قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، مدير إدارة الإفتاء عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إن الواقع الحضاري والتطور التقني الذي تعيشه البشرية اليوم ولَّد أمراضا لم تكن معروفة قبل، أو كانت ولم تكن تعرف بمسمياتها الحديثة، وقد اقتضى التطور العلمي والتقني والكيميائي أن يتطور الطب ليحدث لكل نازلة مرضية دواءً أو علاجاً مناسبا كيميائيا أو عشبيا أو تدخلا جراحيا بسيطا أو معقدا، مباشرا أو بالأشعة تحت الحمراء والتقنيات الكهربائية المتطورة والدقيقة، ونستطيع أن نقول إن أكثر القضايا الطبية اليوم هي مستجدات إما في أصل نشأتها أو تطورها.
وأضاف خلال كلمته باليوم الثانى بمؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم المنعقد تحت عنوان "التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق"، الجلسة الرابعة والتى تعقد تحت عنوان "ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية"، أن من هذه المستجدات ما يتعلق بأصل النشأة كالقضايا المتعلقة بالنطف وتجميدها وتخصيبها وتلقيحها واختيار نوع الجنين، وتعدده، والأمراض المصاحبة لذلك كالتوحد أو السيامي ونحو ذلك، ومنها ما يتعلق بأمراض النساء المتعلقة برحمها من حيث التلقيح والعقم والربط، وغير ذلك، ومنها ما يتعلق بالأمراض الحادثة وطرق علاجها كالأمراض المستعصية الآمنة نوعا ما كالسكري والضغط، أو الخطرة كالسرطان والجلطات الدماغية وتصلب الشرايين ونحوها، ومنها ما يتعلق بإنقاذ الإنسان كأجهزة الإنعاش وما يتحقق به الموت وما يترتب على ذلك من مواصلة العلاج أو توقفه، ومنها ما يتعلق بالجراحات الطارئة كالحوادث أو التشوه الخِلقي، أو المصطنعة كعمليات التجميل الضرورية أو الاختيارية، ومنها ما يتعلق بآلام الظهر والمفاصل والجراحات والكسور ونحوها، إلى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر لكثرة ما يَحدث للناس ويُحدث لهم،وقد أسهم الكثير من الفقهاء في معالجة كثير من الأحكام المتعلقة بهذه المستجدات، لاسيما ما تقوم به المجامع الفقهية أو الندوات أو الجامعات في الأبحاث العلمية والأكاديمية، ولعل الإسهام بجمع القواعد الفقهية الناظمة لهذه المستجدات يكون أنسب وييسر البحث العلمي والتأصيل الفقهي والمقاصدي، وهو ما يقدمه هذا المؤتمر وبمساهمات المشاركين فيه .
وفى نهاية كلمته قدم عدد من التوصيات منها أن سعة الشريعة الإسلامية للمستجدات الطبية المعقدة وأنه لا بد من إجراء الأحكام الشرعية عليها ليعرف حكم الله تعالى فيها،كما ان الشريعة الإسلامية ندبت إلى التداوي وحثت المسلمين على الأخذ بالأسباب للعلاج لينتفعوا به، وحثت على تعلم الطب والنبوغ فيه وعدم التواني أو التاكل فيه.
وأن ما يستجد من الطب والدواء ولم يرد فيه نص شرعي بتحريمه فإن الأصل فيه الإباحة والحل، فلا ينبغي التوقف فيه حتى يوجد دليل مانع،أن ما يحتاجه الإنسان أو يضطر إليه من الدواء الذي أصله محرم أو طرأ عليه التحريم؛ فإن الضرورة أو الحاجة الخاصة تبيحه، وأن العلاج الذي فيه مشتقات خنزيرية أو جلاتين ميتة يتعين إيجاد بديل عنه من الحلال، فإن لم يوجد واضطر الإنسان إليه فلا حرج من استعماله كما قال سبحانه في آية ذكر المحرمات: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ،ولا يستقل باستنباط الحكم من القاعدة الفقهية إلا فقيه، وعلى الأطباء الرجوع إلى الفقهاء وشرح الحالة المرضية لمعرفة حال المريض من الضرر وعدمه، وحال الدواء من وجود بديل عن المحرم من عدمه، على الفقهاء التوسع باستنباط الأحكام الفقهية من الفروع المذكورة أو من القواعد العامة التي يندرج فيها فروع كثيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة