"96 مليون نسمة" ذلك الرقم الذى قد يصيبك بالصدمة حين تعلم أنه يعود لعدد السكان فى مصر، ويدق أجراس الخطر على كافة المجالات ويعوق حركات التنمية والتقدم بالدولة وينهل من حق المواطن على السواء، لكننا إذا بحثنا فى أصل المشكلة نجدها متأصلة فى دول كثيرة وتحاول مواجهتها بكل الطرق، مما يدفعها للبحث عن حلول لمحاولة إنهاء هذه الأزمة التى باتت تشكل خطر كبير عليها، ولكن السؤال هنا هل يمكن حل هذه الأزمة بالطرق القمعية ؟ وهل يمكن أن نعالج أزمة بأزمات ونتائج أكثر سلبية بتقييد المواطنين ؟
نأسف عندما نقول أن بعض الدول بالفعل فعلت ذلك، استخدمت الطرق القمعية وأخذت فى طريقها أرواح ومهالك، حتى اكتشفت فى النهاية أنها تعالج مشكلة بمشاكل أكبر.
مصر ترفض أن تعرض مواطنيها للمخاطر والتقييد فى معالجة الزيادة السكانية
قدم "زيدان قنائى" المتحدث الرسمى لمنظمة العدل والتنمية اقتراحا للبرلمان منذ فترة ليست بالطويلة فى أكتوبر الماضى، يمكن من خلاله محاولة حل تلك المشكلة، ذلك الذى أطلق عليه "قانون رخصة الإنجاب" الذى يمنح المواطن الحق فى إنجاب طفلين فقط، برخصة يمكن تجديدها حسب الميعاد، بينهما فترة زمنية تقدر بـ 5 أعوام.
وإذا أراد شخص الإنجاب فعليه الاستئذان قبلها والحصول على رخصة تظل سارية لهذه الفترة المحددة، وبعد انتهاء فترة رخصته الأولى، يجوز له أن يجددها للحصول على طفل آخر وطوال 5 سنوات لا يجوز له إنجاب أى طفل، وعقب انتهاء فترة الرخصة الثانية هنا حجبت عنه رخصته للأبد، وعند مخالفة أى شخص صار مذنبا خارجا عن القانون وعلى الدولة معاقبته والتخلى عن مسئوليته.
وعلى التو رفض البرلمان هذه الفكرة واستنكر أعضاؤه أن يتم تنفيذ هذا القانون فى دولتنا التى تتمتع بالديقراطية وتحكمها مبادئ الشريعة الإسلامية، وبدأت فى مناقشة الحلول الودية التى من شأنها حل الأزمة دون أن تقيد حرية مواطنيها، من خلال التوعية.
الدول التى استخدمت الطرق القمعية فى علاج أزمة الزيادة السكانية
ولكن هناك دول استخدت الوسائل القمعية لتحديد النسل فى دولها، ويقدم "اليوم السابع" مجموعة من الدول التى تعاملت مع مسألة تحديد النسل بشكل غير آدمى منافيا لحقوق الإنسان ومنها دول طبقت بالفعل هذا القانون " رخصة الإنجاب " بل و بشكل أكثر حدية وطرق أخرى أكثر غرابة، ومن هذه الدول:
الصين من سياسة الطفل الواحد لرخصة الطفلين فقط
وفقا لموقع seattletimes طبقت دولة الصين قانون رخصة الانجاب بداية من عام 1997، الذى وضع سياسة غير عادلة لتحديد النسل لا يسمح للأزواج بانجاب أكثر من طفل، وبالفعل انخفض معدل الخصوبة انخفاضا كبيرا ثم خففت من حدة هذا القانون بعد ان ظهرت عواقبه فى زيادة أعداد كبار السن مما شكل مصدر قلق كبير وقلصت كثيرا من الطاقات البشرية وزيادة عدد حالات الإجهاض القسرى ، وفى عام 2013 بدأت تفتح النافذة لهذا القانون وسمحت بإنجاب طفل ثانى، وفى عام 2015 خففت من حدة هذا القانون بالسماح للأزواج بإنجاب طفلين بدلا من طفل واحد وانتهت سياسة الطفل الواحد نهائيا بشرط ألا يتم تجاوز هذا القانون الجديد.
الهند اتبعت نظام التعقيم الجماعى لتحديد النسل
ويقول الموقع نفسه أنه نظرا لارتفاع عدد سكان الهند بشكل كبير يفوق حتى دولة الصين، حرصت الهند على تحديد النسل فى دولتها وتنظيم الأسرة حتى لا تعوق عمليات تقدمها، عن طريق اعتمادها على عمليات التعقيم الجماعى للإناث كطريقة أساسية لمنع الحمل وذلك من خلال استئصال قناة فالوب بالليزر التى تستغرق بضع دقائق لضمان عدم قدرتها على الإنجاب مرة أخرى والتى أدت لكثير من النتائج السلبية من حالات الوفاة وانتشار الأمراض والعدوى بين السيدات .
أوزبكستان تطبق قانون التعقيم القسرى على السيدات سرا
اتبعت حكومة أوزبكستان نظام التعقيم القسرى للقضاء والسيطرة على النمو السكانى وهو النظام الذى مازال يستخدم حتى الآن وأثر على عشرات الآف من النساء حتى الآن وكثفت استخدام هذا النظام فى السنوات الأخيرة، وذلك وفقا لموقع open society foundations
ومن أكثر النساء المستهدفة فى تطبيق هذا القانون الإجبارى، النساء اللاتى أنجبن طفلين أو أكثر، وتفرض الحكومة الأوزبكستانية على الأطباء تنفيذ عمليات التعقيم ، والمثير للاستياء أن هذا النظام المنافى لحقوق الإنسان ومعايير الانسانية يتم سرا بدون عمل السيدات .
فى مركز تركستان الشرقية قانون تحت شعار " اضرب بقوة المعارضين لسياسة تحديد النسل "
طبقت السلطات حملة تحت شعار " اضرب بقوة المعارضين لسياسة تحديد النسل " والذى صدر عن كل من الحزب الشيوعى والمحكمة الإدارية فى ولاية خوتان بتاريخ 2009 وأرسلت مخبرين وكوادر حكومية إلى القرى والأرياف لمراقبة المنتهكين لهذه السياسة، وذلك وفقا لموقع startimes
وقالت سيدة إنها وصلت إلى ألمانيا وطلبت اللجوء السياسي بسبب حملها سرا و اقتادتها السلطات إلى المستشفى بالقوة وأجرت لها عملية إجهاض إذ تم إسقاط جنينها الذي مضى عليه 6 أشهر. وتم إجراء عملية إجهاض لثلاث سيدات معها في نفس اليوم حيث توفيت سيدة بسبب سوء الوضع والمعاملة السيئة من قبل الأطباء، وأيضا عانت بقية السيدات اللاتي أجريت لهن العملية من سوء الصحة والمرض لمدة طويلة.
ويظل السؤال المثير للجدل هل يمكن معالجة الزيادة السكانية بوضع قوانين إجبارية لتحديد النسل ؟
" حقوق الإنسان": حل أزمة الزيادة السكانية بالضوابط وليس التشريعات
استنكرت النائبة ، الدكتورة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان، فكرة تطبيق قانون إجبارى لتحديد النسل، وقالت فى تصريحات خاصة "لليوم السابع " إن الإنجاب حق لكل مواطن ولا يجب وضع تشريعات تحد من حقوق الإنسان " طالما الزواج موثق ليه نضع قوانين تمنع الإنجاب، وزى ما الزواج حق من حقوق الإنسان الإنجاب أيضا حق من حقوقه " .
وعلقت على مواجهة الزيادة السكانية، قائلة: أنه يتم عن طريق وضع ضوابط وليست تشريعات تفرض على المواطن، وأن هذه الضوابط من مسئولية مؤسسات المجتمع الدولى وخاصة الإعلام الذى يقع على عاتقه الدور الأكبر فى توعية المواطن، ونشر العامل الثقافى حتى يتوفر لدى المواطنين الوعى الكافى لتدارك الأزمة .
ولكن لماذا لا تطبق مثل هذه القوانين القمعية فى مصر للحد من أزمة الزيادة السكانية بالرغم من تطبيقها فى هذه الدول؟ وما هى الآثار التى يمكن أن تترتب عليها فى حال تطبيقها فى مصر؟
أخصائى العلاج النفسى : تحويل الزيادة السكانية لمصدر إيجابى باستغلال الكوادر البشرية
ترى الدكتورة أسماء عبد العظيم ، أخصائى العلاج النفسى، أنه ينبغى تغيير نظرة المجتمع نحو الزيادة السكانية للاتجاه الايجابى بدلا من السلبى، عن طريق استغلال الكوادر البشرية فى صالح المجتمع، مشيرة إلى أنه اذا تم استثمار هذه الطاقات البشرية الكبيرة واعدادهم ثقافيا واجتماعيا فى كافة المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية، ، تتحول مشكلة الزيادة السكانية إلى عائد إيجابى يصب فى صالح المجتمع، ويطور من ركود هذه القطاعات ويقضى على مشكلة البطالة التى تصبح عبء على المجتمع.
وبرهنت على ذلك، بأن هناك العديد من الدول تفتح أبوابها للهجرة ولديها بالفعل عقول مفكرة وكوادر بشرية قادرة على التطوير.
.. نتائج القوانين الإجبارية سلبية .. والحل بالتوعية
ورفضت عبد العظيم فكرة تطبيق قوانين إجبارية لتحديد النسل، قائلة: " القوانين التى تفرض على المواطن وتقيد حريته دائما تواجه بالتمرد والرفض لأن الممنوع مرغوب، والمواطن هيقول دا حقى، وبدلا من احكام هذه العملية بالقوانين أنظم الإنجاب بالوعى والقناعة بتغيير ثقافات و معتقدات واتجاهات الشعب عن طريق حملات التوعية والدورات التدريبية وإجراء نشاطات تثقيفية للمتزوجين، بأن إنجاب فرد أو فردين فقط يساعد الآباء على توفير حياة آمنة لأبنائهم تسهم فى تطوير تعليمهم وتوفير احتياجاتهم ومعيشتهم ".
.. ومصر تختلف عن الدول الأخرى فى ثقافتها وأعرافها
وعن رفض مصر تطبيق هذا القانونين بالرغم من تطبيقه فى هذه الدول الأخرى، علقت قائلة أن: الأمر فى النهاية يرجع لاختلاف الثقافات ، ومصر ترفض تطبيق هذه القوانين لأن التشريع يكون بناء على العرف السائد فى المجتمع ، والعرف يعتبر شكل من أشكال التشريع ، " قبل سن القوانين بيشوفوا رأى الشارع فالفكرة المطروحة وجدوها غير مقبولة
".
وأضافت " الشعب المصرى عنده ثقافة الخلفة وأن الأبناء عزوة والولد سند وطرحت مثالا على ذلك أن المرأة عند إخبارها بأنها تعانى من ورم ليفى أول شئ تقوله ألحق أجيب عيل".
"خبيرة العلاقات الأسرية" الأزمة ليست فى العدد ولكن فى ظروف كل شريحة
واستنكرت لانا محى، خبيرة العلاقات الأسرية، فكرة تطبيق قوانين إجبارية على المواطنين لتحديد النسل، وأشارت أنه لا يمكن حل هذه المشكلة بفرض قوانين على المواطنين وأن الأزمة لا تكمن فى العدد ولكن فى إمكانية و ظروف كل مواطن، قائلة :" ليس معنى أن الشخص مقتدر ماديا أنه يحق له إنجاب أى عدد ولكن الأمر يتوقف على اختلاف ظروف كل شريحة، النفسية والإجتماعية والصحية، هل هذا الشخص مهيأ نفسيا للإنجاب أم لا، وكم عدد تستوعبه ظروفه الصحية، وهل يتعارض العدد كبير للأبناء مع عمله أم لا" .
الحل فى التوعية.. ولو القانون اطبق فى مصر الناس هيتحايلوا عليه
ووضحت أن مواجهة الزيادة السكانية يتم من خلال وعى المواطنين والثقافة عن طريق عرض النتائج الإيجابية التى تترتب على عدم إفراطهم فى الإنجاب من مساعدتهم على الاهتمام بهم لكى يصبحوا أسوياء نفسيا ويوفر لهم حياة معيشية أفضل ويمكن الأباء من التركيز أكثر فى تعليمهم.
وأكدت أن تطبيق قانون فى مصر لتحديد النسل يواجه مردود سلبى من جانب المواطنين فى الرفض وانتهاك القوانين، مضيفة " الناس مش هتخضع للقانون وهيتحايلوا عليه بطرق مختلفة، وفى ناس مش هتسجل ولادها عشان تهرب من الغرامة المادية وهيرفضوا يعملوا شهادة لأبنائهم، وفى الآخر هيعملوا اللى عايزينه"
وعن سبب رفض مصر تطبيق قانون إجبارى لتحديد نسل مواطنيها لمعالجة الزيادة السكانية بالرغم من تطبيقها فى هذه الدول، علقت قائلة:" مصر تختلف عن الدول الدول الأجنبية فى ظروفها وعاداتها وثقافتها ودينها، ولا يمكن للشعب المصرى أن يتقبل هذه القوانين بأى حال من الأحوال".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة