وفقا لقرار الأكاديمية السويدية هذا العام منحت جائزة نوبل فى الأدب لأول مرة لمصرى هو نجيب محفوظ، الذى ولد ويعيش فى القاهرة، وهو أيضا أول فائز بجائزة نوبل فى أدبه ولغته الأم «العربية».
وبالتأريخ لمحفوظ نجد أنه يكتب منذ حوالى خمسين عاما، والآن وهو فى سن السابعة والسبعين، ما زال يواصل الإنتاج، وإن الإنجاز العظيم والحاسم لنجيب محفوظ يتمثل فى الرواية والقصص القصيرة، وكان إنتاجه يعنى نقطة انطلاق عملاقة للرواية كفن أدبى ونحو نطوير لغة الأدب فى الدوائر الثقافية للغة العربية، غير أن المدى كان أعظم من ذلك، لأن أعماله تتحدث إلينا جميعا.
تناولت بواكير رواياته الحقبة الفرعونية لمصر القديمة، بيد أن فيها بالفعل إيماءات للمجتمع الحديث.
وقد جرت أحداث سلسلة رواياته التى صورت البيئة الشعبية القاهرية فى العصر الحديث وإلى هذه الروايات تنتمى «زقاق المدق» 1947، حيث يصبح الزقاق مسرحا يجمع حشدا «متباينا» من الشخوص يشدهم الحديث عن واقعية نفيسة، والحقيقة أن محفوظ حفر اسمه بالثلاثية الكبرى «1956-1957» التى تناول فيها أحوال وتقلبات أسرة مصرية منذ نهاية العقد الأول من هذا القرنوحتى منتصف الأربعينيات.
وهناك عناصر ذاتية فى هذه الثلاثية ويرتبط تصوير الأشخاص بوضوح بالظروف الفكرية والاجتماعية، وقد أثر تأثيرا كبيرا فى أدب بلاده الوطنى.
وموضوع الرواية غير العادية «أولاد حارتنا» 1959، هو البحث الأزلى للإنسان عن القيم الروحية، فآدم وحواء وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم من الأنبياء والرسل، بالإضافة إلى العالم المحدث يظهرون فى تخف طفيف.
«ثرثرة فوق النيل» 1966 ولم تترجم بعد إلى الإنجليزية، وهى نموذج لروايات «محفوظ» المؤثرة، فهنا تجرى محاورات ميتافيزيقية على حافة الحقيقة والوهم، وفى الوقت نفسه، فإن النص يأخذ شكل تعليق على المناخ الفكرى فى البلاد.
ومحفوظ أيضا كاتب قصة قصيرة ممتاز، وقد قال محفوظ مؤخرا، فى حديث له لو حدث أن تخلى عنى الدافع للكتابة فى أى يوم فإننى أتمنى أن يكون هذا اليوم آخر أيام عمرى.
هذا هو نص قرار الأكاديمية السويدية لمنح نجيب محفوظ جائزة نوبل فى الأدب 1988، والذى تمر اليوم الذكرى الـ30 عليه، ليظل فخرا لنا جميعا، فواحد من أبناء هذه الأرض استطاع أن يصبح «بمحليته الشديدة» إنسانا عالميا، نتذكره ونتعلم منه.
عاش أدب نجيب محفوظ، وعاشت مصر قادرة على الإبداع والتأثير فى العالم.