أكرم القصاص

من بن لادن لعشماوى.. عولمة الإرهاب وخطوط الحروب الخفية

السبت، 13 أكتوبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال عقود يسعى محللون وخبراء لفك شفرة كيفية تحول الشخص العادى إلى إرهابى واللحظة التى يمارس القتل أو التفجير أو الإيذاء، وهناك بالطبع محاولات مستمرة لتحليل الإرهاب ونشأته وأسبابه وخلال موجات الإرهاب فى الثمانينيات والتسعينيات كان بعض الخبراء يعتبرون الظروف الاجتماعية الاقتصادية، تمثل عاملا مهما فى نشأة الإرهاب لكن فى نفس الوقت كانت خرائط الإرهاب تناقض هذه التفسيرات باعتبار أن أغلب قيادات الإرهاب لم يكونوا فقراء أو أميين، بل إن قيادات تنظيم الجهاد فى الثمانينيات كانوا إما طلابا من أسر متوسطة بكليات الطب والهندسة أو أطباء ومهندسين وأساتذة جامعة.
 
كان محمد عبدالسلام فرج منظر الجهاد مهندسا، وعمر عبدالرحمن أستاذا بجامعة الأزهر، ومن نفذوا عملية الهجوم على مديرية أمن أسيوط مهندسين وأطباء وتجار، وعاد بعضهم ليمارس الإرهاب فى التسعينيات. ثمن أن أسامة بن لادن من أسرة ثرية، وأيمن الظواهرى طبيب، بل أن الإرهابيين ليسوا فقط من يفجر ويقتل لكن الممولين هناك أثرياء ومتعلمين يمولون الإرهاب.
 
أما تنظيمات مثل داعش والنصرة وغيرها فقد استقطبت شبابا من أوروبا، ولدوا وتعلموا فى مدارس حديثة وعاشوا فى مجتمعات ديمقراطية. ونفس الأمر ينطبق على أمثال هشام عشماوى الذى ارتبط بالقاعدة وعدد من تنظيمات الإرهاب الإقليمى، وعشماوى ممن اعتنقوا الفكر التكفيرى وانخرطوا فى تنظيمات الإرهاب، وهى تنظيمات ليست بعيدة عن تقاطعات السياسة والاستخبارات، منذ تم إنشاء تنظيم القاعدة فى افغانستان برعاية أمريكية فى مواجهة الاتحاد السوفيتى، فى واحدة من أخطر محطات الحرب الباردة، لتمثل واحدة من أخطر محطات الإرهاب.
 
بعد انتهاء الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة، تخلت الولايات المتحدة عن القاعدة، وانقلب التنظيم على صانعه، وجرت تغييرات على تنظيم القاعدة وانشقاقات وصراعات داخلية فضلا عن تداخلها من أجهزة استخبارات ودول ممولة، لتبدأ مرحلة جديدة من الإرهاب، ومثل الغزو الأمريكى للعراق تحولا آخر فى انتشار القاعدة، ومن تفاعلات وانشقاقات ظهرت تنظيمات مثل داعش والنصرة وفتح الإسلام، وغيرها والتى تمثل تنويعا على الإرهاب الممول والموجه، حيث يمثل الخطاب التكفيرى الدينى مجرد غطاء لتمرير مصالح الدول والجهات الممولة، لأن التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها كانت تحصل على أسلحة متطورة قبل أن تبدأ فى نهب البترول وبيعه من خلال علاقات مع دول التمويل والتنسيق.
 
ويمثل الخطاب الخطاب التكفيرى غطاء لتجنيد أعضاء جدد، ويتم انتقاء شباب ذى مواصفات خاصة نفسيا واجتماعيا، بحيث يصلحون أدوات للقتل من دون القدرة على تخطى الفهم أو طرح الأسئلة، ولعل من تابعوا أبحاثا وكتابات أو أفلاما وثائقية مثل الوثائقى البريطانى «الدولة»، يمكنهم إدراك الفرق بين الخطاب والممارسة داخل تنظيمات الإرهاب، حيث يكون القادة عادة بعيدين عن مجالات المواجهة، ويهربون من القتل، بينما يكون الشباب مجرد وقود فى حرب لا يدركون أبعادها.
 
وهو ما يعيدنا لنقطة البداية فى البحث عن كيفية تحول الشخص العادة إلى إرهابى وأداة قتل، بينما هو ينفذ أجندة أو أهداف لا يدركها، ضمن ما يمكن تسميته «عولمة الإرهاب».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة