهاية 2010 وانفجار ثورة 25 يناير، وأصبحنا أمام مسمى النشطاء الذين يحركون عشرات «الألاضيش» من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، ثم يجتمعون فى فنادق الخمس نجوم مع مندوبى السفارات ليعلنوا مواقفهم مما يحدث فى مصر من حراك سياسى ويتصدرون وسائل الإعلام الغربية، ويتلقون مقابل ذلك مئات الآلاف من الدولارات واليوروهات!
هذه النوعية من «الخرتية السياسية» أو طبقة «داعرى ومومسات السوشيال ميديا»، هم الذين حلوا محل السياسيين المدجنين فى عصر مبارك، وبدلا من التواطؤ مع سياسات مبارك تحت ظل الدولة، أصبحنا نرى أشكالا عجيبة من العهر السياسى المرتبط بأجهزة استخباراتية خارجية أو دول أجنبية، مع بجاحة متناهية ووجوه مكشوفة استنادا إلى حالة السيولة فى المنطقة والتدخل الأجنبى غير المسبوق فى الشؤون الداخلية للدول العربية.
يعنى يمكن أن نرى شخصا تافها ومطبعا وسمسارا رسميا مثل حازم عبد العظيم يتطاوس لأن لديه منصة عريضة على تويتر يمكن أن يروج من خلالها الأخبار الكاذبة والشائعات والشتائم، كما يمكن أن نرى عميلا رسميا مثل محمود رفعت متحدث عنان فى أوروبا واللصيق بجماعة الإخوان الإرهابية يحتمى بجنسيته الأجنبية، ويبث سمومه ليل نهار ضد الدولة المصرية.
هل يمكن أن يخرج من هذا النسيج المحروق سياسى يستطيع أن يقدم مشروعا حقيقيا للتغيير والتنمية على أرضية وطنية؟ هل يمكن أن نجد مرشحا منافسا فى انتخابات الرئاسة يراهن على التجربة والخطأ وعلى تقديم الرؤية المختلفة دون أن يكون مرتبطا بالمناخ العفن لمنظمات التمويل والدول الأجنبية التى تحاول أن تبحث عن موطأ قدم لها فى إدارة وتوجيه الشأن المصرى؟ أشك كثيرا، وأرى أنه لا عاصم اليوم لنا إلا فى مؤسسات الدولة المصرية ورجالها الذين رأينا منهم شجاعة التصدى للأزمات وإخلاص البحث عن حلول تنموية ليومنا وغدنا.
عدد الردود 0
بواسطة:
Elnady
السيسي رجل الدولة
السيسي رجل الدوله و مركز القوة. قال الرسول عليه السلام ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة» . ؟ ربنا أرحمنا من كل رويبضة.