القس مكاريوس فهيم

ظلم.. وظالم.. ومظلوم

الإثنين، 01 أكتوبر 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الظلم: موجود فى كل زمان ومكان وعلى كافة المستويات بدءا من عامة الشعب صعودا إلى الملوك والرؤساء مرورا بالبسطاء عبورا بالحكماء، مخترقا الحضانة إلى المدرسة ثم الجامعة منطلقا فى جميع المجالات بسرعة الصاروخ وأحيانا وببطء شديد مرتبطا بآليات الزمان والمكان ليقتحم المدن والقرى.. ثم بعض دور العبادة، ولو عرجنا على الكتب الدينية فسنجد إشارات الظلم واضحة وجلية حيث يسمح الله بوجوده أحيانا لاختبار درجات الإيمان لدى البشر، أو عقابا للبعض الآخر مثله تماما كالأمراض المختلفة التى تصيب الإنسان ونجد السماء تمن على البعض بالشفاء أو تكتب نهاية رحلة البعض فى الحياة الدنيا، ويتم علاج إشكالية وجود الظلم فى الحياة لتأكيد الإعلان السمائى أن هناك حياة أخرى وهى حياة أبدية فى السماء فيستكمل الإنسان رحلته الأرضية منذ مولده فى العالم وحتى رحيله منه فيذهب بروحه إلى طريق الخلود مع الأبرار إن كان بارا أو الأشرار إن كان شريرا، وهناك لن نجد الظلم إطلاقا. 
 
الظالم: مثله مثل الظلم فنجده فى كل مكان وزمان ومجال وبمختلف المجتمعات.. وهو يتوقف على طبيعة الإنسان وأخلاقياته، وله أنواع عديدة مثل الظالم الغبى أو الغضوب والنوع الأكثر شهرة وهو المسرف فى المياه الغازية والدقيق الفاخر ويلعب مع أولاده فى «التراب»، لأنه بمنتهى السهولة «يعمل ودن من طين والأخرى من عجين»، أما النوع الأصعب فنجده يستعمل الأذن الواحدة الوحيدة وهى التى يستمع بها أولا مغلقا الأذن الثانية تماما فلا يستمع للصوت الآخر حتى لو كان فى منصب وله سلطان أو صولجان، أو مريضا بعكاز.
 
المظلوم: غالبا لا يوجد له المقياس الثابت، لذلك تجد المظلوم فى حياته وبعد مماته، وهناك من ينصفه الزمان طال أو قصر حيا أو ميتا، وهذه الحالات تتدخل السماء فى وضع النهاية المناسبة حسب إرادة الله ومشيئته وسابق معرفته بكينونة كل إنسان، ونسوق هنا فى كنيستنا قصة يوحنا ذهبى الفم وهو الأشهر بين آباء الكنيسة الذى عاش أبا روحيا قائدا للكنسية بأمانة وإخلاص طول حياته إلى أن حدث له الظلم البين من الأهل والعشيرة والحاكم فى زمانه وتم نفيه خارج البلاد بعد طرده من الكنيسة، ورئاستها أيضا، وكما قلنا سابقا لا يوجد لدينا حسب إيماننا أى إنسان معصوم من الخطأ مهما كانت رتبته أو منصبه، وتم حذف اسم يوحنا من الكتب الكنسية وامتنعت عن ذكره إلى أن انتهت حياته على الأرض ثم مرت الأعوام تباعا وجاء أحد الباباوات «العادلين» وأجرى تحقيقا شاملا حول قضية يوحنا وثبتت براءته من التهم المسنودة إليه فأنصفته الكنيسة بعد موته وأعادت له كرامته المسلوبة ومازال حتى الآن يذكر اسمه بصلوات القداس الإلهى: القديس يوحنا ذهبى الفم، حتى الآن يتكرر فى كل زمان ومكان: الظلم والظالم ذو الصولجان طويل الباع والسلطة مع وجود المظلوم من أبناء يوحنا ذهبى الفم المسكين.. وحتما سوف تنصفه السماء إن كان على قيد الحياة قاتلا أو مقتولا أو منتحرا أو مسموما، عاقلا كان أو مجنونا، حزينا أو فرحا، مصليا أو مغنيا وغالبا ستجد ذا الصفة الأخيرة منشدا بطرب «حاسس بمصيبة جيالى». 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة