العالم بطبيعته عنيف، يقوم على أساس استعباد الآخر، بل قد يصل الأمر إلى فنائه وقمعه، هذا ما ناقشه كتاب "الماركسية السوداء.. تكوين حراك ثورى للشعوب السوداء" من تأليف سدريك جى.روبنسون، ومن ترجمة عاطف معتمد وعزت ريان، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
الكتاب مرجع أصيل لفهم الجذور التى قامت عليها مشروعات استعباد البشر، والشعب الزنجى بصفة خاصة، فقبل أن يسعى الأوروبيون إلى احتلال أفريقيا وتشويه تاريخها وطمس مكانتها الرائدة فى صنع حضارة الإنسان، كانوا قد سلكوا نفس النهج مع شعوب داخل القارة الأوربية ذاتها، ولعل التجربة الأيرلندية خير مثال على ذلك.
يأخذنا الكتاب إلى رحلة حزينة مع الإنسان الأسود الذى تم تسخيره واستعباده لخدمة آلة الثراء الغربى، حيث يضع يده على المدن الأوروبية التى أصبحت كبريات المدن فى العالم اليوم، وكشف كيف قامت على الاتجار بالبشر الأفارقة، فيأخذنا الكتاب إلى عالم البحر الكاريبى والبرازيل وأمريكا الشمالية ليعطينا نماذج لا تُنسى من قصص الكفاح والمعاناة والصراع والنجاح للإنسان الزنجى.
ويرد هذا الكتاب الاعتبار إلى دور الإنسان الأفريقى فى مسيرة الحضارة البشرية، ويدفعنا إلى الاستفادة من تجربته الأليمة فى استلهام روح من قدموا التضحيات من أجل رفع الظلم والمعاناة عن بقيه البشر، ويذكرنا بضرورة التحريض الثورى ضد التوحش الرأسمالى والسعى إلى الفردوس المفقود ألا وهو العدالة الاجتماعية.
المؤلف سيدريك روبنسون، برفسور ذو أصل أفريقى يعمل بجامعة سانتا بربارا فى كاليفورنيا بالولايات المتحدة، وتدور أبحاثه حول حركة المقاومة السوداء المناهضة للاستغلال والرق والاستعمار والعنصرية، ونشر عددا من الأعمال الفكرية الرائدة عن الفكر الماركسى وتطبيقاته.
ويقول الكتاب تحت عنوان "تكوين أوروبا" كان الأساس الاجتماعى للحضارة الأوروبية يرجع إلى من أطلق عليهم الرومان اسم "البرابرة". فقبل القرن الحادى عشر أو الثاني عشر، كان استدام المعنى الجمعي لمصطلح "بربرى" يدل على الاستعباد أكثر مما يدل على أى دلالة لوجود نسيج متماسك وقوى يجمع تلك الشعوب المسماة "برابرة" وكان هذا المصطلح يشير إلى أن "البرابرة" لهم أصولهم التاريخية المعزولة عن المجال المتحضر للقانون الروماني والنظام الاجتماعى الإمبراطورى الرومانى القديم".