مستقبل مصر فى اللُحمة القوية بين مسلميها ومسيحييها، عاشوا على الحلوة والمرة، وروت دماؤهم أرض الوطن فى معاركه الكبرى، وتشارك فؤاد عزيز غالى مع عبد رب النبى حافظ فى حرب 1973، وحققا أعظم الانتصارات فى تاريخ الوطن، واختفت اللهجات الدينية فى الاحتفالات الكبرى، وتوحد الجميع تحت علم مصر، وإذا سألت أحدهم قال بإعزاز «أنا مصرى» .
وفى الحرب ضد الإرهاب، لم يفرّق رصاص الغدر بين مسلم ومسيحى، فالمتفجرات لا تختار، وتدمى قلوب المصريين جميعًا، وبعد أيام من الهجوم على مسجد الروضة فى العريش بعد صلاة الجمعة، هاجموا كنيسة حلوان أثناء الصلاة، وتعانقت أجراس الكنائس مع صوت الأذان، لترفع فى الفضاء الفسيح جوهر التسامح والتعايش الآمن، وتسطّر وثيقة بالدم، تدين الإجرام الإرهابى الذى لا علاقة له بالأديان.
فى سنوات الألم، وحين أطبقت على رقبة مصر جماعة الإخوان الإرهابية، وتعرضت الكنائس للحرق والنهب، وعانى الأقباط من الظلم والتهجر، كان نصيرهم هم إخوانهم المسلمين، الذين يعيشون معهم فى نفس المساكن، ويجلسون معًا على نفس المقاهى، ويختلطون فى أماكن العمل والأسواق والمواصلات والمتنزهات.. شعب واحد فى العادات والتقاليد والشكل والجوهر.
فى الأعياد والمواسم نتبادل التهانى والأمنيات، وندعو الله أن يديم على مصر أمنها وسلامة شعبها، حتى عندما خرج علينا لوبى فتاوى الفتن، اتحدت إرادة المسلمين على رفضها واستنكارها، فالأديان لا تتعارض أبدًا مع حب الأوطان، ومكارم الأخلاق التى بُعث من أجلها رسولنا الكريم، ترفض الغدر والعدوانية والاعتداء على الآخرين، فمن أين جاءوا بهذا الكم من دعاوى الفتنة والفرقة؟!
وتهل أعياد الميلاد علينا هذا العام، ومصر تتعافى من سنوات الفوضى والخراب، وتبنى دولة عظيمة سوف يكون لها شأن كبير فى غضون سنوات قليلة، وتضرب مثلًا فى الأخوة والوئام، بافتتاح الكاتدرائية الرائعة فى العاصمة الإدارية الجديدة، ليست هدية للأقباط وحدهم بل للشعب المصرى كله، وبجوارها مسجد عظيم، بنفس مواصفات الفخامة والأبهة والعظمة، لنقول للعالم فى ليلة الاحتفال «إنها مصر».. وطن المحبة والطمأنينة والعيش الآمن بين مختلف الديانات.
كل عام ومصر كلها بخير، وحماها الله وطنًا رحيمًا على شعبها، تضم فى قلبها وتحت جناحيها جميع أبنائها، تحميهم من الخوف، وتوفر لهم أقصى درجات السلام.. والسلام هو أن يسلم الناس من شرورهم وأذاهم، وأن تتطهر الأرض الطيبة من دنس الإرهاب، ليعيش شعبها فى محبة ووئام.