وائل السمرى

المشروع القومى لإعمار عقول أطفالنا

الأحد، 07 أكتوبر 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس تناولت غياب مصر عن خارطة صناعة الإعلام الموجه للطفل، التى للأسف يتولاها حفنة من أصحاب القنوات الخاصة التى ترفع شعار «الاسترخاص» فى صناعة مادتها الإعلامية، وبالتالى يهرب أطفالنا صوب القنوات الأجنبية أو العربية، التى لا أعد مشاهدتها عيبا فى حد ذاتها، لكنى أعد غيابنا هو العيب كله.
 
هنا أتوجه إلى الدولة المصرية بأهمية الاتجاه نحو صناعة عقل الطفل المصرى، وفى الحقيقة، فإن المسرح المدرسى ضرورة لخلق جيل واع، فنحن نريد أن يكون أطفالنا متفتحين ونريدهم صادقين، ونريدهم ماهرين، ونريدهم متجانسين، ونريدهم أسوياء، ونريدهم متأدبين، ونريدهم مستعدين للحوار، ونريدهم منتمين، ونريدهم فاعلين، ونريدهم متحدثين لبقين، ونريدهم سعداء.
 
نريد كل هذا وأكثر، ولا أجد أبلغ من «المسرح» لتحقيق هذه الأمنيات وزرعها فى وجدان أطفال مصر بطريقة انسيابية لا تحمل خشونة التوجيه ولا فظاظة التلقين، ففى المسرح، يقرأ الطفل، ويغنى، ويتعلم أسس المشاركة، ويتعلم أساسيات النطق الصحيح، يكسر حاجز الرهبة من المجتمع، ويفتح لروحه نافذة لتعبر عن نفسها، يتعلم أين يتكلم، ويتعلم متى يصمت، ويوقن بأن الحياة أدوار وما عليه إلا إجادة دوره، يتعلم كيف يشعر بالكلمات، وكيف يتقمص الإحساس، يتملك مهارات الإحساس بالآخر، وتتسرب إليه «روح الفريق»، فيعرف أن الحياة كل متكامل، تتعاون فيه الموسيقى مع الإضاءة مع الديكور مع الأداء مع الإيقاع مع أعضاء الفريق فى إخراج لوحة متقنة تبهر الناظرين والسامعين، فى المسرح تتسع العين وتتعلم كيف يتوزع الانتباه إلى مسارات متعددة، فتتضافر الحواس كلها فى الإرسال والاستقبال، وتتعلم النفس مسارات الدراما، فتعرف أن لكل ابتداء انتهاء، ولكل سبب نتيجة، ولكل علة أثر، فيحسب الواحد خطواته فى الحياة وهو مدرك تمام الإدراك أن الغد لا يأتى فجأة وأن يوم الحاضر هو الأب الشرعى لمستقبلك وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.
 
من هنا تأتى أهمية الدعوة للاهتمام بالمسرح المدرسى فى كل المراحل التعليمية لما فى هذا فائدة كبيرة على الفرد والمجتمع فى آن، وللأسف فإن ما تقيمه وزارة التربية والتعليم من أنشطة مسرحية على أهميتها لا تكفى فى بناء شخصية قويمة ومتفتحة وقوية، وذلك لأن معظم هذه «الأنشطة» يتم بشكل غير احترافى وعلى يد «مدرسين» يفتقدون أبجديات العمل المسرحى، ولهذا كله يجب أن تتدخل وزارة الثقافة فى صناعة العملية المسرحية فى المراحل التعليمية المختلفة، فوزارة الثقافة بها مئات أو قل آلاف المخرجين والمبدعين المسرحيين الذين يتقاضون مرتباتهم كل شهر من الحكومة المصرية دون أن يعملوا، وإذا عملوا فإن عملهم لا يتجاوز الشهر الواحد فى السنة، وإذا تمت الاستعانة بهؤلاء المبدعين العاملين فى الحكومة الذين يتقاضون مرتباتهم «بالفعل» شهريا فى صناعة نهضة مسرحية فى مدارسنا، فإننا بهذا القرار سنكون قد صنعنا حالة ثقافية عظيمة الأثر فى الأجيال القادمة، كما سنكون قد قدمنا بديلا حضاريا راقيا للغثاء الذى يملأ إعلامنا وتليفزيوناتنا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة