أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل، التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث، الذى حمل عنوان «العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى فتره الرئيس السابق أوباما تجاه الشرق الأوسط 2009-2016».
البحث أعدته الباحثة أمينة محمد محمود خليل، المركز الديمقراطى العربى، وأشرفت عليه الدكتورة نورهان الشيخ، ونشره المركز الديمقراطى العربى فى قسم الدراسات العبرية والإسرائيلية، حيث تقول الباحثه: أخذت وتيرة التقارب بين واشنطن وطهران تتطور بسرعة أكبر فى ظل إدارة باراك أوباما، وذلك نتيجة لتبنى الحزب الديمقراطى إستراتيجية جديدة تجاه إيران؛ حيث صرح روبيرت جيتس، وزير الدفاع الأمريكى السابق، فى شهر مايو 2009 بأنه يمكن التفاوض المباشر مع إيران بهدف تحسين الأوضاع الأمنية فى المنطقة، وأدى ذلك التصريح إلى استياء واسع فى العالم العربى حيث شعرت الدول العربية بامتعاض شديد من استبعادها عن تلك المبادرة حيث إن مصالح الولايات المتحدة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتمكين الشيعة فى هذه المنطقة، فالشيعة لم يشكلوا أى خطر إستراتيجى على الولايات المتحدة الأمريكية، بل الجماعات السنية كالقاعدة وطالبان والفكر الوهابى يمثلون الخطر الحقيقى على المصالح الأمريكية، مما يحتم على الإدارة الأمريكية أن تعمل على تمكين الشيعة وحمايتهم، خاصة أن السيستانى يعتبر من أكبر الداعمين للمشروع الديمقراطى الأمريكى فى العراق، التى أصبحت أول دولة عربية يعين فيها رئيس وزراء شيعى بصفة رسمية، كما أن هناك أهمية لدور المنظمات الشيعية فى تحجيم خطر التطرف السنى الذى ينبع من السعودية والفكر الوهابى، إضافة إلى أن الدول التى تخضع للحكم الشيعى تتمتع بقدر أعلى من التعددية والتداول السلمى للسلطة، كما نشرت مؤسسة «راند» دراسة، دعت فيها إلى الاعتراف بفشل العقوبات الاقتصادية فى إيقاف البرنامج النووى الإيرانى، وحثت الإدارة الأمريكية على تبنى سياسة جديدة تتلخص فى: «تقديم حوافز لطهران لإقناعها بعدم إنتاج سلاح نووى، وذلك من خلال التقليل من التهديد العسكرى وتخفيف قبضة العقوبات الاقتصادية على طهران».
وفى مقابل أطروحات التعاون والتهدئة مع طهران؛ دعا عدد من المسؤولين فى واشنطن إلى تبنى سياسة أكثر تشددًا تجاه الرياض، ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالًا عبرت فيه عن قلق الإدارة الأمريكية من التحركات العسكرية والدبلوماسية السعودية ضد طهران لأنها تؤثر بصورة سلبية على سياسة واشنطن فى التنسيق مع إيران دبلوماسيًا والتعاون معها فى المحافظة على أمن الخليج.
ولدى اندلاع الاحتجاجات الشعبية فى بعض الدول العربية عام 2011؛ تكشفت ملامح التعاون الأمريكى الإيرانى فى دعم المعارضة الشيعية فى الخليج العربى؛ حيث نظمت مؤسسات دعم الديمقراطية الأمريكية دورات متقدمة للمعارضة الطائفية المرتبطة بإيران فى مجال استخدام شبكات التواصل الاجتماعى لتأليب الرأى العام ضد أنظمة الحكم الخليجى، كما انخرط زعماء هذه الجماعات الراديكالية فى برنامج «قادة الديمقراطية» الذى رعته وزارة الخارجية الأمريكية، وشارك فيه معارضون مرتبطون بإيران.
* الإدارة الثانية لأوباما وانتقال المفاوضات إلى مرحلة العلن (2013-2015):
ميزت الإدارة الثانية لأوباما بالانتقال من مرحلة «الدبلوماسية الهادئة» إلى مرحلة التعاون المعلن مع نظام طهران، وخاصة فيما يتعلق بالشأنين: السورى والعراقى، واستبعاد سياسة التهديد العسكرى فى معالجة الملف النووى الإيرانى، حيث نشرت مؤسسة «راند» تقريرًا لحساب سلاح الجو الأمريكى تحت عنوان: «مستقبل إيران النووى: الاختيارات الحرجة للإدارة الأمريكية»، ومثلت هذه الدراسة تغييرًا فى الرؤية الأمريكية إزاء احتواء إيران؛ حيث تضمن اعترافًا ضمنيًا بفشل العقوبات الاقتصادية فى إيقاف البرنامج النووى الإيرانى وضرورة تبنى سياسة جديدة تجاه إيران عبر: «تقديم الحوافز لإقناع طهران بالتخلى عن فكرة إنتاج سلاح نووى، والتخفيف من العقوبات الاقتصادية والتخلى عن مفهوم التهديد العسكرى».
وتلقت العلاقات الأمريكية-الإيرانية دفعة قوية لدى تولى حسن روحانى الرئاسة فى الثالث من أغسطس 2013، حيث دشن عهده بمبادرة للتقارب مع واشنطن، ورد الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، على هذه المبادرة بإرسال رسالة ودية إلى نظيره الإيرانى، ثم أتبعها بخطاب آخر إلى روحانى يطالبه فيها بكتابه تعهد نصى يعلن فيه أن بلاده لا ترغب فى إنتاج أسلحة نووية، تمهيدًا للتفاوض المباشر وتحقيق انفراجة فى العلاقات الثنائية بين البلدين، وأكد التقرير أن أول جلستين من المفاوضات عُقدتا بين ممثلين عن الاستخبارات المركزية الأمريكية ومندوبين عن «حزب الله» فى قبرص، وتم الاتفاق بين الفريقين على خطوط عريضة لمواجهة الجماعات المتطرفة، وأُسندت إلى السفير الأمريكى فى بيروت «ديفيد هيل» مهمة تنسيق الاجتماعات وصياغة نقاط الاتفاق بين الطرفين.
ملامح التعاون الأمريكى- الإيرانى فى طوره الجديد:
فى عام 2014 بدأ التعاون الأمريكى- الإيرانى يأخذ أبعادًا أمنية وعسكرية، وأخرى سياسية يمكن تفصيلها فيما يأتى: تظهر ملامح التعاون السياسى بين واشنطن وطهران فى الدعم الذى تتلقاه الجماعات الطائفية المتطرفة المرتبطة بالنظام الإيرانى، حيث يمثل «المركز الإسلامى» بمسجد ديترويت فى ولاية ميتشيغن نواة لنشاط «حزب الله» اللبنانى و«حزب الله العراقى» وغيرها من الجماعات، التى تتخذ من مدينة ديترويت قاعدة لنشاطها فى أمريكا الشمالية، وقد أعيد بناء المسجد عام 2005 ليصبح أكبر مسجد فى الولايات المتحدة بتكلفة قدرها 15 مليون دولار..
يتبع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة