وائل السمرى

التذمر أخطر من التنمر

الأحد، 21 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 يتكلم الجميع الآن عن «التنمر» منذ أن بدأ المجلس القومى للطفولة والأمومة فى رعاية الحملة الخاصة بمحاربة ظاهرة التنمر بين طلاب المدارس، التى تعرف بالتنمر المدرسى، أو البلطجة، والتسلط، والترهيب، والاستئساد، والاستقواء، وفى الحقيقة لا خلاف على خطورة «التنمر» فى حياة الأطفال بمصر، خاصة مع الأطفال مرهفى الحس، لكن للأسف لأن الحملة على هذه الظاهرة كانت برعاية مؤسسات الدولة، وإنفاق كبير من مؤسسات أخرى، ومشاركة من نجوم كبار، حظيت باهتمام كبير، لكن فى الجانب الآخر هناك العديد من الظواهر السلبية الأخرى التى تنمو فى الخفاء والعلن دون محاربة تذكر، ولا حملات إعلانية تندد بخطورتها، بل على العكس، يرعى الناس هذه الظواهر بشغف كبير، وفى سياقها يؤلف الشعراء الأغانى ويبتكر الملحنون الألحان ويؤدى المطربون الأغنيات، وتنفق شركات الأجهزة المنزلية على رعاية هذه الظواهر، لأنها تزيد من أرباحها بإعلانات تستثمرها وتشجعها، هذه الظاهرة هى «التذمر» التى للأسف يروج لها الكثيرون بدون قصد، لكنها تحمل فى داخلها كل الشرور التى من الممكن أن تفتك بالأسرة المصرية، ففى أحد إعلانات الأجهزة المنزلية تظهر عدة نساء مكتئبات، يغنين على إيقاع غربى، لعرض عدة شكاوى من أعباء الحياة المنزلية، محملين الزوج كل اتهامات الإدانة، هذه تشتكى من كثرة الأكل والطبخ، وهذه تشتكى من غسل الملابس، وهذه تشتكى من تنظيف البيت، ثم يأتى الإعلان عن هذه المنتجات كما لو كانت هى المخلص الوحيد لتذمر السيدات، وفى إحدى أغنيات سميرة سعيد تشتكى «سميرة» من تحول حبيبها بعد أن كان سوبر مان، فأصبح «بارد جدا ودمه تقيل وندل أوى وطماع وبخيل وبيجيلى مدروخ نص الليل، كسلان ومأنتخ وكرشه قصاده شبرين منكوش ومبهدل، شخص كئيب وحزين، نكدى وسلبى وعصبى وشكاك»، لكنها بعد وصلة الردح هذه تصرح فى النهاية، لأنها مازالت تحبه!
مثل هذه الإعلانات والأغنيات وغيرها الكثير من المسلسلات والأفلام والبرامج التى تروج لاعتبار العلاقة الزوجية سجنا متعدد الأغراض وعاملا من عوامل هدم الشخصية ورونقها بلا شك أخطر بكثير من مجرد مشاكسة بين طفلين أو تنابذ بألقاب سرعان ما سيطويها النسيان، بهذه الثقافة المنحطة نخرب بيوتنا بأيدينا وبأيدى المعلنين، فالأساس فى العلاقة الزوجية هو التسامح والتكامل والرضا والمكافحة لكل ما هو وقح ودخيل، الرجل والمرأة فيها حبيبان لا خصمان، هى ليست معركة لكى يقف كل واحد و«يردح» للآخر، والتاريخ لا يقف خارج كل بيت ليكتب فى النهاية من انتصر على من، الزوج أم الزوجة، لكن المستقبل هو الذى يقف على باب البيت منتظرا ماذا فعل الزوج والزوجة لبناء أسرتهما.
التنمر خطر بالفعل، والتذمر أخطر بكل تأكيد، التذمر والشكوى والعراك وتبادل الاتهامات سم يدسه الأزواج فى حياتهم، ورعايته بتلك المواد الإعلانية أو بتلك الأغنيات الرخصية أو غيرها من مواد درامية، أمر أشبه بالسماح للسم بأن يمتد فى الجسد حتى يفسد ويتعفن.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة