كان يسير فى مهابة عظيمة، رغم الحديد والرافعات التى تحيط به، لكنه يتحرك بشموخ يليق به، ويليق بالبلد التى ينتمى إليها، إنه رمسيس الثانى ملك مصر العظيم، الذى أقر دائما بأننى طوال عمرى معجب به وبشخصه وبروحه الدالة على العظمة.
ورغم قيمته التى يعرفها العالم أجمع، لكننا فى مصر بعقليتنا المتأثرة بالأفكار السلفية لا نعطى رمسيس الثانى حقه، ولا نعترف بقدره، نتعامل معه كأنه مرتكب الكبائر فى حق الجميع، تطارده الاتهامات طوال الوقت، نعتقد بأنه فرعون موسى المتكبر العاصى لربه، مع أننا لا نملك دليلا واحدا على ذلك، هو بالنسبة لكثيرين مجرد ملك سابق متهم.
رمسيس الذى كان الملوك من بعده يطلقون عليه «الجد الأعظم» تم العثور على مقبرته وبها مومياؤه فى وادى الملوك سنة 1881 اكتشفها عالم المصريات «ماسبيرو»، وشهد عملية فك اللفاف الكتانى حول جسده الخديو توفيق بعد 5 سنوات من العثور عليه، لكنهم اكتشفوا أن حالة المومياء ليست جيدة بعد إصابتها بالفطريات، مما استوجب نقلها إلى فرنسا، ولإتمام إجراءات نقل المومياء استخرجت السلطات جواز سفر للملك رمسيس الثانى، وكانت خانة المهنة به «ملك سابق»، واستقبلها الفرنسيون فى مطار «لو بورجيه» بمراسم عسكرية، وعزفوا السلام الوطنى المصرى.
كانت مصر فى زمن رمسيس الثانى بمثابة إمبراطورية عظيمة، فبجانب توسعاته، كان يتعامل مع أعداء الوطن بحسم ليس المغيرين على الأرض فقط لكن حتى الذين يفكرون فى الإساءة لهيبة الدولة، فقد هزم قراصنة البحار الذين كانوا يهاجمون السفن المصرية المحملة بالبضائع، وصور ذلك على جداريات فى معابده.
الأمر ليس كله محض حنين للماضى، لكنه بحث عن سمات شخصية لا تموت فى الإنسان المصرى، ورغم أنى لست خبيرا فى الفن والنحت لكن أستطيع بسهولة أن أدرك أن هناك شيئا مختلفا فى تماثيل رمسيس الثانى، فالتصميم والبناء وطريقة النحت والحجم والطلة والملامح تقدم معانى السمو والعظمة، وهذه السمات ضرورية وتدل على عالمها وزمنها، فحتما كان زمن رمسيس الثانى مزدهرا فى مستوى من المستويات.
أعتقد أن المصريين مرتبطين فى حياتهم على مر العصور برمسيس الثانى أكثر من غيره من الفراعنة والملوك الذين جاءوا قبله أو بعده، وأظن أنه يحمل لهم دائما رسائل مهمة من ملك عظيم إلى شعب عظيم.