وائل السمرى

الظالم والمظلوم فى تشويه تمثال شارع الهرم

الإثنين، 15 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعم نعم ما حدث فى تمثال الفنان الراحل فتحى محمود الموضوع فى شارع الهرم يعد تشويها كبيرا، لكنى لا أدعوك هنا إلى النظر فى منتصف الكوب الملآن، ولا إلى تفاؤل أعمى لا يغنى ولا يسمن، لكنى أرجوك انظر لهذا الموقف كالتالى:
 
تمثال الفنان الراحل كان موضوعا فى مكانه منذ سنوات حتى كاد أن يهلك، تنتشر حوله القمامة، ويكتب عليه العابثون ما تيسر من كلمات بعضها قبيح وبعضها تافه، ثم جاء موظفو حى العمرانية غير المتخصصين فى ترميم التماثيل وتجميلها، فأرادوا أن ينظفوا التمثال فشوهوه من حيث أرادوا الإصلاح، وموظفو حى العمرانية مثلهم مثل غالبية الشعب المصرى الآن يفتقرون إلى المقدمات الثقافية التى تؤدى إلى نتائج سليمة، لكنى أرى أن ما حدث يمكن أن نعتبره انتصارا على العديد من السلبيات، أولها أن هؤلاء الموظفين حاولوا الإصلاح والتجميل، وثانيها أنهم تغلبوا من داخلهم على الأكاذيب التى تدعى أن التماثيل بوضعها الحالى محرمة شرعا، وثالثها أنهم أدركوا بفطرتهم أن التشويه الواقع للتمثال تشويها فعلا، بما يعنى أن أعينهم رأت القبح قبحا فأرادت تغييره، لكنهم شوهوه.
 
ما حدث فى هذا التمثال وغيره يشبه تماما ما يفعله الأطفال، فتخيل مثلا أن ابنك البالغ من العمر ثلاث سنوات يريد أن يسكت أخيه الرضيع الذى يبكى، فأراد أن يحمله مقلدا أبيه أو أمه، ولكن للأسف لأنه يفتقر إلى الإمكانيات التى تؤهله لحمل أخيه أسقطه على الأرض، فمن الملام هنا؟ الطفل الذى ينوى الخير لأخيه؟ أم أمه وأبيه اللذان تركا ابنهما ليبكى دون رعاية؟
 
نعم نعم، ما حدث هو تشويه كامل الأوصاف، لكننا المذنبون وليس موظفو حى العمرانية، نحن الإعلاميون الذين لا نربى وعى الناس على احترام الفن وتقديسه، نحن المثقفون الذين لا يقومون بالدور اللازم من أجل تدعيم الفنون وتذكير الناس بها، نحن المسؤولون الذين تركوا آيات الفن فى العراء دون حماية حتى أصبحت مطية لكل عابث، والحل من وجهة نظرى يتلخص فى أن تعد وزارة الثقافة قائمة بكل التماثيل الفنية فى الحدائق والميادين والشوارع الرئيسية، وتتابعها بالمرور الدورى عليها ورصد التعديات التى تحدث لها، مع رفع تقرير دورى عن حالتها الفنية وتوصية بترميم ما يحتاج إلى ترميم وتجميل ما يحتاج إلى تجميل، على أن تقوم المحليات بتمويل الترميمات والإصلاحات إن وجدت تحت إشراف الوزارة، والأهم من هذا كله أن يجتهد كل واحد يدرك قيمة الفن فى رفع درجة وعى الناس به، حتى لا تصبح أعمالنا الفنية سجلا لإنجازات على علوكة وأشرف كخة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة