كلما جاء ذكر وزارة الثقافة فى محفل عام أو خاص، على مدى السنوات الماضية، تكون موضعا للنقد أكثر منها للإشادة، يقول البعض إنها مجموعة من المبانى الصماء التى لا تعرف شيئا عما يدور فى الشارع، ويقول آخرون إنها غير مشغولة باستراتيجية معينة تريد من خلالها مخاطبة المعنيين بدورها، ويقول البعض إنها لا تعرف دورها أصلا.
وأنا لا يمكن لى أن أحكم فى هذا الأمر أو أقول فيه قولا واحدا، لكن مؤخرا عاصرت بداية تجربة جديدة كشفت لى عن أشياء مهمة، التجربة هى أن المجلس الأعلى للثقافة وأمينه العام الدكتور سعيد المصرى طرح خطة لعمل المجلس الأعلى للثقافة خلال السنوات المقبلة، وركز فيها على السنوات الأربع من «2018-2022» والأمر لا يزال فى حيز المناقشة والبحث والتعرف على الآراء البناءة فى هذا الأمر للخروج بأفضل صورة ممكنة.
لكن بداية علينا معرفة أن هذه الخطة المقترحة تبدأ من تفعيل نص القانون 138 لسنة 2017 الخاص بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للثقافة، والذى ينص فى الفقرة الأولى من المادة الثانية على دور المجلس «تخطيط السياسة العامة للثقافة فى حدود السياسة العامة للدولة، والتنسيق بين الأجهزة الثقافية فى أوجه نشاطها المختلفة» ولهذه الفقرة توضيحات مختلفة ومفصلة فى باقى الفقرات الواردة فى المادة الثانية والتى تستلزم تطوير السياسات الثقافية فى إطار الشراكة المجتمعية بين الهيئات الحكومية والأهلية المعنية بالشأن الثقافى العام وفى حدود السياسات العامة للدولة.
وبعيدا عن التفاصيل لأنها لم توضع بعد فى شكلها النهائى، دعونا نتفق على ضرورة هذه الخطة، لأنها تنطلق من تحديد الدور الأساسى للمجلس الأعلى للثقافة ثم السير صوبه، فالمجلس ليس مكانا لإقامة أكبر قدر من الفعاليات، وليس مكانا معنيا بنشر أكبر قدر من الكتب، وليس قائما على فكرة حشد أكبر عدد من المثقفين للجلوس فى قاعاته وليس غرضه النزول إلى الشارع لإقناع الناس بفعالية ثقافية أو فنية، لكن هدفه الأساسى هو العمل على تطوير ومتابعة السياسات الثقافية بالتنسيق مع الهيئات الثقافية الأخرى، وتفعيل خطة وزارة الثقافة فى بعض برامجها ذات الطابع الأعم فيما يتعلق برعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية بالشراكة والتكافل مع كافة الهيئات العاملة فى الشأن الثقافى ودون التدخل فى الجهود والاختصاصات.
طبعا إذا وضح الدور، ثم وضعت الخطة المناسبة للقدرات المتاحة مع فتح الباب لكثير من الطموح، سوف يصبح لدينا مجلس أعلى للثقافة جديدا قادرا على أن يقدم توصيات للوزير المختص والذى بدوره سوف يحولها إلى قرارت ملزمة لهيئات الوزارة المختلفة، ومع متابعة هذه القرارات ومعرفة درجة تحققها ومعالجة ما قابلها من أزمات سوف تصبح لدينا بنية ثقافية مختلفة تتطور وتتحرك إلى الأمام، وستحقق نوعا ما دور الثقافة فى المجتمع.