قالت الناشطة العراقية نادية مراد، عن تجربة أسرها على يد تنظيم داعش، في أول مشاركة رسمية لها بعد فوزها بجائزة نوبل للسلام 2018، ودعت العالم إلى التركيز على أسباب الوحدة ونبذ الفرقة والعنف والكراهية، وطالبت بدعم الجهود الإنسانية التي تبذلها الجهات المخلصة لمساعدة ضحايا الصراعات، وأكدت أن حملات الإبادة التي يمارسها الإرهابيون ستفشل حتماً وسيقدم الجناة والمجرمين إلى العدالة.
وكانت مراد تعرضت للاختطاف والتعذيب على أيدى قوى الظلام فى العراق، قبل أن تحرر نفسها وتهرب من الأسر لتبدأ نشاطها الداعم لضحايا الإرهاب والداعى إلى مقاومته بشتى السبل.
وشكرت نادية مراد خلال كلمتها بمؤتمر الاستثمار فى المستقبل، اليوم الأربعاء، مؤسسة القلب الكبير وإمارة الشارقة على إتاحة الفرصة لها ولشباب العالم للتحدث عن تجاربهم ليشاركوها مع نظرائهم فى البلدان التى تشهد ظروفاً قاسية.
وجاء ذلك فى خلال كلمتها بحفل افتتاح الدورة الثالثة من مؤتمر الاستثمار فى المستقبل تحت شعار "الشباب: تحديات الأزمات وفرص التنمية"، وذلك صباح اليوم الأربعاء، فى مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات.
وأشارت إلى أهمية الاستثمار في المستقبل وفي طاقات الشباب، وقالت:"هذا هو الاستثمار الوحيد الذي مهما وضعنا فيه من جهود سنبقى بحاجة للمزيد".
وأضافت مراد: "قبل أسابيع قليلة، تم اختياري لجائزة نوبل للسلام، وأنا أعتبر أن هذه الجائزة بمثابة تكريم لضحايا الصراعات والاضطهاد في العالم أجمع، وتحفيزٌ للشباب على مواجهة تحدياتهم والانتصار عليها.
وتابعت أنها لمسؤولية كبيرة أن يختارني العالم كي أكون صوتاً لضحايا العنف، والمسؤولية الأكبر في توظيف المعاناة التي تعرضت إليها لتكون حافزاً لغيري للعمل على تحقيق السلام والازدهار للأجيال القادمة.
وحول تجربة الأسر والاضطهاد التي تعرضت لها مراد قالت: "في 3 أغسطس 2014، واجهت قريتي والقرى المجاورة إبادة جماعية، حيث هاجمتها قوات داعش في ساعات الصباح الباكر، وقتلوا من قتلوهم على الفور، وأخذوا من تبقى أسيراً، وكنت واحدة من الفتيات اللواتي وقعن في الأسر، ومع الوقت تمكنت من الهرب وتركت خلفي أكثر من 300 امرأة لا يزلن في الأسر حتى الآن".
وأشارت نادية مراد، إلى أن المجتمع الدولي فشل في حماية الأقليات من داعش، لكن يجب ألا يفشل في إعادة الإعمار ومحاسبة المتورطين، ودعت المجتمع الدولي للتحالف لإعادة الإعمار وحماية الأقليات.
وأضافت أن الشباب قادر على صناعة مستقبل أفضل لبلادهم.. ونحن هنا من أجل المستقبل، ويجب إعطاء الأولية للإنسانية وليس للحرب.
وأكدت قائلة "أنا امرأة واحدة فقط لكنني نجوت لأكون صوتا لعدد لا يحصى من الناس"، مضيفة "لندع الأمل يوحدنا والإنسانية أيضا لتكون حقيقة للأجيال المقبلة".
ومن جانبه قال الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، إن دولة الإمارات حققت العديد من الإنجازات في قطاع العلوم والمعارف، حيث باتت واحة للعلم والمعرفة، وما اختيار إمارة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019، إلا دليلاً على الجهود الكبيرة التي تقدمها في هذا المجال، لافتاً إلى أن الجهود المبذولة في القطاع والنظم التعليمية، تواكب المتغيرات المتسارعة التي يمر بها العالم والتي تفرض نفسها بقوة على حياتنا، وخصوصاً على فئة الشباب، لا سيما تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، ومتغيرات سوق العمل العالمي وحاجاته.
ولفت الفلاسي، إلى أن التعليم والاستثمار في الإنسان هو وسيلة الوصول إلى المستقبل، وركيزة البناء والتطور الأساسية، مشيراً إلى أن نسبة الشباب دون سن الـ 35 تصل إلى 75 %، فيما تتجاوز نسبة الشباب دون الـ 24 سنة حاجز 65 %، وهذا يمثل ثروة للمجتمعات، إذا ما استطاعت تمكينهم وتعزيز قدراتهم، وتوظيف هذه الطاقات في النمو المستدام الذي تسعى إليه المجتمعات، مؤكداً أن دولة الإمارات هي دولة المستقبل، لما تمضي عليه من نهج، وما توفره للشباب من إمكانات.
وقال وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، إن دولة الإمارات وضعت استراتيجية متميزة لمنظومة التعليم، وفق أعلى المعايير العالمية، منذ مرحلة الطفولة المبكرة، بهدف الوصول إلى مخرجات أكاديمية تسهم بشكل فاعل في النمو، واقتصاد المعرفة، واقتصاد ما بعد النفط، الأمر الذي عزز من سرعة انتقال الإمارات من مرحلة البناء إلى مرحلة الجودة والتطوير.
واستعرض الفلاسي عدداً من البرامج والمبادرات التي أطلقتها دولة الإمارات، ومنها الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، والتي تشكل منظومة من الخطط والمبادرات التي تهدف إلى تهيئة البيئة الحاضنة لعملية تعليمية متكاملة وغرس ثقافة التعلم مدى الحياة لتمكين الأفراد من التعلم وتنمية الذات بشكل مستمر، داعياً الشباب الإماراتي للارتكاز على المهارات المتقدمة لتطوير قدراتهم ومواءمة هذه القدرات مع المتغيرات المختلفة لسوق العمل.
وألقت حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع كلمتها خلال الحفل قائلة إن مؤتمر (الاستثمار في المستقبل) يشكل إضافة حقيقة للجهود التي تبذلها دولة الإمارات، في مشوار التنمية المستدامة ورؤيتها للمستقبل، لاشتماله على ثلاثة محاور مهمة هي الاستثمار، والشباب، والمستقبل، وهذا يعني أن الاستثمار هو تأمين المستقبل، وأن الشباب هم قلب وروح المستقبل، وأكدت أن الإمارات وضمن رؤاها الاستشرافية للمستجدات، وتبنيها للطموح، ظلت سباقة في رعاية وتمكين الشباب.
واستعرضت بوحميد نماذج المبادرات والمجالس الشبابيّة في إمارة الشارقة ودورها في تعزيز مهاراتهم، معربة عن إعجابها بتجارب مجلس شورى أطفال الشارقة، وأندية الشباب العلمية، ومجالس الضواحي، وغيرها من المبادرات المبتكرة ذات الأثر الإيجابي الكبير ودورها في صقل شخصية أطفال وشباب الإمارات، كما توقفت عند مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وتوجيهاته بتغيير مسمى "كبار السن" إلى "كبار المواطنين" مشيرة إلى أنها خطوة تؤكد أن الكبار هم الشباب الذين لا ينضب عطاؤهم، ورسالة على العناية والاهتمام الذي توليه الدولة لشبابها.
وتابعت وزيرة تنمية المجتمع: "يبقى الشباب هم الأولوية لدينا، ولا بد لنا من اختيار لغة تجيد التأثير، لا سيما وأننا في عصر الانفتاح على العالم، حيث تتراكم التجارب وتتداخل الحقائق، في حقول التقنيات الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لا بد من النظر بعين الانفتاح على اهتمامات شبابنا في الفضاء الإلكتروني، وأن ننتقي السبل الكفيلة بتقبلهم لنصائحنا، والبدء بالاستماع إليهم قبل أن نُسمعهم ما نريد، الأمر الذي يسهم في فهم احتياجاتهم، وينعكس بصورة إيجابية على ثقتهم بأنفسهم، ويتيح لهم المجال للمشاركة في صناعة القرارات المصيرية التي تتعلق بمستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم".
وعقب انتهاء الجلسة الأولى تفقد حاكم الشارقة سلطان القاسمة أقسام وأجنحة الدوائر والمؤسسات والهيئات المشاركة في مؤتمر الاستثمار في المستقبل.
وينظم مؤتمر الاستثمار في المستقبل مؤسسة القلب الكبير بالشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة)، وقرى الأطفال SOS، تحت شعار، الشباب: تحدي الأزمات وفرص التنمية.
ويبحث المؤتمر الذي يشارك فيه 60 متحدثاً وأكثر من 600 مسؤول وخبير وشاب، تحديات الشباب في مختلف أنحاء العالم وتحديداً في المناطق التي تعاني الأزمات والنزاعات والحروب والكوارث، ويؤكد على الأهمية الكبيرة لأشراكهم في التنمية من أجل حماية مستقبلهم، ومستقبل أوطانهم، وتجنيبهم الانسياق وراء مسارات تطرفية أو إجرامية نتيجة واقع وظروف أجبروا على معايشتها.
وحضر حفل الافتتاح كل من: الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام، والشيخ صقر بن محمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة الرياضي، والشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب الحاكم، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، والشيخة هند بنت ماجد القاسمي رئيس مجلس سيدات أعمال الشارقة بالوكالة، والشيخ محمد بن حميد القاسمي مدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية بالشارقة، والشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي مدير مؤسسة (فن)، والشيخة عائشة خالد القاسمي مدير سجايا فتيات الشارقة.
كما حضر الحفل أيضا خولة عبدالرحمن الملا رئيس المجلس الاستشاري، وراشد أحمد بن الشيخ رئيس الديوان الأميري بالشارقة، واللواء سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، ورؤساء الدوائر وكبار المسؤولين في الدوائر المحلية، ونخبة من المتحدثين والمشاركين ممثلي الحكومات والدوائر الرسمية ومنظمات المجتمع الدولي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة