النجم الأمريكى روبرت دينيرو ربما لم يتحدث عن السياسة كثيرا سوى بهجومه الحاد على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل انتخابه، إلا أنه على ما يبدو كانت له مغامرة فى العمل لحساب المخابرات الأمريكية CIA.
البداية كانت فى 1978 عندما التقى جاك بلات الضابط بالمخابرات الأمريكية بضابط بالمخابرات السوفيتية الملازم جينادى فاسيلينكو فى واشنطن وذلك فى أوج الحرب الباردة بين البلدين، لكن مع هذا نشأت صداقة غريبة بينهما حيث ذكر موقع "ديلى بيست" أن كلا الضابطين كان يحاول تجنيد الأخر لأنه يعتبره شخص جيد.
جاك بلات ذهب بخطته لرؤسائه فى CIA ورفضوا العمل بها، لكنه لم يتوقف حيث عصا أوامرهم واستمر فى صداقته مع الضابط السوفيتى وطلب المساعدة من عميل FBI يدعى ديون رانكين واستمرت الصداقة السرية بين الضباط الثلاثة الذين أصبحوا يسمون أنفسهم بالفرسان الثلاثة، وأطلقوا على علاقتهم ببعض اسم "العملية دوفكا" وهى التلاعب بحروف كلمة "فودكا".
هذه الصداقة تسببت فى انتقال حزمة معلومات غير عادية من روسيا لأمريكا أكثر، مما كان يتوقع بلات ورانكين فى البداية.
روبرت دينيرو فى The Good Shepherd
فمع موجة تطهير العملاء فى الجانبين خلال الثمانينات ظل الضباط الثلاثة على صداقتهم ولكن فى عام 1988 تم القبض على الضابط الروسى جينادى وتم إلقاءه فى السجن لمدة 6 أشهر قبل أن يخرج محروما من معاشه ومطرودا من المخابرات السوفيتية KGB، عندها بدأ البحث عن عمل كمستشار فى شركة أمنية يرأسها صديقه الأمريكى جاك بلات الذى تقاعد هو الأخر قبل وقت قصير.
لكن فترة الهدوء كانت قصيرة حيث ألقت الولايات المتحدة القبض على جاسوس أمريكى يعمل لصالح روسيا هو ألدريك أميز، والذى تسببت معلوماته فى قتل عدد من العملاء الأمريكيين فى روسيا، ولكن ظل الشك فى وجود جاسوس أخر يعمل لحساب موسكو لأن حجم المعلومات المسربة كان كبيرا لا يمكن أن يكون أميز هو وحده المسؤول عنها، واتضح من خلال تحريات أن الجاسوس الخفى كان السبب فى سجن جينادى فاسيلينكو.
وبدأ البحث عن الجاسوس الثانى سرا فى 1997، وهو نفس العام الذى بدأ فيه روبرت دينيرو فى العمل على فيلمه الشهير The Good Shepherd ووقتها كان روبرت دينيرو يبحث عن خبير فى شئون الاستخبارات ليساعده فى العمل على الفيلم الذى تدور أحداثه وسط أجواء الحرب الباردة.
وبعد بحث اقترح ضابط المخابرات الأمريكى السابق "ميلت بيردن" على روبرت دينيرو الذهاب إلى جاك بلات وصديقه الروسى جينادى فاسيلينكو الذى يعمل فى فرع الشركة الأمنية فى روسيا وعرض دينيرو سيناريو الفيلم على جاك بلات الذى كان رده "هذا كله تفاهة"، وبدأ بلات وبيردن العمل مع روبرت دينيرو على تحسين قصة الفيلم.
عميل CIA حقيقى وصف الفيم بالتافهة
وفى صيف 1997 ذهب بيردن مع دينيرو إلى موسكو للمشاركة فى مهرجان موسكو السينمائى، هناك كان يفترض بدينيرو تلقى جائزة للتكريم عن مجمل أعماله لكنه كان يستخدم المهرجان كحجة لزيارة فاسيلينكو بدون إثارة الشبهات.. ويبدو أن روبرت دينيرو كان معجبا بفاسيلينكو كثيرا لدرجة أنه أراد منحه دور ضابط المخابرات السوفيتى فى الفيلم Ulysses لكن لم يتم الأمر.
وخلال العمل على الفيلم التقى روبرت دينيرو أيضا بحوالى 40 من عناصر المخابرات الأمريكية و20 من المخابرات السوفيتية، لكن جاك بلات كان مهووسا بمعرفة من الجاسوس الخائن الذى تسبب فى القبض على صديقه عام 1988 والذى كان يعمل لحساب CIA، عندها بحث فى سلسلة مقابلات روبرت دينيرو عن دليل مهما كان صغيرا، ثم جاءت معلومات أكبر من جاسوس روسى سابق وبعد التحرى عن المعلومات بدأ الأصابع تتجه لعميل FBI يدعى روبرت هانسن والذى تم القبض عليه فى 2001.
ومضت فترة من الهدوء حتى عام 2005 عندما ألقت السلطات الروسية على جينادى مرة أخرى واتهموه بأنه يعمل لحساب أمريكا وأنه السبب فى اعتقال هانسن، أما روبرت دينيرو الذى لم يكن يعرف باعتقال جينادى قال علنا أثناء الترويج للفيلم: "أردت أن يكون الروسى جينادى هو Ulysses لكن لم نستطع العثور عليه".
الممثل الأوكرانى أوليج شتيفانكو حاز على دور الجاسوس الروسى
وفى 2007 وبينما جاك بلات يحاول العثور على طريقة لمساعدة صديقه الجاسوس الروسى، لجأ إلى روبرت دينيرو وطلب منه المساعدة فى توصيل رسالة لجينادى أو من يحتجزونه ووافق روبرت دينيرو فورا وكانت الوسيلة هى كارت معايدة بمناسبة الكريسماس يرسله دينيرو إلى جينادى وأن صديق دينيرو المخرج الروسى نيكيتا ميخالكوف الذى يمتلك علاقات قوية بالكرملين يمكنه معرفة مكان جينادى لتوصي الكارت له، ووفاق المخرج الروسى.. والسبب فى ذلك هو أن روبرت دينيرو محبوب فى روسيا وربما من أجل خاطره لن يقوم الحراس بتعذيب صديقه المسجون.
وبالفعل بعد أسبوعين وصلت رسالة لدينيرو عبارة عن صورة لجينادى بملابس السجن ورسالة تحية منه ومن بعض المساجين الروس بينهم أحد زعماء المافيا يدعى "سلافا" الذى أصبح صديقا لجينادى لأنه يعرف "فيتو كورليونى" -الدور الذى أداه روبرت دينيرو فى الأب الروحى- وقال جينادى إنه لم يعد يتعرض للضرب أو التعذيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة