من الكتب المهمة التى صدرت عن المركز القومى للترجمة خلال السنوات الماضية "مشروع ترجمة الوثائق السرية الإسرائيلية عن حرب أكتوبر 1973" والذى صدر تحت عنوان "انتصار أكتوبر فى الوثائق الإسرائيلية" هو مخصص لوثائق الحكومة ووزرائها، وقد خرج المشروع فى ثلاثة أجزاء.
وشمل الجزء الأول من الكتاب شهادات هامة لجولدا مائير، رئيسة الحكومة، كما تضمن شهادات لكبار رجال الدولة الإسرائيلية اّنذاك، وتضمن شهادات سكرتير رئيسة الوزراء، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، وزير الدولة للإعلام، وزير السياحة، رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلى.
وتطرح مادة الكتاب سؤالا من شقين، الأول هو لماذا صممت السلطات الاسرائيلية على حجب الوثائق لمدة أربعين عامًا؛ والثانى، ولماذا تعمدت حذف بعض الكلمات أو الأسطر والفقرات من الوثائق التى نشرت، فنحن أمام مادة جديرة بالبحث المتعمق من جانب المثقفين والإعلاميين والباحثين فى الشئون السياسية والعسكرية وشئون المخابرات لكشف أبعاد الانتصار المصرى وأعماق الهزيمة الإسرائيلية.
وفى المقدمة قال الدكتور إبراهيم البحراوى، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس، وصاحب فكرة هذا المشروع الوثائقى، عن مدى الصعوبة التى واجهته للحصول على نصوص الوثائق، والتى نشرها أرشيف الجيش الاسرائيلى باللغة العبرية، وذلك لما تمثله تلك الوثائق من حق وطنى وتاريخى للأجيال الجديدة، حيث حجب الإسرائيليون أهم هذه الوثائق لمدة أربعين عاما ليخفوا حقائق الانتصار المصرى ويحفظوا معنوياتهم من الانهيار، ولم يكتفوا بذلك بل إنه عندما نشر أرشيف الجيش الإسرائيلى الوثائق على موقعة الإلكترونى قام فى الوقت نفسه بوضع عقبات فنية تحول دون الاطلاع عليها بسهولة بالنسبة للباحثين المصريين تحديدا، وتمكن فريق من خبراء المواقع الإلكترونية من التغلب على هذه العقبات.
وشارك فى ترجمة الوثائق، الدكتورة منى ناظم، والدكتور سعيد عبد السلام العكش، والدكتور منصور عبد الوهاب، والدكتور أشرف الشرقاوى، والدكتور بدوى محمد ماضى، ومصطفى الهوارى، وعادل مصطفى، وسعد عبد العزيز سليمان، وحسن عبد البديع، وعبد الله حمدى.
ويتناول الجزء الثانى وثائق لشهادات وزير الدفاع الإسرائيلى وقادة الأسلحة والجبهة السورية، بإشراف ومراجعة ودراسة إبراهيم البحراوى.
أما الجزء الثالث فتم تخصيص هذا الجزء لوثائق التحقيق مع قائدين عسكريين مهمين، الأول هو الجنرال الياهو زاعيرا رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية الذى كان مسئولا عن إجراء البحوث والتقديرات حول احتمالات قيام العرب بشن هجوم عسكرى، وقد أطاحت به الهزيمة من منصبه بتهمة التقصير، أما الثانى فهو الفريق دافيج العازار رئيس هيئة الأركان بالجيش الإسرائيلى، والذى انتهت التحقيقات إلى الإطاحة به هو الآخر من منصبه.
وترجع أهمية دراسة الوثائق إلى أن كثيرا من المعلومات المتداولة فى الإعلام حول الهزيمة العسكرية والصدمة الإسرائيلية ونجاح خطة الخداع الاستراتيجى المصرية ترد مستندة إلى وثائق رسمية تجعل المعلومات حقائق نهائية، وتجعل الروايات تاريخا موثقا أمام الأجيال الجديدة غير قابل للنفى أو الإنكار من جانب المصادر الإسرائيلية، فإن هذه الوثائق تدحض الادعاء الإسرائيلى حول نتيجة الحرب وتكشف أبعاد الهزيمة الكاملة فى ميدان القتال أمام الجيش المصرى.
وعلى الرغم من مرور 44 عاما على الحرب، فقد قرر رئيس الوزراء الإسرائيلى حجب عدد لم يحدد من الوثائق مستندا إلى أن القانون يسمح له بمد فترة حظر نشر وثائق الدولة إلى خمسين عاما، ومن هنا فإن الميل إلى اخفاء أمور بعينها يمتد فيما بعد إلى بعض أجزاء الوثائق التى أفرج عنها، حيث سيلاحظ القارئ وجود مواقع حذفت بواسطة الرقابة العسكرية الإسرائيلية من الوثائق المفرج عنها.
ونورد هنا جزءا من التحقيقات التى تمت مع موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، والتى وردها الكتاب فى الجزء الثانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة