علم النفس يشرح "لماذا عبر بعض المواطنين بجوار إرهابى حلوان بلا مبالاة؟.. نظرية "تأثير المتفرج" تفسر تصرفات البشر الجماعية فى أوقات الطوارئ.. توزيع المسئولية وغياب المعلومة وعدم وضوح العواقب أبرز الأسباب

الأربعاء، 03 يناير 2018 03:00 م
علم النفس يشرح "لماذا عبر بعض المواطنين بجوار إرهابى حلوان بلا مبالاة؟.. نظرية "تأثير المتفرج" تفسر تصرفات البشر الجماعية فى أوقات الطوارئ.. توزيع المسئولية وغياب المعلومة وعدم وضوح العواقب أبرز الأسباب إرهابى حلوان كما ظهر فى الفيديو
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انتشر على صفحات مواقع "التواصل الاجتماعى" العديد من "الكوميك" الساخر حول مواقف بعض المواطنين الذين ظهروا بجوار "إرهابى كنيسة حلوان"، يمرون بشكل ربما رآه البعض طبيعيا، أو "لا مباليا"، والحقيقة أن تلك السخرية كانت فى كثير من الأوقات لاذعة بل ومؤذية تنال من شخص هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فجأة فى مسرح الحدث لعملية إرهابية.

 

لكن "علم النفس" الحديث يمتلك عددا من النظريات لتفسير تلك الواقعة، أشهرها نظرية "تأثير المتفرج"، أو "لامبالاة المتفرج" لتبرر سبب ما يبدو لنا كمشاهدين للمشهد من بعيد كـ"لامبالين".

 

قتل "كيتى جينو فيزى".. الجريمة التى غيرت "علم النفس الجماعى"

فى مارس من عام 1964 وقعت جريمة قتل فى مدينة نيويورك، طعنت فيها امرأة حتى الموت خارج شقتها حتى الموت، كان هناك 38 شخصا شهودا على الحدث، سواء رأوه أو سمعوه، لكن أحدا منهم لم يقم باستدعاء الشرطة، الأمر الذى جعل أستاذى علم النفس الأمريكيين "جون م.درلى" و"بيب لتوان" يدرسان تلك الظاهرة الغريبة فى عام 1968، ليخرجا باستنتاج مهم، أنه كلما زاد عدد الأشخاص الموجودين فى حالة طارئة كلما قلت ردة فعل الإنسان فى اتخاذ رد فعل مناسب، إحساسا منهم بتوزيع المسئولية على الجميع.

 

كيتي جوفينز
كيتي جوفينز

وهناك فيديوهين لحادث حلوان يرصدان الظاهرة وعكسها، الفيديو الأول الذى تم تصويره من شارع جانبى بجوار الكنيسة، حيث يسارع 3 مواطنين بالتقاط السلاح الخاص بأمين الشرطة الشهيد ومحاولة إطلاق النار منه على الإرهابى، فى هذا الفيديو هناك 3 أشخاص فقط، فى مواجهة مع إرهابى، يمكننا أن نرى أيضا أحد هؤلاء الأشخاص يشير للآخر بطلب السلاح منه لاعتقاده أنه أكثر قدرة على التصويب، ورغم نفاد الذخيرة التى دفعت هؤلاء الأشخاص إلى الهرب، وعدم وجود فائدة من السلاح الذى بحوزتهم، إلا أن إحساس المسئولية لدى هذا المواطن لا يجعله يخرج من المشهد بالكلية، بل يختبئ خلف أى سيارة ومعه سلاحا بلا فائدة تقريبا إذ لا ذخيرة فيه.

 

فيديو حلوان الأول:

فى المقابل فإن الفيديو الذى تناول فيه المتابعون الأمر بسخرية، يرصد عشرات الأشخاص على الأقل متواجدين فى الشارع، وهو الأمر الذى وزع المسئولية على الجميع وخلق هذه الحالة من "تأثير المتفرج".

 

كوميك ساخر لحادث حلوان
كوميك ساخر لحادث حلوان

 

** غابت المعلومة فكيف يتصرف الإنسان فى الموقف الطارئ

لا يرى الشخص منا إرهابيا كل صباح فى طريق عودته للمنزل، أنت عائد من السوق وجدت شخصا يمسك سلاحا آليا ويسير به فى الشارع، هذا حادث استثنائى لا تملك أى معلومة عنه، هل له شركاء، هل يريد أن يقتلنى أم أنه سيقتل آخرين، هل هو أصلا حادث إرهابى أم جريمة ثأر، غياب المعلومة يؤثر بشكل كبير على اتخاذ القرار.

 

"لاتانى ودارلى" فى تجربتهما حول تأثير المتفرج، أكدوا أن غياب المعلومة له تأثير مهم على الشخص، فقاموا بجعل أحد الأشخاص يقوم بطلب 10 سنتات وهو مبلغ تافه، من الطلاب الذين يجرى عليهم التجربة، وقد جعل هذا الطالب يبدو على وجهه تأثير الحزن والهلع، فلم يقم سوى 34% فقط من العينة بإعطائه هذا المبلغ، لكن حين قام هذا "السائل" بتبرير طلبه بأنه تعرض لسرقة حافظة نقوده، ارتفع نسبة من أعطوا الأموال لـ 72%.

 

لاتانى ودارلى فى فيلم وثائقى عن تجربتهما
لاتانى ودارلى فى فيلم وثائقى عن تجربتهما

 

** الالتباس.. يقلل نسبة المشاركة 5 مرات

فى الفيديو الأول يظهر الحدث فى محيط الكنيسة مباشرة، أمين شرطة شهيد على الأرض، أشخاص قريبين من الواقعة ربما عرفوا الأمر حقيقية أن هناك إطلاق نار وهناك عملية قتل، وهناك جثامين لشهداء موجودة، هنا لا التباس، "كنيسة، شهداء، إطلاق نيران.."، نحن إذن أمام عملية إرهابية.

 

فى الفيديو الثانى البعيد والذى أثار موجة السخرية ابتعد الإرهابى كثيرا عن محيط الكنيسة، يظهر لدينا شخص يمسك سلاحا آليا يسير فى منتصف الشارع، لا أحد يعرف من هو هذا الشخص الذى يسير بشكل غريب، لا معلومات متوافرة، لا جثامين، لا أشخاص يستغيثون، هذا ما قاله لاتانى ودارلى إنه يخلق حالة "الالتباس".

 

ولإثبات وجهة نظرهما، أجرى العالمان تجربة أخرى، خلف جدار ما يسقط شخص على الأرض، فيسمع من تجرى عليه التجربة صوت الارتطام وأنه الوجع الصادرة عن الشخص، وتم رصد نسبة الاستجابة، ثم أجريت التجربة مرة أخرى وبالإضافة لصوت الارتطام والوجع صدر نداء استغاثة وطلب للنجدة، من الشخص الذى يسقط، والمفاجأة ان نسبة التدخل زادت بـ5 أضعاف فى حالة صدور استغاثة، لوضوح المعلومة عبر الاستغاثة بأن ثمة شخص ما فى ورطة.

 

** "اللامبالاة.. كيف يمكن لشخص أن يسلك سلوكا غير طبيعى فى موقف طارئ؟!"

ما قام به عم صلاح الموجى هو "سلوك غير طبيعى"، استلزم عملا بطوليا من الهجوم على الشخص الذى يحمل سلاحا بيد خالية، لكن قدرة الشخص على الإتيان بـ"سلوك غير طبيعى"، وفقا لنظرية "تأثير المتفرج"، تقل كلما زاد عدد الموجودين فى المشهد، وليبرهنا على سلوكهما وضع "لاتانى ودارلى"، طلابا بمفردهم فى غرفة امتحان، ثم انبعث "الدخان" من أحد فتحات الغرفة، ثم وضعوا مجموعة من الطلاب فى نفس الغرفة وجعلوا الدخان ينبعث.

 

فى حالة الطالب الموجود بمفرده فإن متوسط رد الفعل احتاج إلى 5 ثوانى فقط، أما فى حالة الجماعة فقد استلزم رد الفعل 20 ثانية، أى 4 أضعاف الوقت، والسبب بسيط، يتصرف الإنسان بمفرده بشكل أسرع فى مواجهة الحالة الطارئة إذ يعتبرها مسئولية شخصية، لكن إذا كان هناك الكثير من البشر فإن رد الفعل يكون أقل.

 

طالب فى التجربة
طالب فى التجربة

بعد تجارب عدة أجراها العالمان الأمريكيان، أصبحت نظرية "تأثير المتفرج" أحد النظريات الأكاديمية فى علم النفس، التى تحظى باحترام أكاديمى، وكانت الخلاصة أن الشخص حين يكون وحيدا يصبح قادرا على المساعدة أكثر من كونه بصحبة أشخاص آخرين، كما أنه كلما غابت المعلومة عن حقيقة ما يدور كلما كان رد فعل الشخص أقرب إلى اللامبالاة.

 

الآن إذا كنت قد قرأت هذا الموضوع، فربما عليك أن تكون أكثر تفهما للكيفية التى ظهر بها هؤلاء المواطنين الذين بدوا للحظة غير مبالين فى فيديوهات الهجوم الإرهابى على كنيسة حلوان، بينما هم فى الواقع ليسوا سوى ضحايا لموقف غريب وجدوا أنفسهم فيه فجأة، ومن يدرى ربما لو كنت مكانهم لفعلت مثلهم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة