لا يفرق نظام الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، بين مريض وعفى، ولا بين شاب وعجوز، ولا بين كبير ورضيع، فالجميع سواسية فى الظلم والاضطهاد، فوفقا لمعلومات "المركز العام لحقوق الإنسان" التركى "IHD"، يتواجد فى السجون التركية 1154 سجينا مريضا بينهم 402 فى حالة حرجة للغاية.
وتناول المركز قصة أحد هؤلاء المساجين الذين يعانون حالة صحية حرجة، وهى سيدة عجوز تدعى "سيسا بينجول" تجاوزت الـ 85 من عمرها، وتم اعتقالها منذ عامين ووضعت بمعتقل مدينة "طارسوس" بسبب آرائها السياسية ضد نظام أردوغان، وتعانى من أمراض فى المعدة والسكر والربو والضغط.
العجوز التركية المعتقلة بسجون أردوغان
وجاء فى التقرير المعد من طرف المستشفى الحكومى المتعلق بالحالة الصحية لبينجول أن حالتها الصحية لا تسمح لها بالبقاء فى السجن، لكن مؤسسة الطب الشرعى بإسطنبول رفضت تلك التوصية متحججة أن بقاءها فى السجن لا يشكل خطرا على حياتها، وذلك على الرغم من أنها لا تستطع مواصلة حياتها بدون الحصول على دعم المعتقلات الأخريات فى قضاء احتياجاتها.
سجن فى تركيا
وقالت المسئولة المحلية لجمعية حقوق الإنسان دورا شكار، إنها التقت بالمعتقلة بينجول فى السجن وأنها استمعت إلى معاناتها، مؤكدة أنها لا زالت تقبع فى السجن رغم أنها تجاوزت 85 عاما منذ عامين، وطالبت بإطلاق سراحها وذلك لحاجتها إلى الرعاية بسبب تقدم سنها.
وسردت شكار ملاحظاتها أثناء مقابلتها لبينجول قائلة: "التقيت بالمعتقلة سيسا بينجول، وهى كانت تبدو أكبر من عمرها رغم أنها من مواليد 1942 فى طبقا لوثيقة الأحوال المدنية، ولاحظت أنها لم تكن تتذكر أسماء ابنيها، ولما سألتها عن اسم ابنتها أجابتنى باسم قريتها"، مضيفة: "لاحظنا أنها لا تكاد تسمع ما يقال، وكانت تعيد ما وقع لها فى القرية باستمرار، وتتكلم باسترسال، وبعد مدة قصيرة كانت تجد صعوبة فى التنفس وتتعرض للإغماء، وبعد أن روحنا عنها بكأس من الماء بدأت تبكى وتعيد قصتها من جديد".
وأفادت شكار أن إطلاق سراح بينجول لا يشكل أى خطر على الأمن الاجتماعى وأن إبقاءها داخل السجن يجرح المشاعر وأنها لا يتم إطلاق سراحها لكونها معتقلة سياسية.
700 رضيع بالسجون التركية
وفى السياق نفسه، كان قد كشف النائب البرلمانى عن حزب الشعوب الديمقراطى الكردى المعارض فى تركيا عمر فاروق جرجيرلى أوغلو، إن انتهاكات عديدة تشهدها السجون فى تركيا، لافتا إلى وجود نحو 700 طفل رضيع بالسجون، يعيشون فى ظروف سيئة للغاية.
وأوضح جرجيرلى أوغلو النائب عن مدينة كوجالى فى تصريحات له نقلتها وسائل إعلام تركية، أنه تلقى 200 طلبا من داخل السجون حول انتهاكات حقوقية، مؤكدا أنه قام بإيصالها إلى لجنة فحص حقوق الإنسان بالبرلمان التى يتمتع بعضويتها.
اطفال تركيا وراء القضبان
وزعم جرجيرلى أوغلو أن لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان لم ترد على طلباته إلا بعد 3 أشهر، مشيرا إلى أن الرد كان: "عندما يتم تشكيل لجنة فرعية للمحكومين والمعتقلين داخل كيان اللجنة عندها سيمكن معاينة السجون".
وعرض جرجيرلى أوغلو نماذج من حالات انتهاك الحقوق التى تحدث داخل السجون التركية، قائلا: "إن السجون التركية تضم 700 طفل رضيع، يعيشون فى ظروف سيئة للغاية. السجون ليست مكانا مناسبا للأطفال الرضع. من المستحيل أن يتمكنوا من التمتع بحياة الطفولة وراء القضبان الحديدية. فالطعام يأتى بشكل مخالف لقواعد النظافة. هناك انتهاكات لحقوق الإنسان كبيرة".
18 ألف سيدة بالسجون
وتضم السجون التركية ما يزيد عن 18 ألف سيدة، لم يتم تحديد تاريخ محاكماتهن أغلبهن بعد، فضلا عن عدم معرفة حيثيات التهم الموجهة إليهن حتى الآن، حسب السياسى المعارض التركى.
وأوضح جرجيرلى، أن هناك ادعاءات مخيفة حول حالات انتهاك حقوق الإنسان داخل السجون التركية، مطالبا لجنة حقوق الإنسان فى البرلمان بالتدخل الفورى.
ومن حين لآخر تنظم مؤسسات حقوقية فعاليات خارج تركيا لتسليط الضوء على الأطفال الذين يقبعون مع أمهاتهم داخل السجون فى تركيا.
وكان حزب الشعوب الديموقراطى الكردى تقدم بمشروع قانون فى الدورة البرلمانية السابقة لإنقاذ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-6 سنوات الموجودين داخل السجون التركية بصحبة أمهاتهم لكنه لم يُقر، وينص مشروع القانون على تأجيل العقوبة الموقعة على الأمهات إلى حين بلوغ الأطفال والرضع سن 6 سنوات.
175 صحفيا معارضا بسجون أردوغان
وفى سياق القمع الذى يرتكبه نظام أردوغان ضد المعارضين له، كشفت تقارير إعلامية تركية أن السجون فى تركيا تضم العشرات من الصحفيين والكتاب بين محتجز ومعتقل، فضلا عمن تجرى معهم تحقيقات بسبب كتاباتهم.
وتمارس تركيا القمع والضغط على الأكاديميين والصحفيين الذين ينتدون نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية، وباتت محاكم تركيا تعج بقضايا التعبير عن الرأى المختلفة.
وحسب الإعلام التركى، تضم السجون التركية حتى 22 سبتمبر الماضى، ما لا يقل عن 175 صحفيا وعاملا بوسائل الإعلام المختلفة، صدر بحقهم مذكرات اعتقال أو صدر فى حقهم حكم قضائى.
وكان قد صنف مؤشر منظمة "صحفيون بلا حدود" حرية الصحافة فى تركيا لعام 2017 فى المرتبة 155 من بين 180 دولة، مشيرا إلى أن انتقاد الحكومة التركية، والعمل فى مؤسسة إعلامية، محط شبهات والتواصل مع مصادر حساسة أو استخدام تطبيق مراسلات مشفرة تسبب فى اعتقال الصحفيين فى تركيا بتهمة الإرهاب.
إنفاق هائل عل بناء السجون
وتجاوز الإنفاق الحكومى التركى على قطاع السجون 21 مليار ليرة تركية فى السنوات الثلاث الأخيرة، متجاوزة المخصصات الحكومية على الخدمات التعليمية بنحو 5 أضعاف.
وكشف تقرير تقييم الإحصاءات المالية لعام 2017 الماضى، الصادر عن مجلس المحاسبات التركى، أن إجمالى النفقات الحكومية السنوية تجاوز تريليون ليرة تركية، مشيرا إلى حدوث زيادة فى الإيرادات العامة خلال العام الماضى مقارنة بالعام السابق له، بسبب تراجع مساعدات الخدمات الاجتماعية وزيادة المحفظة الضريبية.
سجون تركيا
وفى القسم الخاص بالخدمات الإدارية فى قطاع السجون فى تقرير تقييم الإحصاءات المالية، تبين أن إجمالى مصروفات عام 2015 نحو 5 مليارات و 671 مليونا و161 ألف ليرة تركية، وفى عام 2016 نحو 6 مليارات و706 مليونًا و833 ألف ليرة تركية، بينما بلغت مصروفات قطاع السجون فى العام الماضى 8 مليارات و967 مليونًا و189 ألف ليرة تركية، ليصل بذلك إجمالى السنوات الثلاث 21 مليارًا و345 مليونًا و183 ألف ليرة تركية.
ويتزايد عدد المعتقلين فى تركيا خلال العامين الماضيين، على خلفية الحملات الأمنية الموسعة التى انطلقت فى أعقاب تحرك الجيش التركى عام 2016.
وهناك نحو 235 ألف معتقل فى تركيا صدر بحقهم أحكام قضائية، بحسب وزير العدل عبد الحميد جول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة