هناك اتفاق على أن الحل الأمثل للتنمية هو التوسع فى المشروعات الصناعية والزراعية الصغيرة والمتوسطة، خاصة مع وجود اتجاه عام لخفض التوظيف فى الحكومة وأجهزة الدولة والمحليات. وبالتالى فإن توليد فرص عمل يتطلب سياسات واضحة تشجع على الصناعات الصغيرة والمتوسطة التى يمكن أن توفر فرص عمل وفى نفس الوقت توفر على الدولة مليارات يتم دفعها فى سلع يمكن بسهولة توفير بديل محلى لها بسعر أقل وجودة مناسبة، وضربنا أمثلة بعشرات المنتجات الصغيرة التى كانت تنتج فى مصر بجودة كبيرة، لكنها انقرضت وتراجعت وحل مكانها الاستيراد، مثل الزراير والخيوط والمشابك والأقلام والزجاج والجلود وطبعا الملابس الجاهزة.
وبمناسبة الحديث عن جهود جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وشهادات إعداد من الشباب الذين نجحوا بقروض ودعم من الجهاز، يبدو أن أهم خطوة يمكن أن تغير وجه مصر اقتصاديا هى وضع خرائط للتنمية والاستثمار بكل محافظة وطرحها على موقع إلكترونى فعال، وفتح الباب أمام الشباب للتدريب، واختيار ما يناسب من المشروعات، حسب الظروف الجغرافية لكل محافظة، وهناك محافظات ومدن تعانى من غياب أى أنشطة صناعية وتتزايد فيها البطالة، وهذه المناطق بحاجة إلى مضاعفة جهود الجهاز حتى يمكن تشجيع الشباب على العمل فى مشروعات مناسبة جغرافيا، من دون خوف من الخسارة والمطاردة.
ومادام هناك توجه لعدم تعيين موظفين فى جهاز الحكومة يفرض التوسع فى توفير الفرص للشباب ليبدأ عملا خاصا، وأغلب الشباب يكون لديه حماس وإرادة، لكنه يصطدم بالروتين أو يكون غير قادر على تحديد النشاط الذى يمكنه أن يبدأ فيه، وغالبا ما يكون هناك حاجز نفسى لدى الشاب من أن يحصل على أموال القرض وحتى مع انخفاض الفائدة فإن عدم التوظيف الجيد للمال يجعل هناك احتمالا للفشل والتعثر، حيث يجد الشاب نفسه مطالبا بسداد أضعاف ما حصل عليه، وبسبب هذا فشلت فكرة الصندوق الاجتماعى للتنمية فى التسعينيات لأنها قامت على المحسوبية، وغاب عنها العنصر الأهم وهو تقديم المشورة والتدريب لمن يريد البدء فى عمله.
ومن خلال شهادات بعض الشباب الذين نجحوا فى مشروعاتهم بتمويل ومساندة من جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أنهم يحصلون على التدريب، وبعض الشباب لا يكون لديه فكرة عن النشاط الذى يبدأ فيها ويجد لدى الجهاز ما يساعده على بدء مشروعه.
وربما يكون أهم ما يمكن أن يقدمه جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو أن يضع بالتعاون مع وزارة الاستثمار والمحليات، خريطة للأنشطة التى يمكن أن تناسب كل محافظة، حيث تختلف الفرص فى الدلتا عن الصعيد وفى الساحل عن غيره، وفى حالة وضع خريطة للاستثمار فى مشروعات صغيرة ومتوسطة يمكن أن تكون هناك أنواع من الأنشطة يتم فيها تقسيم العمل بين أكثر من طرف، وهو ما نجح فى الصين ودول جنوب شرق آسيا، حيث يتم توزيع المنتج بين عدة أطراف يلتزم كل منها بالجودة، مع وجود تنسيق ومراقبة جودة وتجميع وتسويق.
ولا مانع من أن يكون هناك تقسيم للعمل فيما يتعلق بالصناعات الجلدية أو المنسوجات والملابس الجاهزة أو الأثاث وغيرها، وعندما تكون هناك خرائط للأفكار يمكن الحديث عن عوائد للتنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة