رغم أهمية احترام الخيارات السياسية لكل تيار أو فصيل، والحق فى المشاركة أو المقاطعة لأى عمليات سياسية. لكن هذا الخيار تصرف سياسى عام، وليس خاصا. ومن المهم إعادة تقييم كل موقف وتحليل نتائجه فعليا وليس بناء على تصفيق.
«لم يثبت طوال سبع سنوات إن كانت تجارب المقاطعة ذات نفع. ولعل ذكرى 25 يناير السابعة تتطلب إعادة نظر فى كل ماجرى، وطالما حرص كل مشارك أن يسجل وجوده أنه كان هناك»، شارك فى حلم التغيير. وحتى لا يتداخل بالافتراضى والتفرقة بين مقولات معلبة للذكرى، وبين إعادة النظر فى كل تحرك وكل خطوة. كل من خرجوا كانوا يحلمون بالتغيير. ووسط زحام الميدان، اختفت الفوارق إلى حين، لكن لم تنته الاختلافات والأيديولوجيات. اليسارى واليمينى والليبرالى والإسلامى كان لكل منهم تصور.
من ميزات أدوات التواصل الاجتماعى أنها تحتفظ بالأرشيف الكامل لكل بوستات ومواقف وتويتات أصحابها، ولو كانت هناك رغبة فى المعرفة يراجع كل واحد أرشيفه وتوقعاته وتحليلاته، ليتعرف عمليا عن ماتحقق وما كان خياليا. وشهدت سبع سنوات تحولات يفضل النظر لها كلها وليس تقسيمها إلى مشاهد نقبل بعضها ونرفض الباقى.
سبع سنوات تفرقت السبل بمن شاركوا فى الميدان، وكل اتخذ مساره، الذى يظنه صوابا. وليس من حق مؤيد أن يتهم معارضا بأنه مخطئ، والعكس بالعكس. وهناك بين المؤيد المطلق والمعارض المطلق، أغلبية تتدرج فى تصوراتها، خاصة وأن هؤلاء ليس لأى منهم أيديولوجيا يسارا ويمينا. يضاف لذلك أن نجوم 2011، ممن لمعوا فى الائتلافات والتشكيلات، فقد أغلبيتهم بريقهم خلال عامين على الأكثر.
فى البداية هناك رأى بالإبقاء على دستور 1971، مع تعديل يحسم أبدية مدد الرئاسة وفتراتها. لحين استقرار المرحلة الانتقالية بالشكل الذى يسمح بعمل دستور شامل. لكن الائتلافات السياسية الثورية رفضت، وبدأت مرحلة الإعلان الدستورى وغزوة الصناديق، ثم التعجيل بانتخابات برلمانية لم تكن القوى السياسية جاهزة لها، وبطفولية دعت الائتلافات إلى المقاطعة والنتيجة كانت أغلبية من الإسلاميين فى برلمان مهد لصعود الإخوان ونكوصهم على وعودهم. اكتشفوا سطحية الأحزاب والتيارات فقرروا التهام أغلبية برلمانية. وعجزت الأحزاب التقليدية ومعها الأحزاب الجديدة، وبعض نجوم المرحلة تحالفوا مع الإخوان.
وفى انتخابات الرئاسة تنافس حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح على الانتخابات الرئاسية، وانقسمت الأصوات لصالح مرسى وشفيق، وبدأت مرحلة عصر الليمون وفاز مرسى وظهر شبح الانقسام والصراع، وأسفر كثيرون عن وجوه إخوانية متسلطة، ظهرت الطائفية، والمذهبية والفشل. وثبتت سذاجة زعماء «فيرمونت».
كان الإخوان حتى أيام مبارك يخوضون الانتخابات ويرفضون المقاطعة، فعلوها مرة واحدة عام 2000 ولم يكرروها، ولهذا كانوا المنافس الوحيد للحزب الوطنى، بل إنهم رفضوا 25 يناير ولم ينضموا إلا بعد تأكدهم من انهيار الحزب الوطنى ونظامه. كرر الإخوان تجربة الحزب الوطنى بشكل أسوأ، وظلت المقاطعة لعبة مكررة. ومن شارك فى 30 يونيو، والحقيقة أن الائتلافات الافتراضية قاطعت، ودفعت نحو المقاطعة.
اختفت المعارضة السياسية لصالح معارضة مختلطة أقرب إلى الافتراضية، واليوم رأينا من كانوا يحاربون لإقصاء أحمد شفيق من رئاسة الوزراء ثم انتخابات الإعادة، يتحمسون لشفيق بعد إعلان عدم خوض الانتخابات، ونفس الأمر من كانوا ضد عنان أصبحوا من حلفائه، لدرجة أن خالد على أعلن انسحابه وضمن خطبته إشارة لاعتبار استبعاد عنان دافعا لخروجه. خالد على لم يكن مرشح القوى الوطنية، بل ربما كان مرشح الإحراج، بل إنه رفض تأييد حمدين صباحى قبل أربع سنوات، وهاجم صباحى وسخر منه، بينما حرر له حمدين توكيلا هذه المرة وأعلن مساندته.
ومهما كانت درجة الشعبية فإن قواعد التصويت لم تكن لصالحه، ولديه نتائج عملية فى انتخابات 2012. وربما كان يمكنه هذه المرة أو يكسب بنسبة أكبر قليلا أو كثيرا. وربما كان يمكن أن تكون التجربة مقدمة لخوض المجال السياسى، وليس الاستمرار فى تبرير الغياب. وربما يكون من يتصدون للسياسة بحاجة لاختبار حقيقى وليس افتراضيا لتركيبة الشارع والتصويت. وحجم التغيرات الكمية والكيفية فى درجات الوعى. لأنه حتى فى حالة اتساع المجال العام، يمكن أن يظلوا عند حدود الرضا.
ربما يكون من بين الأحلام توسيع المجال العام فى مرحلة جديدة، وأن يعيد كل سياسى تقييم تجربته، واختبار توقعاته وتحليلاته السابقة. فالسياسة بالتراكم وليس المقاطعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة