قال الكاتب الكبير واسينى الأعرج إنه أعاد قراءة كل رسائل جبران بحثا عن الحب المثالى بينه وبين مى وزيادة، مضيفًا: "والله ما وجدت شيئًا"، لافتًا إلى أن عدد الرسائل بينهما 20 رسالة، واستمرت العلاقة بينهما 20 سنة، ما يعنى أن رسالة واحدة فى السنة لا تصنع حبًا مثاليًا، كما أن مى زيادة "شمت ريحة" فى جبران أنه "رجل نسوان"، بينما أراد العقاد أن يقيم معها علاقة جنسية"، على حد قوله.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء اليوم، الثلاثاء، حول الرواية التاريخية، ضمن أنشطة معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الـ49، والتى تحدث فيها الناقد الدكتور حسين حمودة، والكاتب الجزائرى الكبير واسينى الأعرج، وأدار الندوة الناقد الدكتور أحمد مجاهد.
وفى بداية الندوة، قال الدكتور أحمد مجاهد، الحقيقة أن واسينى الأعرج أكبر من أعرفه، فهو كاتب استطاع أن يحفر اسمه فى تاريخ الرواية العربية.
وأضاف أحمد مجاهد، انطلاقا من العبارة الشهيرة وهى "التاريخ يكتبه المنتصرون"، إذا فنحن لا نملك تاريخيًا، بل نملك وقائع، ووجهات نظر المؤلف، وربما أخطأنا حين تعاملنا مع ما يكتبه المؤرخون على أنه الحقيقة الوحيدة، ولذا فإن السؤال: لماذا يعود واسينى الأعرج بين حين وآخر إلى التاريخ؟.
ورأى "مجاهد" أن المؤرخ شخص يدعى الموضوعية، أما الروائى فهو شخص يكتب ذاتيته معبرًا بالتاريخ، ولهذا فأعتقد أن واسينى الأعرج لا يكتب الرواية التاريخية.
وقال الناقد الدكتور حسين حمودة، أتصور أن الدكتور أحمد مجاهد، وضع يديه على الكثير من الإشكاليات التى تتعلق بقضية الرواية التاريخية، وفى الحقيقة أننى كتبت ما يشبه الكتاب من أجل الإعداد لهذه الندوة.
وأشار حسين حمودة إلى أن العلاقة بين الرواية والتاريخ علاقة إشكالية، وهى مفتوحة على اجتهادات ومحاولات للإجابة على هذه الإشكاليات، وبعض هذه القضايا موصول بوجهات نظر حول فكرة الحقيقة التاريخية، والحقيقة الروائية ليست أبدًا نهائية، ولا مطلقة.
وأوضح حسين حمودة أن من بين هذه القضايا، قضية المسافة الممكنة بين ما يسمى الحقيقة التاريخية، والحقيقة الفنية، فالكاتب الروائى ليس ملزما بأن يصوغ حقائق التاريخ كما صاغها المؤرخون، فهو لا يعيد إنتاج هذه الحقائق التى توصل إليها المؤرخون، بل يقوم هو بوصل وتعديل وتغيير ما كتبه المؤرخون، وفى النهاية هو يصوغ حقيقته الخاصة.
ورأى "حمودة" أن كل كاتب روائى يؤل التاريخ ويفسره من منظوره ومن وعيه، وحين يطل على حقبة تاريخية يطل من خلال زمنه وهمومه هو، واهتماماته هو، وكذلك فهناك الطرق المتعددة التى تكتب بها الرواية التى تتناول التاريخ، مثل التخييل، ثم هناك الحوليات التاريخية التى تتوقف عند النقاط المفصلية، وهناك الاهتمامات والانتماءات المتعددة للمؤرخين.
وفى بداية حديثه تذكر الكاتب الجزائرى الكبير واسينى الأعرج، الكاتبة المصرية لطيفة الزيات، التى استضافها من قبل فى جامعة الجزائر، معبرًا عن سعادته البالغة بمشاركته فى معرض القاهرة الدولى للكتاب.
وقال واسينى الأعرج، إن مصطلح الرواية البوليسية لا يعنى أنه داخل هذه الرواية لا يوجد شيء آخر إلا العالم البوليسى بالتأكيد هناك أمور أخرى، مثل اللغة، موضحًا أن المصطلحات هى أمور توافقية، فداخل الرواية البوليسية قضايا اجتماعية مثلاً، وكذلك فى الرواية التاريخية يقف الكاتب أمام الشخصية التاريخية وجهًا لوجه، ولكن له كامل الحق لأن يكتب ما يشاء.
وأوضح واسينى الأعرج، أن جورجى زيدان، هذا الرجل لما له من قيمة عظيمة، بنى رواياته على التاريخ، لأنه كان يهدف من وراء ذلك، هو اطلاع القارئ على تاريخ وطنه، لافتًا إلى أنه قام بتوزيع عدد من روايات جورجى زيدان على فترات دراسية مختلفة، وبعد انتهاء الطلبة من القراءة، طرح عليهم سؤال: ماذا بقى فى ذهنك من هذه الروايات؟.
وأشار "الأعرج" إلى أن أغلب الإجابات التى جاءت من الطلبة جميعها كانت حول القصة الفرعية، وهى قصة العاطفة والخيانة، ولكن لم يذكر أى طالب شيئًا من التاريخ، مضيفًا: لا أحد منا يختلف على قيمة جورجى زيدان، ولكن السؤال أى مادة وصلت إلى القارئ؟.
وقال "الأعرج" منهجى هو أن التاريخ يكتبه المنتصرون، ولم أرى منهزمًا يكتب تاريخيه، لافتًا إلى أن السينما الألمانية فى الخمس سنوات الأخيرة، بدأت تعيد قراءة تاريخيها المنهزم فى الأفلام، موضحًا أن أجزاءً كبيرة من التاريخ الألمانى لم نكن نعلم عنها أى شيء، إلا أن إعادة قراءته كشفت للألمان الكثير والكثير عن تاريخهم.
وأكد واسينى الأعرج، على أن كاتب الرواية التاريخية عليه أن يجتهد كثيرًا، فالكتابة عن التاريخ تستلزم السيطرة التامة على الفترة الزمنية التى يود الروائى أن يكتب عنها، لأن الرواية التاريخية برأيى هى التى تمثل إعادة إنتاج التاريخ.
وأشار "الأعرج" إلى أن كاتب الرواية التاريخية لا ينبغى عليه أن يكتب كتابة التاريخ نفسه، فكتابة الرواية التاريخية، هى محاولة لفهم الماضى للإجابة على الأسئلة المعضلة فى الوقت الحاضر.
وأشار "الأعرج" إلى أنه من أجل أن يكتب روايته عن مى زيادة، تتبعها فى كل الطرق التى ذهبت إليها، حيث قام بزيارة قبرها، وذهب إلى الناصرة فى فلسطين، وتجول فى بيتها، لافتا إلى أنها كانت كلما تحدثت عن المسيحية ذكرت الإسلام، وحينما فتح بيتها فى الناصرة، فهم السبب وراء المعانقة بين الأديان، المسيحية والإسلام، لأنه حنيما فتح إحدى نوافذ بيتها وجدها تطل على مسجد.
وأوضح "الأعرج" أنه اندهش من نهاية حياة امرأة بهذه العظمة، وهى مى زيادة، فى مستشفى مصحة الأمراض العقلية، لافتا إلى أن مشكلتها أنها عاشت فى زمن كله عظماء من الكتاب والمبدعين، ومن يمكنه الوقوف أمام هذه الكوكبة من العظماء، إلا أن طاقتها.
وأشار واسينى الأعرج إلى أن العقاد دائما ما كان يسعى لإقامة علاقة جنسية مع مى زيادة، إلا أنها دائما ما كانت ترفض، وتقول له بأن الله سيعاقبنا إذا فعلنا هذا، ولهذا كان العقاد يذهب إلى صديقته اللبنانية سارة المتحررة، مؤكدا على أن رواية سارة للعقاد ليست عن مى زيادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة