عبد الفتاح عبد المنعم

أكذوبة «برود» العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الإسرائيلى

السبت، 27 يناير 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فترة الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016»، وهو البحث الذى أعدته الباحثة أمينة محمد محمود خليل، المركز الديمقراطى العربى، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز الديمقراطى العربى فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول الباحثه  فى حين استخدمت الولايات المتحدة سابقاً عصا «الفيتو» لوقف أى تحرك دولى يضر بدولة الاحتلال، لم تعد إدارة أوباما راغبة فى ذلك مرة أخرى، وهو ما ينبئ بمأزق دبلوماسى وسياسى سيواجهه الاحتلال فى الساحة الدولية، خاصة مع ازدياد عزلته وسط أوروبا. وفى هذا السياق يذكر أن برود العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ليس أمراً جديداً، فبحسب التحليلات الإسرائيلية التى تناولت تاريخ هذه العلاقات فإنها تشهد أزمة عميقة يشوبها التوتر منذ 7 سنوات تقريباً، أى خلال تولى أوباما للحكم بالجانب الأمريكى مقابل رئاسة بنيامين نتنياهو لحكومة الاحتلال.
 
فخلال هذه الفترة تصادم البيت الأبيض بالكنيست الإسرائيلى عدة مرات، بسبب الخلافات حول القضية الفلسطينية والجمود السياسى من الجانب الإسرائيلى، وتمسك حكومة نتنياهو باستمرار بناء المستوطنات وفرض واقع الدولة الواحدة، والسعى لتحويل «حل الدولتين» لمشروع غير قابل للتطبيق.
 
بالنسبة لإسرائيل فإنهم هم أقل اضطرابًا من التهديد الاستراتيجى الذى يواجه سوريا وأكثر قلقًا من التدخلات التكتيكية الرامية إلى إرساء الاستقرار على جبهة الجولان والتعامل مع المخاطر التى يشكلها «حزب الله».
 
وفى حين يشعر الإسرائيليون بالتهديد الناشئ من اقتراب تنظيم «القاعدة» والجماعات الأصولية السنية من حدودهم بسبب الأزمة السورية، إلا أنهم لا يعتبرون أن هذه المنظمات تمثل المشكلة الأكثر إلحاحًا.
 
وما زالوا ينظرون إلى إيران لإسرائيل:
بأنها تشكل التهديد الأكثر خطورة كما يظلون منشغلين فى المناقشات الداخلية بشأن عملية السلام مع الفلسطينيين. تشير الملاحظات الأخيرة من المنطقة إلى أن أقلية من الإسرائيليين يتمنون لو لم تشرع الولايات المتحدة مطلقًا فى المفاوضات مع إيران، رغم أنهم لا يقترحون سياسة بديلة. ومع ذلك هناك مخاوف أوسع انتشارًا بشأن صياغة شروط مواتية لاتفاق شامل من خلال الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل تبنى موقف صارم فى المفاوضات، وعلى وجه الخصوص، هناك اختلاف حقيقى بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول ما إذا كان الخط الأحمر المرسوم لإيران يهدف إلى منع امتلاك سلاح نووى أو منع امتلاك قدرات تصنيع الأسلحة النووية. ولا يريد الإسرائيليون أن تكون إيران دولة تقف على العتبة النووية. بيد أن إيران هى فى الواقع دولة تقف بالفعل على العتبة النووية ويرجح أن تظل كذلك- فقد تم تجاوز هذا الخط.
 
من الواضح أن الإيرانيين لن يقبلوا باتفاق لا يتضمن السماح بدرجة من درجات التخصيب. إن التفاصيل بشأن مقدار التخصيب المسموح به والعوائق التى تم إقرارها سوف تحدد كمية الوقت المتبقى حتى يكون باستطاعة الأطراف الخارجية اكتشاف أية محاولة لتجاوز ذلك الاختراق، فضلًا عن الوقت المتاح للرد بشكل كاف على مثل هذه المحاولة. وإذا تؤدى المفاوضات الجارية إلى التوصل إلى اتفاق يوفر ضمانات كافية، أى تمديد كبير للوقت المتاح للكشف عن الاختراق الإيرانى، فعندئذ من المرجح أن توافق إسرائيل على برنامج تخصيب محدود للغاية عوضًا عن البديل المتمثل بشن ضربة عسكرية إسرائيلية. فى الوقت الذى حدثت فيه بعض التطورات الإيجابية، إلا أن التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيكون صعبًا بسبب التقاذف السياسى المستمر. فالتصريحات الأخيرة من جانب مختلف قادة الأحزاب الإسرائيلية تظهر تباعدًا ملحوظًا.
 
النسبة لجميع الشكاوى التى يقدمها الإسرائيليون عن حق بشأن طريقة تحدث الفلسطينيين والعرب عنهم، فإن الطريقة التى يتحدث بها بعض القادة الإسرائيليين عن الفلسطينيين جديرة بالملاحظة هى الأخرى. فكل جانب يستند إلى تصريحات الجانب الآخر الأكثر تطرفاً لتبرير غياب الثقة فى العملية برمتها.
 
وتستمر هذه المشكلة فى الوقت الذى اتخذ كلا الجانبين خطوات إيجابية كبيرة. على سبيل المثال، غيّر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رأيه من الانسحاب الإسرائيلى من الضفة الغربية. ففى البداية طالب بالرحيل الفورى عن الضفة، لكنه غيّر موقفه منذ ذلك الحين إلى فترة انتقالية أمدها ثلاث سنوات، ومن ثم لفترة انتقالية أمدها خمس سنوات، وبعد ذلك وافق على فكرة تواجد قوات لحفظ السلام تابعة لـ «حلف الناتو» تعمل فى أى مكان فى الضفة الغربية. ورغم أن آخر اقتراح لا يزال غير مقبول لإسرائيل، إلا أنه يمثل تقدماً كبيراً. بيد أن الحياة السياسية فى كلا المجتمعين تجعل من المستحيل تقريباً لعباس أو لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يأخذا بزمام المبادرة فى الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق.
 
مع كل ما تقدم فإن الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، على أهميتها وخطورتها، وضمن ذلك الاختلاف بين أوباما ونتنياهو، لا تعنى أن أمريكا قطعت مع إسرائيل، أو أن علاقاتها معها بدأت بالتصدع، وإنما تفيد بأن إدارة أوباما تشتغل وفق مبدأ أمريكى قديم مفاده: «إنقاذ إسرائيل رغم أنفها»، أى إنقاذها من عنجهيتها وتطرفها ورفضها التطبيع مع محيطها. «يتبع»
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة