تمكين المرأة ربما هو مطلب لكثير من النشطاء والحركات الحقوقية فى العالم لكن بالنسبة للكاتبة الأمريكية كارا كونى فإن الأمر يأخذ منحى آخر عند الحديث عن النساء فى مصر الفرعونية، وتحديدا النساء اللواتى تمكن من الوصول للحكم وصناعة القرار فى مصر القديمة.
الكاتبة كارا كونى تسلط الضوء فى مقال لها بمجلة التايم، على كتابها When Women Ruled the World: Six Queens of Egypt والذى يركز على 6 ملكات فى مصر القديمة، وتروى الكاتبة فى مقالها إن مصر كان لديها الإلهة القطة باستت والتى كان لها جانبان، الأول هو الحماية والرعاية، والثانى هو الميل الطبيعى للعنف والشراسة، وتقول الكاتبة إن هذه الصفات كانت موجودة بالنسبة للإلهة المصرية وبالنسبة للمرأة المصرية القديمة أيضا.
وتشير كارا كونى إلى إن ما لاحظته فى دراستها هو أن النساء فى مصر القديمة وإن كن استطعن الوصول للسلطة المطلقة فإنهن لم يفعلن هذا لأسباب تتعلق بالطموح الشخصى، ولا لمساعدة النساء أو حتى تحقيق المساواة عموما بل فى الأساس لمساعدة الرجال حولهن من عائلاتهن أى فى النهاية إبقاء نفس النظام كما هو فى مصلحة الرجل أولا سواء كان الابن أو الأخ أو الزوج.
وترى الكاتبة إن التاريخ المصرى وسلوك المرأة المصرية عندما وصلت للسلطة يدعونا فى عصرنا هذا للحذر، وتقول كونى "درست النساء والسلطة فى العالم القديم وأنهت للتو كتابها When Women Ruled the World: Six Queens of Egypt، الذى تريد منه تحذير النشطاء فى مجال حقوق المرأة الآن من أن وجود أعداد كبيرة من النساء فى الحكم لا يعنى فى نظر الكاتبة دليل على المساواة.
كتاب كارا كونى
وتوضح كارا كونى أنه فى مصر القديمة كان هناك 6 نساء وصلن لمركز صنع القرار فى البلاد وهذا بجانب عشرات أخريات كن يتولين الوصايا على العرش أو كن كاهنات أو زوجات مؤثرات على أزواجهن من خلف الستار.. "مصر القديمة سمحت بدخول النساء لمراكز القوة أكثر من أى مكان آخر فى الأرض لكن هل يعنى هذا أن المجتمع المصرى القديم كان يقوم على المساواة كما نطالب بها الأن؟.. الإجابة لا".
من الأمثلة التى تطرحها الكاتبة، الملكة مريت نيت من الأسرة الأولى والتى حكمت حتى يصل ابنها للحكم بعد بلوغه السن المناسب ويحكم بنفسه، وانتهى به الحال ليكون صاحب أطول فترة حكم فى الأسرة الأولى وأكثر ملوكها نجاحا.
بينما نفرو سبك، تولت الحكمة فى الأسرة الـ12 نتيجة عدم وجود أفراد آخرين فى عائلتها أى أنها كانت مجرد ملكة تتولى الحكم حتى يأتى رجل أخر.
أما حتشبسوت فى الأسرة الثامنة عشرة، فكانت تتولى الحكم فى الأساس نيابة عن تحتمس الثالث ابن شقيقها رغم أنها استحوذت على السلطة لنفسها وبعد حوالى 20 عاما اختفت من التاريخ.
وفى الأسرة التاسعة عشرة كان هناك الملكة الطموحة "تاوسرت" التى أرادت الحكم من أجل نفسها وتخلصت من منافسيها ولكن لم يكن هذا يرضى المجتمع من حولها فأطاح بها قائد عسكرى ليتولى الحكم رجل من جديد.
وحتى كليوباترا التى أرادت الحكم لنفسها وقادت تمردا ضد اثنين من أخوتها الرجال قبل نهايتها المأساوية منتحرة لم تكن قصتها لتكون مختلفة لو عاشت أو انتصرت على الجيش الرومانى حيث كانت فى النهاية ستسلم الحكم لابنها.
وعادت الكاتبة كارا كونى لتقول إن القصص السابقة وغيرها الكثير فى كتابها يفترض أن تكون تحذيرا لنا فى عصرنا الحديث، فعلى الرغم من وصول نساء للسلطة الآن فإن هذا لا يعنى قوة حقيقية للمرأة.
كارا كونى
وتبرز الكاتبة أمثلة من العصر الحديث قائلة "فى بريطانيا تم انتخاب امرأتين لرئاسة الوزراء فى 40 عاما الماضية وسط تحديات من رجال فى الحكومة، والهند وباكستان كلاهما شهدتا نساء يتولين القيادة بكفاءة، وهناك أيضا نساء يتولين السلطة بشكل غير رسمى مثل إيفانكا ترامب، لكن القاسم المشترك بينهن جميعا هو أنهن يعملن نيابة عن أبائهن وأزواجهن وأخوتهن".
وبالتالى بحسب وجهة نظر الكاتبة فإن وصول المرأة للسلطة لا يعنى أن المجتمع تطور بما يكفى حتى تكون المرأة موجودة فى السلطة بناء على أجندة خاصة بها هى، وبذلك تغير كارا كونى النظرة المعتادة للنساء فى مصر القديم، حيث إن كونى أستاذة الفن المصرى القديم فى جامعة كاليفورنيا تريد إظهار فكرة أن التاريخ كله كان ضد المرأة حتى فى مصر القديمة، بغض النظر عن فارق المعايير والقوانين فى الزمان والمكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة