قبيل مغيب الشمس، ومن بعيد من مكان لآخر يتصاعد الدخان عاليًا من أعالى التلال الرملية على سواحل شمال سيناء، وما أن تدنو الشمس من مخدعها معلنة قدوم الليل حتى ينحصر المشهد فى شعلة نار تبدد من بعيد سواد ظلام الليل.
المشهد، هو لملامح ولائم الصيد على ساحل شمال سيناء، وتنتشر هذه الأيام مع حلول موسم هجرة الطيور وعبورها سواحل المحافظة ويكون لها الصيادين بالمرصاد تلتقطها أياديهم فى الصباح الباكر حتى يؤل مصيرها فى نهاية اليوم بعد تجهيزها على ولائمهم التى تجمع أصدقاء وأقارب يَرَوْن فى سهرات الصيد متعتهم متخذين من الرمال فرشا لهم يحلقون حول شعلة نار متقدة، فيها يعدون الطعام والشاى والقهوة وإذا ما غلبهم النوم اتخذوا من عشش تجاور مجلسهم مبيتا لهم.
السهرات كما يصفها سالم حسان أحد الشباب، أنها تجدد روحهم ويحرصون عليها بين الحين والأخر خلال الفترة الممتدة من أكتوبر حتى أول ديسمبر من كل عام.
وأشار حسان، إلى أنه جرت العادة أن كثير من الشباب بشمال سيناء، يتجهون لحرفة صيد الطيور المهاجرة، ويتم ذلك فى مناطق خارج المدن وعلى وجه الخصوص غرب العريش وقرى بئر العبد حيث التلال الرملية المرتفعة، ويتنوع نشاط الصيادين مابين صيادين لطيور مهاجرة مثل السمان والمراعى والبط الشرشير وغيرها، وآخرين يقومون بصيد الصقور.
وقال أن المكان الذى يقيم فيه الصياد يطلق عليه اسم مصياد، وكل مصياد يتواجد فيه صياد أو اثنين، والمكان ليلا يزدحم حيث الحضور من أقارب وأصدقاء يعمرون سهرتهم حول موقد جمر الحطب، وتكتمل السهرة بتناول وليمة الصيد، التى قوامها طيور منوعة حصيلة صيد اليوم أو جزء منه.
وأشار عامر حسين، أحد الصيادين على تل رملى مرتفع جنوب مدينة بئر العبد، إلى أن المصياد الذى يملكه هو عشه بداخلها اغطية وقليل من الأدوات المنزلية لزوم الطهى ودقيق وجركن مياه وأدوات الشاى والقهوة، وفيها يقضى وقته وبين الحين والآخر يذهب لمنزله الكائن على بعد 15 كيلو من المكان لإحضار ما ينقصه.
وأضاف أن نشاطه يبدأ من الصباح الباكر فى انتظار نصيبه من الطيور المهاجرة بعضها يقع فى شباك ينصبها على بعد أمتار قليلة من عشته، وأخرى يلاحقها فى مَحيط المنطقة المجاورة بعد أن تختبئ فى الأشجار المعمرة والحشائش البرية.
وأوضح أنه يعتبر نفسه صياد وفى مهمة عمل ينتظر رزقه، أحيانا يكون حظه وافرا ويصطاد عددا لا بأس به من طيور السمان يحضر لشرائها منه تجار يبيعونها فى أسواق المدن والقرى بأسعار تتراوح مابين 45 إلى 55 جنيها لكل زوج، ويحتجز عددا منها أضافه إلى ما يصطاده من طيور اخرى لوليمة كل ليلة بحضور أصدقائه وضيوفه.
وقال إنهم يعدون وليمتهم على جمر الحطب، وكذا الخبز يطهونه بعد عجنه وإعداده على هيئة قرص ينضج فى الجمر تحت الرمل والرماد، يعقبها اعداد الشاى والقهوة على بقايا الجمر.
وأشار عيسى سليمان، أحد الصيادين، إلى أن نشاطه يتركز خلال هذه الفترة على صيد الصقور، مضيفا أنه ينتظر عبورها على أمل الامساك بطير منها وعلى الهامش يقوم بصيد طيور مهاجرة عابره يجهزها لوليمة كل ليلة.
وأوضح أنهم كصيادين يعيشون فى مناطق شبه خالية من العمران والناس، يسعدون كل ليلة باستقبال ضيوفهم لذلك لا غرابة أن تجد ليل الصحراء عامرا بحضورهم بعد عناء اليوم ومشقة السعى وملاحقة الطيور أو انتظار وصولها.
وكانت محافظة شمال سيناء أعلنت رسميا ضوابط صيد الطيور المهاجرة وأوضح بيان المحافظة فى هذا السياق، أنه يصرح بصيد طائر السمان والشرشير الصيفى، ويبدأ موسم صيد السمان والشرشير الصيفى اعتبارا من 10/9/2018 وحتى 25/11 /2018، على أن يتقدم المواطنون بطلب الترخيص إلى مجالس المدن التابعين لها مع سداد الرسوم المقررة بالمجالس مع اعتبار بوغاز 2 على ساحل بحيرة البردويل هو الحد الفاصل فى اختصاص إصدار تصاريح صيد السمان بين مركز العريش ومركز بئر العبد.
وحددت المحافظة فى بيانها المسافة المطلوب الترخيص بها لصيد السمان بما لا يقل عن 200 متر مقابل رسوم 20 جنية، وألا تزيد المسافة عن 1 كم مقابل 100 جنية، مع إمكان تنسيب المساحات الأقل، ويتم سداد الحصيلة إلى صندوق حماية البيئة، وبالنسبة للرسوم الخاصة بـ البط الشرشير الصيفى يتم تحصيل 25 جنيه لرخص التعايش، 100 جنيه لرخص الهواة، ويحظر إقامة الشباك على مسافة تقل عن 500 متر من شاطئ البحر، وبما لا يتعدى حدود المساكن والمبانى، ويستثنى من ذلك مواقع مشاريع التنمية القومية التى تقل فيها المسافات عن 500 متر من شاطئ البحر، على أن يتم وضع الشباك فى هذه الحالة فى أقصى مسافة تسمح بها هذه المناطق، وألا يزيد طول منصب الشبك الواحد عن 20 مترا مع ترك مسافة 25%من المساحة المرخص بها دون شباك وألا يزيد ارتفاع الشباك عن 3 متر، وأن تكون الشباك مصنوعة من خيوط الغزل وليس من النايلون، وأن يكون منصب الشبك صف واحد فقط، ويلتزم طالب الترخيص بصيد السمان فقط - ويلتزم بإطلاق سراح كافة الطيور الأخرى التى قد تقع فى الشباك مثل طائر المرعة والجوارح والعصفوريات والطيور المغردة وغيرها من الطيور الممنوع صيدها أو المعرضة للانقراض، ويلتزم بتسليم الطيور المريضة إلى أقرب محمية لرعايتها قبل إطلاق سراحها.
ومن الضوابط الرسمية لعملية الصيد أنه يمنع منعاً باتاً استخدام الاجهزة الصوتية العاملة بالموجات فوق الصوتية وأجهزة الصوت بالتقنيات الأخرى فى عمليات صيد السمان البرى والطيور المصرح بصيدها، وأدوات الصيد المسموح بها لطائر السمان هى " الشباك – العشوش – الطراحة – الرماكة – بنادق ضغط الهواء "، ويحظر استخدام المخيط فى عمليات الصيد، وأدوات الصيد لطائر الشرشير الصيفى هى البنادق الخرطوش عيار "12، 16، 20 " منفردة أو مزدوجة المواسير ولا يسمح باستخدام بنادق الخرطوش متعددة الطلقات ويسمح بتركيب منظم الطلقات البلاستيك الذى يسمح بطلقتين فقط، وتقوم مجالس المدن بتحديد مواقع الشباك على خريطة أو كروكى لتوضيح البعد عن الساحل والمساحة المراد الترخيص.
وحدد البيان المناطق الممنوع الصيد فيها بمنطقة محمية الزرانيق فى المساحة المحدودة بالحدود من الشرق: من نقطة الحدود على الساحل والكيلو 34 على طريق العريش – القنطرة، ومن الغرب: نهاية سبخة الفلوسيات والكيلو 42 على طريق العريش – القنطرة، ويسمح للأهالى بالصيد فيما عداها مع اعتبار أن نصب الشباك فى المناطق المسموح بها والتصريح الصادر لا يعتبر سند من سندات الملكية، ويتم أخذ إقرار على المواطنين الراغبين فى الصيد بالتزامهم بوقف أعمال الصيد وإزالة الشباك عند ظهور أية أخطار وبائية، أو صدور قرار المحافظة بوقف الصيد، أو صدور قرار من السيدة وزيرة البيئة بمنع الصيد أو صدور تعليمات أمنية بذلك - دون المطالبة بالرسوم التى قاموا بسدادها للحصول على الترخيص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة