قليلة جدا المسرحيات التي تجمع بين مضمون جيد ومتعة وفرجة بصرية، ولكن حدث ذلك في مسرحية " حدث في بلاد السعادة " التي تعد مسرحية وطنية يجب أن تجوب محافظات مصر، لأنها تحث علي العمل والأمل فهما مفتاح السعادة لكل الأوطان، كما جاء في كلمات الاغنية التي تختم المسرحية والتي تقول كلماتها: " لما ترس يلف ترس يلف تاني وصوت كفاح الشعب يتحول أغاني واللي كان بيعاني يصبح شخص تاني والسعادة تعم علي كل البلاد ولو أيدين حكامها في أيدين الشعوب لما كل عملنا يبقي من القلوب تبقي صفحة جديدة فعلا مش كلام بس تبدأ انت من عندك يادوب " .
مدحت تيخة وفاطمة محمد علي في مسرحية حدث في بلاد السعادة
المسرحية التي كتبها وليد يوسف عام 1988 تصلح على مستوى الفكرة والمضمون للتقديم في كل العصور، فهي ما زالت حية بنص محكم مبني بحرفية كاتب مسرحي مخضرم، وهي ليست المسرحية الأولى لوليد يوسف ، فقد قدم من قبل الحالة 94 التي تصلح أيضا لكل العصور و" المواطن مهري " وهي مسرحية أيضا من المسرحيات الكوميدية المعمرة التي بتغيرات بسيطة تستطيع تقديمها في أي وقت وهذه عبقرية كاتب مثل وليد يوسف وكتاب آخرين لديهم القدرة علي ذلك مثل توفيق الحكيم ويسري الجندي وعدد من المؤلفين المحنكين في كتابة المسرح .
سيد الرومي في مسرحية حدث في بلاد السعادة
ولو تركنا الفكرة والمضمون الجيد الذي يقدمه الكاتب وانتقلنا لعناصر الفرجة سنجد مخرج العمل مازن الغرباوي قد حول النص المكتوب من كلمات لحياة علي المسرح وتعامل ببساطة تصل للمشاهد العادي فيستمتع واحترافية تدفع المثقف للتفكير وطرح التساؤلات ووظف كل العناصر ليخدم عمله فاختار أغاني من نسيج العمل تكمله وليست ببعيدة عنه كتبها حمدى عيد ولحنها محمد مصطفى وأضاف عليها جمالا وإبداعا صوت وائل الفشنى وفاطمة محمد على أما الاستعراضات التي صممتها كريمة بدير فهي تحمل دقة في التفيذ ومتعة في الرؤية واحترافية في الاداء كما خلق مهندس الديكور حازم شبل عوالم المسرحية بحرفية شديدة ليضفي روحا للعمل واستخدم تقنية جديدة في المسرح او قليلة الاستخدام وهي mapping 3D التي تعمق الصورة وتضيف واقعية في الديكور .
مشهد من المسرحية
أهم عنصر من أكثر عناصر العمل نجاحا هو التمثيل فكل فريق العمل كانوا في أفضل حالاتهم فبطل العمل مدحت تيخة ممثل يجيد كل أنواع التمثيل يضحكك ويبكيك ولديه كاريزما علي المسرح تذكرني بالفنان الكبير يحيي الفخراني الذي شاركه من قبل أحد المسلسلات " شيخ العرب همام " وكان رائعا وأيضا الفنان علاء قوقة ممثل من العيار الثقيل يجسد الشر كما ينبغي ان يكون ومنضبط جدا علي المسرح في كل مشاهده وهناك ايضا نجم الكوميديا وصاحب البسمة الفنان سيد الرومي أحد أهم الكوميديانات في مصر ولكنه لم يأخذ الفرصة الحقيقية بعد ومثله النجم محمد حسني صاحب الإفيه الحاضر دائما علي المسرح وفي الحياة .
مشهد اخر من العمل المسرحي يجمع سيد الرومي وعلاء قوقة
من النجوم العرب الذين لفتوا الأنظار في العمل النجم العراقي راسم منصور الذي يحمل حضورا وقوة في الوقوف علي خشبة المسرح وكان ينقصه فقط المساحة الاكبر ومثله الفنانة خدوجة صبري نجمة ليبيا الاولي وسيدة المسرح الليبي التي تقدم دورا برغم صغر مساحته إلا انه له تأثير في الاحداث وتقدمه ببراعة ومن النجمات العرب ايضا الفنانة نسرين أبي سعد التي تحتاج أيضا مساحة اكبر لإظهار قدراتها ولكنها تتمتع بروح مرحة وحضور علي الخشبة ومسك الختام هو الفنان حسن العدل الذي بمجرد ظهوره علي المسرح ينال تصفيقا حادا فهو ممثل مخضرم وابن المسرح القومي ومن الممثلين " التقايل " في المسرحية بلغة المسرح وشكر آخر لابد أن يوجه للفنان اشرف طلبة مدير مسرح السلام الذي وفر الامكانيات ودعم العرض المسرحي حتي خروجه للنور .
مسرحية حدث في بلاد السعادة
في النهاية هذا العرض يستحق المشاهدة والدراسة وبالفعل تحقق له الاثنان فالعرض يشهد نسبة مشاهدة معقولة اما الدراسة فقد تقرر تطبيق العرض ودراسته لطلبة أكثر من جامعة منها جامعة المنصورة وكلية آداب قسم مسرح بجامعة حلوان وجامعات أخر .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة