قال "يوشار شريف داماد أوغلو"، الأستاذ بجامعة أرسطوتاليو ثسالونيكي- باليونان قسم العلوم الإسلامية إن الذين يكذبون على الله رسوله لن يفلحوا، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "من تقَوَّل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" ،فالإفتاء إقامة لخليفة الله في أرضه على منهاج ربه، مضيفا :"ولئن كانت الحاجة قائمة إلى الفتوى فيما مضى، فإن الحاجة إليهـا اليوم أكثر حاجة وأشد، وذلك بسبب تعرض الأمة لقضايا لم يخطر ببال أحد وقوعها".
وأضاف خلال كلمته بالجلسة العلمية السادسة والاخيرة باليوم الأخير لمؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العالم بعنوان التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق،إنه على الأمة الإسلامية، وعلى وجه الخصوص علمائها أن يُقَوِّموا أي اعوجاج يرونه في المفتين تماماً كما انبرى أعرابي في مجلس الخليفة عمر الفاروق رضي الله عنه قائلاً " والله يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد سيوفنا" ،فإن مثل هذا الأمر يشد عزم المفتي ويحمي ظهره، ويثبت فؤاده كما أفصح الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن سبب قوى الله به فؤاده وثبت جنانه حين قال له أعرابي في غمرة المحنة " يا أحمد إن يقتلك الحق تمت شهيدًا، وإن تعش تعش حميدًا" قال الإمام أحمد: فثبتني كلامه .
وتابع:هذا التلاحم يقوي علماء الأمة ، ويفضي إلى انضباط الفتاوى، مضيفا :"ما نرى في هذا العصر الحديث، أن ثغرات كبيرة فتحت على الأمة بسبب بعض الفتـاوى التي ضلت طريقها، وانحرفت عن جادة الصواب، ولا شك أن خطر المفتي أعظم من خطر القاضي، لأن فتواه شـريعة عامـة تتعلـق بالمستفتي وغيره".
وتقدم فى ختام كلمته بعدد من التوصيات منها إن العناية بقواعد الفتوى وضوابطها واجبة على طلبة العلم الشرعي كافة، وعلى المتفقهين خاصة، مضيفا : لا بد أن يكون عندهم دراية بالواقع المعاصر، وكل المستجدات والإشكالات الاجتماعية والأخلاقية، واستشارة أهل كـل تخـصص فى تخصصهم،كما يتعين على آحاد المفتين الرجوع في المسائل العامة والنوازل المستجدة والتي تتعلق بمسائل السياسة الشرعية خاصة إلى لجان الفتوى وهيئاتهـا ومجالـسها للمشاورة ومدارسة الرأي، وهذا ما يفعله العلماء الأكفاء، ولله الحمد وهذا مما يقدم صورة جميلة للمسلمين.
كما أوصى عموم المفتين بالالتزام بضوابط الفتاوى المختلفة، ومراعاة حال أهل الزمان والمكان، ولاسيما عند الظهور الإعلامي الموسع علـى القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، مع الحذر من إطـلاق الفتـاوى دون قيد، على جميع المفتين مراعاة جانب الوسطية والاعتدال في الفُتيا بعيدا عن طرفي الإفراط والتفريط، والتشديد والتساهل، والتأني والتثبت في الفتوى، والحـذر من القول على الله بغير علم.
كما أوصى بتوسيع دائرة قسم الإفتاء في الجامعات الإسلامية وكليات الشريعة على أوسع نطاق بحيـث تعـنى بتخريج المفتين الضابطين لأصول الفُتيا ومناهجها، على أن يكون الحصول على شهادة تلك المعاهد والدرجات العلمية مسوغا من مسوغات التعـيين في دور الإفتاء وهيئاتها ومجالسها.
كما أوصى دوائر الإفتاء الرسمية بمواصلة إعداد دورات تخصصية للمفتين التابعين لدور الإفتاء، في عصر الثورة المعلوماتية وتقدم وسائل الاتصالات تتأكد عناية دور الإفتاء بالتواصل مع جماهير المسلمين، عـن طريـق الإجابـة عـن أسـئلتهم واستفساراتهم بشكل موسع وقوي، يستفيد من التقنية المعاصرة عبر المواقع الإلكترونية ووسائل الاتصال الحديثة، مع التنبه للأسئلة ذات الخـصوصية والتي تحتاج إلى المشافهة مع المواجهة، الإشراف على المفتين واختيار المتأهلين ومنع الجاهلين والمـاجنين مـن التصدي والتصدر لمنصب الإفتاء؛ مسئولية عظيمة مناطة بـدور الإفتـاء والقائمين عليها، وبقدر وجود نظام دقيق للإشـراف تنـضبط الفُتيـا ويستقيم أمر الناس.
وقال إن غياب دور بعض الحكومات عن تنظيم عمل المفتين ورعايـة شـئونهم كانت له آثاره السلبية؛ وعليه فإننا نوصـي حكومـات الـدول الإسلامية بإنشاء دور للإفتاء والاعتناء باختيار الأكفاء، وتنظيم إدارتهـا، وإلحاق مجالس استشارية بها في مختلف التخصصات الواقعية،وغني عن البيان أن َّ على هذه الحكومات في الجهة الأخرى أن ترفع يـدها عن الفُتيا، وألا تتسلط على أربابها أو تعمل على تسييسها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة