تتجه العلاقات المصرية الروسية إلى مزيد من التطور والتوسع، على مستوى التعاون الثنائى اقتصاديًا وتجاريًا لضمان مصالح البلدين، وفى نفس الوقت تتقارب وجهات النظر بين البلدين الفاعلين فى إعادة رسم خرائط القضايا الإقليمية والدولية، حيث يمثل الشرق الأوسط نقطة المركز فى القضايا الدولية بما يمثله من مركز ثقل للنفوذ، وأيضًا لاستهلاك الجزء الأكبر من تحركات السلاح والسياسة.
ثنائيًا تتركز نتائج القمة المصرية الروسية، فى توسيع التعاون التجارى، والتعاون التكنولوجى فى مجالات الطاقة والصناعة والمناطق الحرة، وتمثل محطة الضبعة النووية إحدى أهم ثمار هذا التعاون، فضلًا عن المنطقة الحرة فى قناة السويس وهو ما يجعل اتفاقية التعاون الاستراتيجية قيمة مضافة اقتصاديًا وتجاريًا.
أما التطور الأهم فهو جذب التأييد الروسى لوجهة النظر المصرية فى القضية الليبية، وقد كان الموقف المصرى من القضية الليبية واضحًا من البداية، وهو الدفع نحو توحيد القوات المسلحة واستعادة الدولة وإنهاء حكم الميليشيات، التى كانت نتاجًا لتدخلات دولية وإقليمية نشرت الفوضى بتعمد بهدف نهب بترول ليبيا وتقسيمها إلى أجزاء كل منها تحت سيطرة ميليشيا تتبع هذه الجهة وهذا الجهاز. ومن هنا كانت وجهة نظر مصر واضحة أن التنظيمات الإرهابية هى وجه من وجوه تجارة الحرب وتقسيم الدول وصناعة فوضى محسوبة.
وكان الهدف هو منع قيام الدولة واستمرار الفوضى التى تجعل من ليبيا مكانًا للتحركات، سواء من نهب الثروات الليبية البترولية أو توطين التنظيمات الإرهابية ومنحها أرضًا يمكن أن تمثل مجالًا عازلًا لإقامة دولة الرايات السوداء. وهو ما انتبهت إليه مصر مبكرًا وسعت لأن تستعيد الدولة الليبية قوتها. ولهذا كان الموقف المصرى من البداية واضحًا أن تكون ليبيا لشعبها، وتخرج كل الأطراف الخارجية وترفع أيديها عن ليبيا وشعبها وثرواتها.
ولهذا ترى مصر كما أعلن الرئيس السيسى أهمية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإنهاء الميليشيات والالتزام بحل دولى بعيدًا عن محاولات التفرع إلى حلول تضيع الجهد المبذول.. ودعم الحل السياسى فى الملف السورى لوضع دستور، والبدء فى مفاوضات سياسية تنهى اقتتال أهلى لم يستفد منه سوى تجار الحروب. مع دعم حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وبالتالى فإن نتاج التنسيق المصرى الروسى هو إنهاء مساعى تجار الحرب، لأن الأزمات الاقتصادية والثروات المنهوبة كلها ذهبت إلى صناع وتجار السلاح، وهؤلاء هم من يدفعون نحو استمرار الصراع الأهلى أو الإقليمى، بما يضمن المزيد من تدفقات السلاح التى تسحب من ثروات الشعوب وتستنزف قواها.
وترجع أهمية كسب الموقف الروسى لدعم التوجه المصرى أنه يعالج خللا فى موازين القوى الدولية بدا ظاهرا من ارتباك الموقف الأمريكى من التنظيمات الإرهابية فى سوريا، وضعف الموقف الأطلسى تجاه الميليشيات فى ليبيا. وما كان من الممكن أن تتحقق هذه الخطوات الروسية من دون تحقيق نتائج بفضل جهد مصر فى دعم توحيد القوات الليبية، انطلاقا لضمان ثروات الشعب الليبى.