لا تنتهى مأساة فلسطين، فى كل يوم يزيد الظلم، ويدفع البلاد والعباد ثمن جريمة قديمة ارتكبتها بريطانيا من أكثر من مائة عام على يد القائد البريطانى ألنبى.
ففى 27 يونيو 1917 أرسل ألنبى إلى مصر ليكون القائد الأعلى لقوة التجريدة المصرية، وليحل محل السير أرشيبولد مارى، ومن الواضح أن القائد البريطانى الجديد كان قادما بأفكار استعمارية كبيرة، خاصة أن الحرب العالمية الأولى كانت فى قمة استعارتها، وإن كان ميزانها قد بدأ ينحاز لبريطانيا والدول المتحالفة معها ضد دول المحور منها الخلافة العثمانية التى كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة، حيث صارت الرجل المريض الذى تتقاسم الدول الأوروبية تركته.
ومن الكوارث الكبرى التى قام بها ألنبى احتلال مدينة القدس، وقد سقطت المدينة بعد معركة مع الوحدة العثمانية التى كانت تحمى المدينة، وذلك بعد أن خسر العثمانيين مواقعهم الحصينة في جنوب فلسطين.
استطاع الجيش البريطانى أن يحيط بالمدينة ويتفوق على الحامية العثمانية، وبعد يومين دخل اللورد ألنبى القدس ماشيًا من باب الخليل، وقال كلمته المشهورة "الآن انتهت الحروب الصليبية".
بعدها قال اللورد ألنبى "إن انهزام الأتراك أمام الجيوش التى تحت قيادتى أدى إلى احتلال مدينتكم من قبل جيوشى، وفى الوقت الذى أذيع عليكم فيه هذا النبأ أعلن الأحكام العرفية، وستبقى هذه الأحكام نافذة المفعول ما دامت ثمة ضرورة حربية. ولئلا ينالكم الجزع كما نالكم من الأتراك الذين انسحبوا، أريد أن أخبركم أننى أرغب في أن أرى كل واحد منكم قائمًا بعمله وفق القانون دون أن يخشى أى تدخل من قبل أى كان.
وفضلاً عن ذلك بما أن مدينتكم محترمة فى نظر أتباع الديانات الثلاثة الكبرى وترابها مقدس في نظر الحجاج والمتعبدين الكثيرين من أبناء الطوائف الثلاثة المذكورة منذ قرون وأجيال أود أن أحيطكم علمًا بأن كل بناء مقدس، سيصان ويحتفظ به عملاً بالعادات وتقاليد الطائفة التى تملكها.
وبينما كان سكان البلاد يتوقعون أن يعهد إليهم بإدارة بلادهم عملاً بوعود الحلفاء وتصريحاتهم المتكررة، إذا بها تدار بأيد إنجليزية، وما لبث الشعب العربى أن سمع بوعد بلفور، ذلك الوعد الذى منحه الإنجليز على لسان وزير خارجيتهم اللورد آرثر بلفور إلى اليهود عن طريق زعيمهم روتشيلد، إذ أرسل إليه في 2 نوفمبر 1917 كتابًا قال فيه: عزيزتي اللورد روتشيلد: يسرني جدًا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك بأن حكومة جلالته تنظر بعين الرضا إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وتبذل الجهود في سبيل ذلك، على أن لا يجري شيء يضر بالحقوق الدينية والمدنية لغير اليهود في فلسطين، أو يضر بما لليهود من الحقوق والمقام السياسي في غيرها من البلدان الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة