"الفن بخير ومصر ممتلئة بالمواهب".. سوف تظل تردد هذه الجملة وأنت فى طريقك إلى بيتك بعد انتهاء العرض المسرحى "سلم نفسك" الذى قدمته الدفعة الثالثة بقسم التمثيل باستوديو مسرح مركز الإبداع الفنى بقيادة المخرج الكبير خالد جلال .
العرض "حالة" لا يمكن وصفها بسهولة، ولا يمكن تقدير الجهد المبذول فيها، لأننا مهما تخيلنا فهو بالتأكيد يفوق ما تخيلناه، لكننا نشعر بكل ذلك منذ بداية العرض، سنعرف الجهد المبذول من وجوه الفنانين وأدائهم المقنع والمتقن .
فى العرض يتنافس 27 فنانا لتقديم ساعتين من الإبداع الخالص، حافلين بالأداء القوى والحركة المنضبطة والموسيقى والرقص والغناء والكوميديا والدراما، وتنافسهم الإيجابى يظهر فى التكامل والتفانى الذى يصب فى مصلحة الفريق جميعا .
يقول المخرج خالد جلال، إن النص الذى تشكل منه العرض هو من تأليف أعضاء الفريق، وأنهم عملوا عليه قرابة عامين كاملين، كما أن معظم الموسيقى والألحان وكلمات الأغانى من تأليفهم أيضا، وهذا شيء فى صالحهم بشكل كبير، فهو يمنحهم الثقة بعد ذلك على صناعة الفن الذى يترك أثرا واضحا، وما أقصده بالأثر هو القدرة على الاستحواذ على حواس الجمهور، وهو ما حدث بالضبط، فبين الضحك ومقاربة البكاء كان العرض يسير بتوازن يحسد عليه خالد جلال وأبطاله .
كان الفريق منسجما، فنانون وفنانات، فالبنات يتحركن برقة يستلزمها المشهد وأحيانا بجدية يتطلبها العرض، ولم تكن أدوارهن مجرد "مسكنات أو مسليات" بل لهن الدور الأساسى وقد حصلن على مساحة كبيرة تظهر موهبتهن، بينما الرجال يؤدون أدوارهم بالثقة المطلوبة والجدية اللازمة، فهم يملكون خفة الظل المناسبة والموهبة الحقيقية .
"سلم نفسك" عرض يقوم على فكرة مراقبة الإنسان الذى يعيش بيننا، هذا الكائن الذى لوثته الحياة بصفات أخلاقية "مكتسبة" جميعها سلبية، لكنه مع هذا يظل "جوهره" نقيا محبا للناس والوطن .
أما المخرج الكبير خالد جلال فذلك هو المتوقع منه، فبعد ما قدمه من قبل، ما كنَّا سنقبل منه أقل من ذلك، فهو يجيد التحكم فى المجاميع ويعرف كيف يستفز الطاقات التى بين يديه، كما أنه يعد نفسه مسئولا عن كل التفاصيل التى فى العرض .
وفى النهاية لى رجاء أن يقوم فريق "سلم نفسك" بزيارة محافظات مصر جميعا وأن يقدم عرضه المميز لجمهور المناطق البعيدة والنائية، كما أتمنى أن يتواجد فى معرض القاهرة الدولى للكتاب حتى لو بعرض أو عرضين فقط.. وفى النهاية أؤكد على الجميع أن يسلموا أنفسهم لخالد جلال وأبطاله ولن يندموا أبدا.