تتواصل الأربعاء المعارك العنيفة التى تخوضها القوات التركية والفصائل السورية المعارضة ضد المقاتلين الأكراد فى منطقة عفرين فى شمال سوريا، موقعة المزيد من الضحايا ومتسببة بنزوح سكان القرى الحدودية هرباً من الغارات الكثيفة.
وقال مراسل وكالة فرانس برس إن وتيرة القصف اشتدت منذ الثلاثاء فى محيط مدينة عفرين مقارنة مع الأيام الأخيرة، وأعلن مسؤولون أكراد الأربعاء عن قصف بالصواريخ استهدف حى الأشرفية فى مدينة عفرين، تسبب بإصابة 12 شخصاً بجروح.
وتدور الأربعاء بحسب المرصد "معارك عنيفة بين الطرفين تتركز فى منطقتى جنديرس وراجو، حيث تمكنت القوات التركية والفصائل من السيطرة على قرية شنكال الحدودية"، الواقعة شمال غرب مدينة عفرين.
واستقدمت القوات التركية بعد منتصف الليل وفق مدير المرصد رامى عبد الرحمن "تعزيزات عسكرية جديدة تضم مقاتلين وآليات الى شنكال، فى محاولة لتثبيت نقاط سيطرتها ودعم قواتها".
وتتزامن المعارك بين الطرفين فى الشريط الحدودى بين عفرين وتركيا من جهتى الشمال والغرب مع "قصف عنيف يطال مناطق الاشتباك وغارات تركية تستهدف ناحيتى بلبلة (شمال عفرين) وجنديرس (جنوب غرب)" بحسب المرصد.
ورغم نفى تركيا استهداف المدنيين فى عمليتها العسكرية، تستقبل مستشفيات مدينة عفرين يومياً الضحايا من قتلى وجرحى.
داخل مستشفى أفرين الرئيسى فى المدينة، تسلمت أفراد عائلة مساء الثلاثاء جثة والدهم العجوز بعدما قتل جراء القصف قبل أيام. وتضع امراة راسها على النعش وهى تبكى بحرقة.
على بعد أمتار، استشاط رجل فى الثمانينات غضباً بعدما قتل 12 فرداً من أسرته بينهم حفيداه الرضيعان جراء القصف التركى الذى نجا منه بأعجوبة، وقال للصحفيين وهو يصرخ "كل العالم يعرف ماذا يحصل هنا. كل العالم يعرف أن المدنيين يموتون".
وأضاف وهو مضمد اليدين والرأس "نحن دواعش عفرين، طفل عمره أربعة أشهر وآخر تسعة أشهر. نحن دواعش عفرين" ،وتشن أنقرة مع فصائل سورية معارضة هجوماً منذ 20 يناير تقول أنه يستهدف مقاتلى الوحدات الكردية الذين تصنفهم "إرهابيين".
وتسبب القصف التركى منذ بدء الهجوم بمقتل 67 مدنياً على الأقل بينهم 20 طفلاً، وفق حصيلة للمرصد، لكن تركيا تنفى ان تكون عملياتها تستهدف المدنيين، مؤكدة انها تستهدف المواقع العسكرية للمقاتلين الأكراد.
وقال وزير الدفاع التركى نور الدين جانكلى أمام البرلمان الثلاثاء إنّ العملية العسكرية "لم تلحق أضراراً بالمدنيين" فى منطقة عفرين.
وقتل جراء المعارك والقصف منذ بدء الهجوم 85 على الأقل من المقاتلين الاكراد مقابل 81 من الفصائل السورية المعارضة، وفق حصيلة للمرصد السورى. وأعلنت تركيا مقتل سبعة من جنودها.
ودفعت المعارك المستمرة 15 ألف شخص للنزوح داخل منطقة عفرين، وفق ما أعلنت مسؤولة فى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الثلاثاء.
تمكن الجيش التركى وحلفاؤه من الفصائل منذ بدء الهجوم قبل 12 يوماً من السيطرة على 11 قرية بالاضافة إلى تلة برصايا الإستراتيجية المشرفة على مدينة كيليس التركية وأعزاز السورية.
وتواجه قوات "غصن الزيتون" وفق عبد الرحمن "مقاومة شرسة من قبل المقاتلين الأكراد المتحصنين فى الجبال على الرغم من القوة النارية الهائلة من الجانب التركى"، وأعلن الجيش التركى الأربعاء تدميره بعد منتصف الليل 22 هدفاً تابعين للمقاتلين الأكراد فى منطقة عفرين.
وأفادت وكالة أنباء الأناضول الحكومية الأربعاء عن مقتل فتاة (17 عاماً) واصابة مدنى بجروح فى مدينة الريحانية التركية جراء "إطلاق تنظيم بى واى دى وبى كا كا" قذيفتين صاروخيتين من منطقة عفرين، فى إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى الذى تعتبره أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستانى.
وتخشى أنقرة من اقامة الأكراد الذين يسيطرون على مساحات واسعة فى شمال وشمال شرق سوريا، حكماً ذاتياً على حدودها على غرار كردستان العراق.
ويكرر مسؤولون أتراك تأكيدهم استمرار الهجوم على عفرين حتى تحقيق أهدافه فى وقت تدعو الاحزاب الكردية المجتمع الدولى والقوات السورية الى "ممارسة الضغط بكل الوسائل المتاحة" لوقف الهجوم التركى.
وقال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى تصريحات ضمن مقال نشرته صحيفة "لو فيغارو" على موقعها الالكترونى الأربعاء "اذا اتضح ان هذه العملية ستتخذ منحى آخر بخلاف التصدى لتهديد ارهابى محتمل على الحدود التركية، وتبين انها اجتياح عندها ستكون لدينا مشكلة فعلية معها".
وأعربت فرنسا ودول عدة بينها ألمانيا وكذلك الاتحاد الأوروبى عن قلقها ازاء التدخل التركى الذى يزيد من تعقيد الحرب السورية المتعددة الأطراف، فيما دعت واشنطن الى "ضبط النفس".
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً أوقع منذ اندلاعه فى العام 2011 أكثر من 340 ألف قتيل وتسبب بتشريد ونزوح أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة