- كاميليا وأباظة وفاروق.. هل فرّق الملك بين الفاتنة والدنجوان؟
-صفق للطفلة شريفة فاضل ومنح قطقوطة 50 جنيها وسهراته سبب تأسيس شركة إنتاج مطرب تاكسى الغرام
هل غار الملك فاروق من وسامة الدنجوان والبلبل الباكى وإعجاب النساء بهما؟
كثيرا ما يتقاطع الفن مع السياسة، وكثيرا ما تختلط حكايات وحياة أهل الفن بأهل السياسة، ويحدث العديد من المواقف والأحداث بين الفنانين والحكام والملوك والزعماء.
وكان الملك فاروق من أكثر حكام مصر تعاملا مع الفنانين وأكثر من وردت عنه حكايات ومواقف مع أهل الفن، سواء بالتشجيع أو القهر أو العشق، وفى التقرير التالى نرصد عددا من مواقف وحكايات الملك فاروق مع فنانى عصره.
الفاتنة الجميلة كاميليا من أكثر الفنانات التى ارتبطت سيرة حياتها ومماتها بالملك فاروق، وأكد الكثير من المصادر عشق الملك وولعه بها، وغيرته من الدنجوان رشدى أباظة لارتباطه بعلاقة عاطفية معها حتى أن والدة رشدى خافت على ابنها من بطش الملك، فأرغمته على السفر إلى روما.
اختلفت الآراء حول تفاصيل حياة كاميليا، كما اختلفت على تفاصيل موتها المأساوى فى عز مجدها وشبابها وجمالها فى حادث سقوط طائرة عام 1950 أدى إلى احتراقها وتفحم جثتها، وأثير العديد من الأقاويل حول كون هذا الحادث من تدبير الملك.
اختلف الكثيرون حول ديانة كاميليا المولودة يوم 13 ديسمبر 1929، حسب مذكرات أمها «أولجا لويس ابنور»، والتى أكدت أنها أرادت أن تكون ابنتها مسيحية مثلها، وليست يهودية على ديانة والدها، فعمدتها فى الكنيسة الكاثوليكية، وأجمعت كل الصحف المصرية على الصلاة على جثمانها فى إحدى الكنائس الكاثوليكية فى حى مصر الجديدة، كما اختلفوا حول سبب موتها وهل كان الحادث قضاء وقدرا، أم من تدبير جهة ما؟ وفى هذا السياق أشيع أن الحادث من تدبير الملك، وأشيع أنها جاسوسة لإسرائيل استنادا لشائعة كونها يهودية.
وأكد الناقد سمير فريد فيما كتبه بمجلة الكواكب تحت عنوان «لغز كاميليا» أن كاميليا رفضت إقامة علاقة غرامية مع أحد كبار الصحفيين وقتها، فأطلق شائعة أنها جاسوسة يهودية لحساب الحركات الصهيونية فى فلسطين.
ووصلت كاميليا للقمة خلال أربع سنوات من 1947 إلى 1950، وأكد العديد من المصادر أن علاقة الحب التى جمعت بين رشدى وكاميليا كانت سبب غضب الملك.
وبحسب ما نشره الكاتب الصحفى والمؤرخ سعيد الشحات فى سلسلة مقالات «ذات يوم»، فإن رشدى أباظة قال فى حوار له مع مجلة الموعد اللبنانية عام 1979: «خافت أمى من نتائج غضب الملك فاروق، فأرغمتنى على السفر إلى روما، وجئت لأودع كاميليا، فقالت لى إنها ذاهبة إلى جنيف بعد أيام لحضور حفلة راقصة، وتواعدنا على اللقاء معا فى روما وهى فى طريق عودتها إلى مصر، ولكن القدر وقف حائلا دون هذا اللقاء، فسقطت الطائرة التى أقلتها من القاهرة، واحترقت كاميليا فوق رمال الصحراء».
وكان أباظة قد تعرف على كاميليا وعمره 27 عاما، بعد أن جمعتهما كواليس أول فيلم بينهما «امرأة من نار»، وحسب حواره مع «الموعد» قال أباظة: «كان الملك فاروق يهاجمنى بالمكالمات التليفونية التى يخفى فيها شخصيته، ويهددنى بالموت إذا لم أبتعد عن كاميليا، وأضاف: «أحبها الملك بجنون، وزاد حبه لها عندما حملت منه، وتصور أنها ستنجب له ولدا يكون وليا للعهد، لأنه كان سيتزوجها رسميا لو أنجبت ولدا، ولكن أمله خاب لأنها أجهضت فى الشهر السادس، عندما وقعت من فوق ظهر حصان».
وفى تصريحات لمنيرة أباظة، شقيقة رشدى أباظة، خلال إحدى الندوات، قالت: «شقيقى كان مرتبطا عاطفيا بالفنانة كاميليا وفى هذا التوقيت كان الملك فاروق يحبها، وحاول جاهدا إبعاد كاميليا عن رشدى»، مؤكدة وجود سر فى وفاة كاميليا التى انفجرت بها الطائرة، وكان وقتها رشدى أباظة مسافرا لإيطاليا.
الملك أجبر عبدالغنى السيد على تطليق زوجته
من القصص الدرامية التى كان طرفها الملك فاروق والمطرب عبدالغنى السيد المولود فى 16 يونيو 1908، ما حكاه ابنه محمد عبدالغنى السيد فى حوار معنا، أكد خلاله أن والده الذى حاز شهرة واسعة منذ أواخر العشرينات وحتى وفاته فى 9 ديسمبر 1962، أجبره الملك على تطليق زوجته رغما عنه.
وكان عبدالغنى السيد حقق شهرة واسعة بسبب نجاح أسطوانته «نسيت ياحبى بعد اللى كان صحيح يادنيا مالكيش أمان»، فى الثلث الأخير من العشرينات، فكان من أوائل الأصوات التى افتتحت الإذاعة بعد الشيخ رفعت وأم كلثوم وعبدالوهاب، وكان يتمتع بوسامة كبيرة مع جمال صوته، مما جعله محبوبا للنساء وحاز لقب البلبل الباكى، وأكد الابن أن مجلة الاثنين أجرت استفتاء عن أحب مطرب لقلوب المستمعين فى أوائل الثلاثينات، ففاز والده بالمركز الأول، ثم عبدالوهاب، ثم صالح عبدالحى، وكانت من أهم أغانيه أغنية البيض الأمارة، وعالحلوة والمرة، وياولا ياولا»، وأكد الابن أن هذه الوسامة والإعجاب كانا سببا فى غيرة الملك فاروق، مشيرا إلى أن أباه تزوج ثلاث مرات، الأولى من إحدى قريباته وأنجب منها بنتين، ولكنهما انفصلا، وبعدها ارتبط عبدالغنى السيد بعلاقة حب مع ابنة وزير وتزوجها.
وأكد محمد عبدالغنى السيد، أنه بعد أسبوع من هذا الزواج أصدر الملك فاروق أمرا بطلاق والده من ابنة الوزير حتى لا تصبح عادة بزواج البسطاء ببنات الأعيان والوزراء، وأن والده اضطر لتطليقها رغم حبه لها.
وقال محمد عبدالغنى السيد: «كان الملك يغار من أبى لوسامته وإعجاب الفتيات والسيدات به، ولم يغن والدى مطلقا للملك»، مشيرا إلى أنه بعد طلاق والده من ابنة الوزير تعرف على والدته وتزوجها وأنجب منها ثلاث أبناء ليلى وإيمان ومحمد ابنه الوحيد.
عبدالمطلب أنقذته ثورة يوليو من معتقلات الملك
أشار محمد نور عبدالمطلب، ابن المطرب الراحل محمد عبدالمطلب، فى حوار معنا، إلى أن ثورة 23 يوليو أنقذت والده من الاعتقال فى عهد الملك فاروق.
وقال ابن عبدالمطلب، إن من أصعب المواقف التى مرت على والده فى بداية الخمسينات عندما عرف من سليمان بك نجيب الذى كان مديرا للأوبرا الملكية أن الديوان الملكى حذف اسمه من حفل كان سيقام فى الأوبرا، فغضب «طلب» وتفوه بألفاظ قاسية فى حق مدير الديوان الملكى، وصدرت الأوامر للقلم السياسى باعتقاله، ولكن الأميرالاى أنسى الهجرسى أبلغ طلب بضرورة الاختباء وعدم الذهاب إلى الكازينو أو إلى منزله، لأن المخبرين ينتظرونه، فاختبأ طلب عند أخته».
وتابع الابن: «شاءت الأقدار أن تقوم ثورة يوليو فى هذا التوقيت، وجاء إلى منزلنا بالحلمية الأميرالاى أحمد أنور، قائد الشرطة العسكرية، واليوزباشا علوى حافظ من الضباط الأحرار، وسألوا على طلب، وأبلغونا بإلغاء أمر الاعتقال، فخرجت معهم بالبيجامة إلى منزل عمتى، وقابلوا طلب وأبلغوه بقيام الثورة وانتهاء حكم الملك ومعه أمر الاعتقال».
سمراء النيل ترفض تقبيل يد الملك
تداولت مصادر كثيرة ومنها الصفحة الرسمية للملك فاروق، قصة جمعت بين الفنانة مديحة يسرى التى حازت لقب سمراء النيل والملك فاروق، وأشارت القصة إلى أن مديحة يسرى تلقت اتصالاً من الفنان سليمان بك نجيب، الذى كان مديرا للأوبرا المصرية وقتها، لدعوتها لحضور حفل بالقصر الملكى لمشاهدة عرض لفريق باليه الأوبرا، فرحبت بالدعوة وكانت المرة الأولى التى تدخل فيها سمراء النيل القصر الملكى.
وصلت مديحة يسرى مبكرا إلى قصر عابدين، وكان من تقاليد الحفل أن يقبل الجميع يد الملك، الذى كان يجلس على كرسى ويمر الجميع من أمامه فيلقون التحية قبل أن ينحنوا لتقبيل يده، وعندما جاء الدور على مديحة يسرى اكتفت بالسلام وحيت الملك قائلة، «أهلا يا مولانا»، ما دفعه لسؤال سليمان نجيب عن اسمها وعملها، فأخبره أنها مديحة يسرى الممثلة الشابة.
وعندما مرت مديحة متجهة لتناول طعام العشاء مع الضيوف لحق بها سليمان نجيب سريعا، وقال لها، «مديحة أنت إزاى تسلمى على جلالة الملك من غير ما تبوسى إيده؟»، فردت: «لو الدعوة مكتوب فيها أنى لازم أبوس إيد الملك مكنتش جيت»، فقال سليمان: «لكن ده العرف وكل الناس عملت كده»، فكان جوابها قاطعا: «أنا لا أقبل إلا يدى أبى وأمى فقط»، وبعد هذا الحوار قررت مديحة يسرى مغادرة القصر فورا، رافضة تناول أى طعام فى قصر الملك.
الملك صفق للطفلة شريفة فاضل فى عوامة زوج والدتها
لم تكن كل المواقف بين الملك فاروق وأهل الفن ساخنة ومشحونة، بل شجع بعضهم ومنحهم دفعة ودعما فى بداية حياتهم، ومن بين هؤلاء المطربة شريفة فاضل التى حازت لقب سلطانة الطرب لجمال صوتها وأدائها شخصية منيرة المهدية، التى أسندها لها المخرج حسن الإمام.
وحكت المطربة الكبيرة صاحبة الروائع التى تعتبر علامات فى تاريخ الطرب، ومنها أغانى: «أم البطل، تم البدر بدرى، فلاح كان فايت بيغنى، حارة السقايين، وآه من الصبر وآه، أمانة يا بكرة، وآه يالمكتوب والليل، مبروك عليك يامعجبانى، دقوا المزاهر» فى حوار معنا عن تشجيع الملك فاروق لها فى طفولتها.
وتحدثت عن بداية حياتها الحافلة بالأحداث، حيث ولدت عام 1938، وهى حفيدة المقرئ أحمد ندا مؤسس دولة التلاوة، واسمها الحقيقى فوقية محمود أحمد ندا، وانفصل والداها، وتزوجت والدتها من إبراهيم الفلكى أحد أثرياء مصر، الذى أطلق اسمه على ميدان الفلكى الشهير.
وأشارت سلطانة الطرب إلى أنها عاشت مع والدتها وزوجها فى عوامة بالنيل، وكان يزور الأسرة كبار الأثرياء ورجال الدولة ومنهم الملك فاروق، الذى استمع إلى صوتها وهى طفلة فصفق لها.
وتحكى بداية طريق نجوميتها عندما سمعها رجل الأعمال الشهير «السيد ياسين» صاحب مصنع الزجاج الشهير، فاقترح على والدتها وزوجها أن تدخل المجال الفنى كمطربة فى فيلم من إنتاجه، وهو فيلم «الأب»، الذى غنت ومثلت فيه وهى طفلة.
وأكدت شريفة فاضل أن زوج والدتها شجعها وألحقها بمعهد التمثيل والإذاعة قبل أن تكمل سن 13 عامًا، وبعدها انطلقت فى مسيرتها الفنية وتعاونت مع كبار الشعراء والملحنين.
أول مكافأة لقطقوطة 50 جنيها من الملك
حققت الطفلة فيروز الشهيرة بقطقوطة شهرة ونجاحا واسعا حتى أطلق عليها لقب الطفلة المعجزة، وكانت أول مكافأة حصلت عليها فى حياتها قبل شهرتها الواسعة مبلغ 50 جنيها منحها لها الملك فاروق بعد أن شاهدها أول مرة.
فالطفلة المولودة فى القاهرة عام 1943، لأسرة أرمنية اسمها الحقيقى «بيروز أرتين كالفيان» وهى أخت الفنانة الاستعراضية المصرية الشهيرة نيللى، وابنة خالتها الفنانة لبلبة.
وكانت بداية اكتشاف موهبتها على يد الفنان اللبنانى «إلياس مؤدب» الذى كان صديقا لأبيها، وألف لها مونولوجا، لتدخل به مسابقة مواهب فى ملهى الأوبيرج الليلى، ويوم المسابقة كان الملك فاروق حاضرا، وأعجب بأداء الصغيرة التى لم يتجاوز عمرها 8 سنوات، فمنحها أول مكافأة فى حياتها، وهى مبلغ 50 جنيها، بما كان يمثله هذا المبلغ من قيمة كبيرة وقتها.
وبعدها التف حولها المنتجون السينمائيون، فاختار الفنان إلياس مؤدب أنور وجدى من بين كل المنتجين ليوقع معه والد فيروز عقد احتكار تتقاضى عنه ابنته ألف جنيه عن كل فيلم، وغير وجدى حرف الباء فى اسمها إلى فاء، ليصبح فيروز بدلا من بيروز، وتقدم الطفلة المعجزة عددا من الأفلام التى حققت نجاحا واسعا.
تأسيس شركة إنتاج صاحب تاكسى الغرام بسببب سهراته مع الملك
ذاعت شهرة المطرب عبدالعزيز محمود بشكل كبير فترة حكم الملك فاروق وبعدها، وقدم العديد من الأفلام والأغانى، وأشهرها: «تاكسى الغرام، منديل الحلو، نجف بنور».
وفى حوار معنا تحدث ابنه هشام عبدالعزيز محمود عن بداية رحلة والده، حيث غنى فى الإذاعة عام 1934، ولحن له مدحت عاصم إيمانًا بموهبته، كما لحن له القصبجى وزكريا أحمد والسنباطى.
وأكد الابن أن والده كوّن الكثير من الصداقات الفنية، واستغل المنتجون شهرته وشعبيته واستعانوا به فى عدد من روائع السينما، مشيرا إلى أن النقطة الفارقة التى انطلقت منها شهرة والده كانت عام 1947، عندما شارك فى فيلم «قلبى دليلى»، وقدّم فيه أغنية «يا نجف بنور».
وأضاف: «كانت بتتحدد مواعيد الأفراح على أساس مواعيده، وأصبح عبدالعزيز محمود نجم شباك بعد نجاحاته المتتالية، كما لحن لنفسه ولغيره من المطربين».
يشير إلى أن والده تزوج 4 مرات، الأولى من خارج الوسط الفنى، وهى مديرة مدرسة، وأنجب منها «حشمت» و«ولاء»، وطلقها بعد 3 سنوات: «لم يكن والدى يستمر فى الزيجة أكثر من 3 إلى 4 سنوات»، والثانية من السيدة اعتدال شاهين، وتنتمى للوسط الفنى، وأنجب منها ابنته «عزة».
يتحدث هشام عبدالعزيز محمود عن قصة ارتباط والده بوالدته، فيقول: «والدتى كانت جارة ليلى مراد وصديقتها، واستعانت بها فى فيلم «غزل البنات» للمشاركة فى مشهد تصوير أغنية «اتمخترى واتمايلى يا خيل»، ورآها والدى وأعجب بها وتقدم للزواج منها».
يشير الابن إلى علاقة والده بالملك فاروق قائلًا: «الملك كان بيحب عبدالعزيز محمود، وسمع صوته بعد الضجة والشهرة الواسعة التى حظى بها، ونشأت بينهما علاقة صداقة، وكانا يسهران معًا، ووقتها أرادت والدتى أن تشغل أبى عن هذه السهرات، ففكرت فى موضوع شركة الإنتاج، واختارت مكانها فى عمارة الإيموبيليا، وهو المكان الذى أقام فيه والدى حتى وفاته».
وتابع: «أسس والدى شركة الإنتاج الخاصة به عام 1951، وأنتج من خلالها 4 أفلام، هى «خد الجميل، مقدر ومكتوب، علشان عيونك، تاكسى الغرام»، وكانت والدتى صاحبة الفضل فى فكرة تأسيس شركة إنتاج أفلام عبدالعزيز محمود».
وأكد هشام عبدالعزيز محمود، أنه على الرغم من محاولات والدته الحفاظ على الأسرة، فإنه وقع الطلاق بينهما، قائلا: «حصلت والدتى على حكم بأكبر نفقة فى مصر فى هذا الوقت، وهو مبلغ 300 جنيه، وكان أعلى من نفقة الملكة فريدة، لكنها لم تنفذ الحكم».