وائل السمرى

محاكمة عسكرية للخونة «ثقافيا»

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرون ينظرون إلى الثقافة نظرة رفاهية، كثيرون يعتبرون الحديث عن الوعى باعتباره مثل الزوائد الجلدية التى يجب أن نهذبها بالمبرد، أن نقصها بالمقص، كثيرون يعتبرن الفن من «الكماليات» غير مدركين أن مصر حينما حاربت حاربت بالفن قبل السلاح، وأن الصراع الحقيقى ليس على الأرض أو الثروات وإنما على «الهوية».
 
من هنا أشعر دوما بأن التقصير فى العمل الثقافى «خيانة» كاملة الأركان، تستحق محاكمة وطنية عاجلة، تمام كما يحاكم الجندى الذى يتسبب فى ضياع سلاحه محاكمة عسكرية، يحب أن يحاكم كل من يفرط فى حق بلده الثقافى والوجدانى، فالدفاع عن ثقافة مصر هو دفاع عن حدودها فى الروح، عن مواردها المعنوية، عن صورتها فى الأذهان التى تترجم اقتصاديا واستثماريا وحضاريا فى العالم كله، فلا شىء أقسى على بلد من الذهاب إلى التلاشى، من المحو من الذاكرة، من الابتعاد عن الاهتمام العالمى، وقد ميز الله مصر بأبناء مخلصين أسهموا بإنجازاتهم التى نعدها اليوم تراثا أو آثارا فى وضع مصر على خارطة العالم، فلماذا لا نحافظ فحسب على ما منحنا الله إياه؟
 
من هنا أيضا لى أن أتساءل: أين المشروع الثقافى الذى يتبناه كل قطاع من قطاعات الثقافة، فقد كان الوزير الأسبق «فاروق حسنى» وزيرا حقيقيا رائدا ومخططا وعالما برغم ما كان يثيره من جدل، والسر وراء نجاح فاروق حسنى وإنجازاته التى يشهد لها الجميع هو أن كان يتبنى مشروعا حقيقيا فى كل قطاع من قطاعات الوزارة، فى المجلس الأعلى للثقافة حدث فى عهده المشروع القومى للترجمة، وفى المسرح أسهم فى تطوير العديد من المسارح وإنشاء الأخرى، بالإضافة إلى ابتكاره لـ«مركز الإبداع» ومهرجان المسرح التجريبى والرقص الحديث، وفى الفنون التشكيلية أنشأ سمبوزيوم أسوان الذى أخرج لنا عشرات النحاتين الأصلاء، كما أنشأ صالون الشباب الذى يعد المشكل الأول للحركة الفنية الآن، وفى صندوق التنمية الثقافية تولى تطوير وإنجاز عشرات المشاريع التى أضاءت المنشآت الأثرية بنور الفن بعد ترميمها وتجهيزها، وفى هيئة الكتاب أنشأ مشروع مكتبة الأسرة التى نعيش على ذكرها حتى الآن، وفى الأوبرا أنشأ الأوبرا ذاتها فى مقرها الحالى، كما أعاد أوبرا دمنهور ومسرح سيد درويش إلى الوجود وأعاد البريق لمعهد الموسيقى العربية وأنشأ متحف الموسيقى العربية ومتحف محمد عبد الوهاب، وفى قصور الثقافة أنشأ مشروع النشر الإقليمى كما بنى عشرات القصور، وفى الآثار حدث ولا حرج، فلولاه لكانت غالبية آثارنا الآن كوم تراب ناهيك عن مشروعيه «الأكبر والأهم» فى تاريخنا الحديث وهما مشروع تطوير شارع المعز، ومشروع المتحف المصرى الكبير.
 
من هنا نتأكد من أن الثقافة مشاريع، يلتف الجميع حولها ويثار من أجلها المعارك، فننير طريقا ونرسم مستقبلا ونحفظ وجودا، وللأسف نحن حتى الآن لم نقترب من هذه الأفكار أو من أشباهها، وفى اعتقادى أن مثل هذه المشاريع حمل ثقيل على أى وزير، لكن كلى ثقة فى أن الوزيرة الفنانة «إيناس عبدالدايم» تستطيع.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة