تخطفك كلمات هذه الأغنية بمجرد أن تسمعها للوهلة الأولى «صلّ على النبى وتبسم.. دا النبى تبسم وتبسم.. دا النبى تبسم وتبسم».. ينشدها مسعود كريتس، وحقق من خلالها ملايين المشاهدات على شبكة الإنترنت، حتى أصبحت محطة مهمة من محطات الإنشاد الدينى أو الأغانى الدينية لا تقل انتشار عن أغنية ماهر زين «يا النبى السلام عليك».
تصل هذه الأغانى لملايين الشباب فى العالم الإسلامى، بكلماتها الدافئة التى تنير كثيرا من القلوب التى بعدت عن طريق الحق، ولكن أين موقف قطاع كبير من شركائنا فى الحياة من الصم والبكم من هذه الأغانى الروحانية.. فتاة فى منتصف العشرينيات اسمها سارة الجوهرى، حملت على عاتقها ترجمة كل الأغانى والإناشيد الدينية بلغة الاشارة لتنقلها من قطاع كبير إلى قطاع أكبر بطريقة سلسلة وبأداء مبهر يدفع الجميع للوقوف أمام قوتها فى نقل الإحساس قبل الكلمات والألحان ونجاحها فى أن تضع كل مشاهد لفيديوهاتها أمام القدرة الهائلة على توصيل المعانى، حتى اصبحت من اشهر من يؤدى هذه النوعية من الفيديوهات وحققت ملايين الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى.
حكاية البنت العشرينية تستحق التأمل والوقوف عند تفاصيلها، هى فتاة ولدت لأب وأم من ضعاف السمع حتى إنها كانت ضعيفة فى الكلام فى الصغر، تعرض والدها لأزمة صحية ودخل على إثرها للمستشفى وهناك كانت المشكلة، لم يستطع أن يترجم عن ما يتعرض له من ألم، ولم يستطع أى من الطاقم الطبى أن يفهم تعبيراته عن الألم الذى يتعرض له.
رحل والدها، وبرحيله كانت نقطة التغيير فى حياتها، أدركت الفتاة أن الأزمة كانت فى عدم القدرة على التعبير، فبدأت تتعلم لغة الإشارة وتعلمها لعشرات فمئات وآلاف من المواطنين، بهدف نشر ثقافة معرفة التواصل والتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، والمتداول من معلومات عنها أنها حتى فى منطقة تعليم لغة الإشارة أصبحت أيقونة ومحل اهتمام للجميع.
إلى جانب هذا الجهد المشكور بالتأكيد، بدأت فى ترجمة الأغانى والأناشيد الدينية إلى لغة الإشارة، وكانت انطلاقتها الأساسية ومحل انتشارها هى أغنية «صلّ على النبى وتبسم»، ملايين المشاهدات وإعجاب يفوق الخيال من كل من يشاهد الفيديوهات.
تحول الأمر لديها من مجرد ترجمة أغنية دينية تحبها للغة الإشارة إلى منهج حياة، بدأت تختار الأغانى من وقت لآخر وتعرضها فى صورة أفضل لأهلنا من ضعاف السمع، واشتركت مع عدد كبير من المنشدين فى ذلك، وتطور الأمر إلى ترجمة إعلانات رمضان الشهيرة مثل إعلان مستشفى مجدى يعقوب بكلماته الرائعة «ارسم قلب وضحكه على الشبابيك.. مفتاح باب الدنيا قصادك ملك إيديك.. أفرح غنى اسمع منى.. جمد قلبك.. النور مخلوق لعنيك».
الحقيقة مشاهدة الأغنية بأداء سارة الجوهرى يختلف تماما فى الشعور عن مشاهدتها بصورتها الطبيعية، الحقيقة أن سارة تبهرنى دائما بأدائها، وآخر ما شهدت من فيديوهات كان أغنية المطرب لؤى لتتر مسلسل كلام على ورق «نقابل ناس نفارق ناس.. وماشية الحياة عادى حال الدنيا بيتغير ما بين الثانية والتانية هنعمل إيه.. وده جارح وده مجروح.. وده عايش على الماضى وأحوالنا دى بتحير.. ولو نرضى هتحلالنا بتزعل ليه»، وتميزت سارة بأداء مبهر فيها.
الواقع يؤكد أننا أمام نموذج لفتاة شابة فى التحدى والوعى والقدرة على خلق حالة مختلفة لأهالينا من ضعاف السمع، حالة من بالبهجة والسعادة عبر فيديوهاتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعى، ورغم هذه الشهرة الواسعة تعانى سارة، فهى كتبت على صفحتها قبل يومين: أنا مش محتاجة حاجة فى الدنيا دى غير حاجة واحدة لو اتعملتلى أنا مش هعوز حاجة تانى الحكومة تدينى الحق أنى اترجم لأمى فى المصالح وأى حاجة خاصة بالحكومة تخيلوا تبقى أمى صم وأنا مترجمة ماليش الصلاحية إنى أترجملها فى جهات حكومية وتقعد تدور على مترجم معاه صلاحية كارنيه من الحكومة تخيلوا أن المترجمين اللى معاهم صلاحية دول ميعدوش الـ5 أشخاص وسط 7 ملايين أصم مصرى.. مخنوقة من كده أوى ولا حياة لمن تنادى أبسط حقوقى».
يبدو أن الملايين من المواطنين يشاهدون فيديوهات سارة التى تصدر بهجة وسعادة، فى حين أنها حزينة بسبب تجاهل الحكومة لمطلبها الوحيد وهو الترجمة لوالدتها فى المصالح الحكومية.. فهل تستجيب الحكومة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة